يتوافد إلى البلاد هذه الأيام أكثر من مبعوث دولي للسلام في محاولة يراها المراقبون بأن السودان أصبح على المحك وأن المجتمع الدولي جاء ليطمئن على ترتيبات انفصال آمن بات مؤكداً للجميع، وأكد خبراء مصريون أن المجتمع الدولي يريد أن يؤجل حل أزمة دارفور لما بعد الاستفتاء، ليضمن وقوع انفصال الإقليم على غرار الجنوب، ولكنهم أكدوا في هذا الصدد إدراك الخرطوم لهذه المخططات بإرسالها إشارات بأنها لم تقف أمام انفصال آمن للجنوب إذا أراده الجنوبيون، وأنها في ذات الوقت تسرع لحل الأزمة الدافورية إدراكا منها للمخططات الدولية لتمزيق البلاد. رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية «هاني رسلان» أكد أن وفود المبعوثين الدوليين للسلام للخرطوم في هذا التوقيت أمر طبيعي لأن السودان يمر بمفترق طرق خطير. وقال «رسلان» ل «الأهرام اليوم» إن المطالبة الثانية من الجنائية للرئيس البشير أضافت عنصراً بالغ التعقيد، وأنه من الطبيعي هذا النوع من الحراك والاهتمام نحو الخرطوم، فكل دولة لها مصلحتها. وأضاف أن أهم المبعوثين هو الأمريكي «سكوت غرايشن» وأن أمريكا خطتها نحو السودان هذه الأيام هي الوصول إلى الاستفتاء بسلام، مبينا أن الخطة الأمريكية نحو دارفور بدأت تتراجع على عكس الجنوب، وقال إن إدارة أوباما متعارضة ومتناقضة تجاه السودان فهي تؤيد الجنائية، وفي نفس الوقت لا تؤيد التنفيذ الفعلي لقراراتها لأن ذلك ليس في مصلحة السودان، ولا في مصلحة أمريكا نفسها. ويستطرد هاني: كل الاستراتيجيات الدولية وكل أساليب الاقتراب نحو الخرطوم سوف يعاد النظر فيها من أجل الوصول إلى نقطة مشتركة بعد قرار الجنائية. الخبيرة بمركز الأهرام الإستراتيجي «د. أماني الطويل» أكدت أن توافد أكثر من مبعوث دولي للسلام في الخرطوم في هذا التوقيت يعكس أن المجتمع الدولي أصبح مدركا لعواقب الإستفتاء في ضوء خلافات شريكي الحكم بالبلاد. وقالت «الطويل» ل «الأهرام اليوم» إن اضطراب البيئة السياسية في السودان وترشيحها لحالات عدم الاستقرار في ظل نتائج الاستفتاء وما سيسفر عنه وربما ميلاد دولة جديدة في جنوب السودان سيكون له ما بعده على الوضع الإقليمي في أفريقيا وعلى المنطقة بأكملها. موضحة أن المبعوثين الدوليين للسلام في السودان ستكون لديهم أجندتان إحداهما أساسية وتتعلق بمستقبل السودان والعلاقة بين شريكي الحكم، والأجندة الثانية فرعية تتعلق بالعلاقات الثنائية بين بلد المبعوث والخرطوم في ضوء المصالح المشتركة. وتوقعت الطويل أن الأجندة الرئيسية للمبعوثين الدوليين للسلام يتفق حولها المجتمع الدولي لتحقيق استقرار السودان، أو طلاق آمن بين الشريكين يمنع المواجهات فيما لو حدث إنفصال. أما المحلل السياسي المصري والخبير بالشأن السوداني «محمد جمال عرفة» فيرى أن كل دولة لها مصالحها الخاصة في السودان سواء الولاياتالمتحدة أو فرنسا أو الصين، مضيفا أن الأمريكان يهمهم الجنوب واستراتيجيتهم نحو السودان هي الوصول لانفصال آمن والحديث بهدوء عن ترتيبات مابعد الاستفتاء، أما فرنسا فتنصب مصالحها على دارفور التي تريد أن تحل على غرار الجنوب، مبيناً أن المجتمع الدولي الآن يحاول الضغط على الخرطوم لترك حل أزمة دارفور لما بعد استفتاء الجنوب، وقال إن الخرطوم مدركة لما يهدف إليه المجتمع الدولي ولذلك جاءت تصريحات مسؤوليها بأن السودان لو حدث انفصال سيكون آمنا، أما في ما يتعلق بدارفور فهناك إدراك بأن تحل قبل الاستفتاء حتى لايحدث لها مثلما يحدث بالجنوب.