صدق من قال نمشي على كف القدر ولا ندري بالمكتوب، كلفتني الصحيفة ليلة الثلاثاء بتغطية فعالية افتتاح سد مريدي القابع في تلك المدينة الساحرة التي كانت قبلة للشعراء والأدباء والفنانين وفي الأغنية الوطنية الشهيرة للفنان الكبير صلاح بن البادية جاءت المفردة الرائعة (من مريدي السمحة نفحة) في (نبني مجدك يا بلادي).. المدينة التي صاغ فيها اجمل الألحان الموسيقار الكبير والفنان بشير عباس. كان الحدث الأنيق الجميل الكبير أحد بشريات الوحدة والسلام هو افتتاح سد مريدي بصحبة نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه. لم أتردد في انجاز المهمة رغبةً مني في أن أشاهد تلك المدينة الفاتنة (مريدي) التي لم أحظ بالسفر إليها فيما ظللت أسمع عنها الكثير. استيقظت مبكراً وتوجهت إلى مطار الخرطوم وتبادل الزملاء التحايا ثم حلقت بنا الطائرة إلى أن وصلنا مطار جوبا وحقيقة كان الطقس جميلا والجو ربيعيا كالعادة في هذه الأشهر من العام والغمام الذي يحمل قفشات الصباح، وانتظرنا الطائرة الثانية لنصل إلى مريدي في ساعة ونصف من جوبا، وكذلك لم يتغير الجو الخلاب ورزاز الأمطار الدافيء، لم أشاهد شمساً قد سطعت هناك وتساءلنا جميعاً نحن في السودان أم في لبنان؟ والمدهش الجميل أيضاً الاستقبال الحافل من أهل المنطقة الذين سعدوا بقيام هذا السد وتدفق المياه، وخرجت بقناعة بأن الجنوب كنز لا يفنى، فيه جمال طبيعة خضراء جاذبة وقلت في نفسي أيضاً نعم للوحدة وخسارة الانفصال، لأن الأجواء فقط تكفي لطبيعة مناطق ذات مستقبل زاهر وأهلها بسطاء. فعلينا يا سادتي أن نرسخ للوحدة ونعمر الجنوب بالتنمية، فبالتنمية والتعمير يتحقق الاستقرار والأمن والسلام، ووقتها لا يكون هناك استفتاء بل وحدة بالتزكية من أهل الجنوب، وأحسب أن الأستاذ علي عثمان محمد طه صانع السلام في نيفاشا قادر على أن يحقق الوحدة بالتزكية من خلال وضع خطة إستراتيجية تستهدف التنمية في الجنوب، وعليه أن يتخذ من فعاليات تحديث سد مريدي بدايات الخطة الإستراتيجية وأن تكون الخطوة المقبلة هي توفر الخدمات والمعينات لهذا السد حتى ينشغل اخوتنا في الجنوب بتنمية مهاراتهم الذهنية وتحسين سبل كسب العيش لأن الدافع الأساسي وراء ويلات الحرب هو «العطالة» التي تتسبب في الفاقة والفقر والفاقد التربوي. وحسناً أيضاً أن سمعنا أن الاهتمام بالتعليم هناك سيكون الهم الأول في الفترة القادمة بل ومن أهم واجبات الحكومة الاتحادية وحكومة الجنوب.