أصبح من المألوف جداً أن تقابلك عند كل منعطف من الشوارع الرئيسة سيارة باللون البرتقالي والأحمر الفاقع متوقِّفة وعليها ديباجة مكتوب عليها (تبرّع بقطرة دم) فتحثُّك خُطاك على فعل الخير إذ الكل يريد أن يقوم بعمل إنساني تجاه شخص ما يرقد بين الحياة والموت. ففي كل رأس ثانية هناك مريض يُصارع من أجل البقاء يحتاج لقطرة دم تسري في شرايينه ليعود معافى للحياة من جديد. إنها سيّارات حملة التبرُّع الطوعي بالدم مُعدة ومُجهزة تحمل شعار(قطرة دم = الحياة) فقطرة دم منك ربما تكون حياة جديدة لإنسان آخر. «الأهرام اليوم» التقت طاقم الحملة لمعرفة من أين نبعت الفكرة التي أعطت المرضى أملاً في حياة جديدة، وكيف كانت بداياتهم والصعوبات التي واجهت الحملة من أجل تحقيق هذا المقصد فماذا قالوا؟! أوضح د. يوسف عثمان قائلاً: إن فكرة توفير الدم نسبة للحاجة إليه هي فكرة مُتّبعة عالمياً، وفي السودان بدأت منذ عام 2005 وهي تابعة لوزارة الصحة الاتحادية وتمت دراسة المشروع قبل البدء في تنفيذه وفي تلك الفترة لم تكن حملات التبرُّع بشكل منتظم حيث كانت أسبوعية حتى تطوّر المشروع وأصبحت الحملات يومية. مضيفاً أنهم كانوا يمتلكون سيارتان فقط أما الآن أصبحت ست سيارات موزعة على أجزاء العاصمة. وواحدة في ولاية الجزيرة. قائلاً إن السيارات هي عبارة عن وحدات لنقل الدم مجهزة بجميع الأدوات الطبية ومهيئة لراحة المتطوّع والطبيب. وقال إنهم دائماً ما يتواجدون في الأماكن الأكثر اكتظاظاً بالناس مثل الأسواق والمواقف وبالقُرب من الجامعات. كان الهدف من المشروع هو توفير أكبر قدر من الدم للحاجة إليه خاصة لأقسام الطوارئ بجميع المستشفيات والسعي لتوفير مجانية الدم وتوفير الفصائل النادرة، مضيفاً أنهم يحاولون جاهدين القضاء على التبرُّع الأسري من أهل المريض واصفاً هذا النوع من التبرُّع بغير الآمن عكس ماهو متوفر في التبرُّع الطوعي حيث يقوم المتبرِّع بملء استمارة لمعرفة حالته الصحية إذا كان يُعاني من أي مرض وهل يصلح لأن يكون متبرعاً أم لا. موضحاً أن الشخص المتبرِّع لابد أن تتوفر فيه عدة شروط، فيجب أن يكون سليماً ومعافىً وليس لديه أي أمراض مزمنة مثل السكري، ضغط الدم، أمراض القلب، اليرقان، ولم يتعرّض لإجراء أي عملية جراحية أو إصابة بالأنيميا أو إلتهاب الكبد الوبائي أو أُصيب بأمراض الغدة الدرقية أو نقص الحديد أو إصابة بأمراض وراثية وأمراض نزف الدم وألا يستعمل مكيفات قبل ساعتين من التبرُّع وألا يقل وزنه عن 50 كيلو ولايزيد عمره عن 60. وأضاف د. يوسف أن الشخص المتبرع لا يتعرض إلى أي مخاطر صحية بل على العكس فهو يقوم بتجديد دمه خلال فترة قصيرة تتراوح بين 20 يوماً بدلاً من 120 يوماً ويساعد في تنشيط خلايا نخاع العظام وتجديد نشاطها ويخلِّص جسمه من الحديد الزائد في الدم والذي بدوره يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب ويكون المتبرِّع أقل تعرُّضاً للأصابة بأمراض الدورة الدموية وسرطان الدم. فالمتبرِّع الواحد يُنقذ حياة 4 أشخاص لأنه يتم فصل مكونات الدم. فكريات الدم الحمراء يحتاجها مرضى الأنيميا والبلازما ويحتاجها مرضى الحرائق والصفائح الدموية، ويحتاجها مرضى السرطان والراسب الأبيض يحتاجونه لتجليط الدم. مشيراً إلى أنه بعد أخذ الدم من المتبرِّع يتم وضعه في ثلاجة حتى لا يتأثر بعوامل الطقس الخارجية ويتم نقله إلى المعمل قبل أن يتم ساعتين ليتم فحصه فإذا كان فاسداً يتم اتلافه فوراً مع مراعاة استعمال الأدوات مرة لكل شخص متبرِّع ثم يتم إتلافها. وفي السياق أكدت د. شيرين الحاج أن وجود بعض الأعراض الجانبية للمتبرِّع قد يشعر ببعض الغثيان أو دوار ودوخة وانخفاض الضغط ولكن بعد أن يتناول المتبرِّع بعض السوائل يعود إلى حالته الطبيعية خلال ساعات ولا يتأثر بشيء. ويجب مراعاة ألا يتناول المتبرِّع أي من المكيفات إلا بعد ساعتين. وأضافت أن التبرُّع الطوعي بالدم وفّر نسبة كبيرة من حاجة المستشفيات للدم مناشدة الشباب أن يتبرعوا بالصفائح لأن لها حاجة ماسة وليست متوفرة بكميات كبيرة. ومن جانبه أكد د. يوسف تغطيتهم لجميع أنحاء العاصمة وأن هنالك خطة مستقبلية للانتقال إلى جميع ولايات السودان لأن هناك شباب تملأهم المروءة والشهامة لفعل الخير وجدانهم يتبرعون بدمائهم لإنقاذ حياة الآخرين. وقال ناجي محمود (متبرِّع): إن فكرة التبرُّع بالدم من خلال السيارات المتحركة هي فكرة جميلة لأن الشخص يعجز عن الذهاب إلى المستشفي ومن خلال التبرُّع نساعد المحتاجين الذين لا يتوفر لهم دم كافٍ وهو عمل إنساني لذلك أدعو كل الشباب للتبرُّع بالدم لمساعدة الآخرين.