في الربع الأول من العام المنصرم 2009م استجاب القائم بالأعمال الأمريكي بالسودان السيد فرناندز للدعوة التي قدمتها له لحضور الملتقى التفاكري حول التعايش السلمي بدارفور ودور القبائل العربية في العملية السلمية والذي التأم بالقاعة الأنيقة لمنسقية الخدمة الوطنية بشارع محمد نجيب، وقد شهد اللقاء صفوة المجتمع الدارفوري وتحدث الحضور النوعي بشفافية مُطلقة أمام السيد فرناندز وهو بالمناسبة يجيد اللغة العربية. فإنني لا أريد الخوض في الربكة التي أحدثها شهود القائم بالأعمال الأمريكي للقاء في الوسط السياسي والأمني للحكومة ولم تصدّق المعارضة الوطنية أن هذا اللقاء من بنات أفكار مجموعة تمثّل المجتمع المدني الدارفوري أو جزء منه بدليل اعتذار السيد الصادق المهدي عن حضور اللقاء لارتباطه ببرنامج آخر، وكذلك السيدة مريم تكس والتي تعتقد أن قاعة الخدمة الوطنية هي مكان غير محايد ولكنهم فوجئوا جميعاً بممثل الولاياتالمتحدةالأمريكية بالسودان يقف أمام الحضور ليُعلن أن الولاياتالمتحدة تتعامل مع السودان وقبائله كصديق وهي تعمل مع الآخرين ليسود السلام السودان ودارفور على وجه الخصوص. لقد كانت رسالتنا في ذلك الملتقى واضحة وصريحة وأعلنا من خلالها رفضنا لقرارات المحكمة الجنائية الدولية وأن أي محاولة للنيْل من رمز بلادنا وتعرُّضه للمخاطر من قِبل قوى أجنبية سيؤدي إلى إنهيار البلاد وأن الشعب السوداني يعتبر مثل هذه الخطوة استفزازية تجعلنا نتمسك أكثر برئيسنا ويمكننا تقديم تضحيات كُبرى وجِسام في سبيل كرامتنا الوطنية. سيدي الرئيس أوباما.. يجب أن تعلم أن سقف الحريات لدينا في السودان في ازدياد مضطرد وأن الصحافة تتمتع بمستوى طيّب من الحريات ويمكننا كسودانيين أن نجتمع ونُقيم تنظيمات ومنظمات سياسية واجتماعية وطوعية وفقاً للدستور والقانون. والانتخابات التي جرت في شهر أبريل المنصرم هي خطوة جيدة نحو الديمقراطية وأننا لا نستطيع أن نجزم بأنها مثالية ولكنها تُعطينا الأمل في «التغيير» وضوء في آخر النفق يمكن أن يكون مخرجاً لبلادنا من الأزمات التي تعيشها. لقد أكد مبعوثكم للسودان الجنرال سكوت غرايشن استعداده للتعاون مع حكومة شمال دارفور لإنفاذ العديد من المشاريع الخدمية ولكنه أبدى قلقه من عدم توفُّر الأمن، الشيء الذي جعل متخصصون في مجالات بحالات مختلفة من الولاياتالمتحدةالأمريكية عدم المجئ إلى دارفور. مبعوثكم أمّن على ضرورة توفُّر الثقة المتبادلة والتعاون من أجل التنمية في البلاد، ولكننا سيدي الرئيس نحن في أشدّ الحاجة لمعرفة نواياكم تجاهنا ونحن نشعر بقلق شديد كشعب نحو المصير الذي ينتظرنا من أعظم قوة كونية الآن وهي بلادكم لما تتمتع به من قدرات عسكرية واقتصادية ولها تأثيرها القوي على مجمل الأوضاع على مستوى العالم.. وأول ما يُثير القلق فإن مبعوثكم ليس شخصاً مدنياً فهو جنرال ونعتقد أن تقييمه للأوضاع في السودان لن يكون لصالح المشروعات التي تهُم المجتمع المدني بقدر اهتمامه بالشأن الأمني والعسكري، ومن حُسن نوايانا فإن حكومتنا فتحت له جميع الأبواب المُغلقة وصار يُدخل أنفه في كل شؤون بلادنا وأن ولاة الولايات يقدمون له التقارير المتعلقة بخططهم وبرامجهم المتعلقة بالتنمية وتأهيل القرى التي تستوعب العائدين من النازحين واللاجئين، وحتى أننا كشعب سوداني لا نعرف المهمة الأساسية التي لأجلها جاء مبعوثكم. فإنه لم يقدم لنا المساعدة اللازمة لدفع العملية التفاوضية إلى الأمام ولم تقدم لنا الولاياتالمتحدة عبره المساعدات الاقتصادية التي تشجّع المجتمع الدارفوري على الاستقرار والنهوض من وهدته. ونحن نثق في أن بلادكم تملك القدرة الكافية لدفع الحكومة السودانية والحركات الدارفورية المسلحة لإبرام اتفاق سلام دائم يحقن الدماء ويجعل من بلادنا بقعة آمنة ولكنكم لم تفعلوا شيئاً بل أننا نعتقد أنكم ستسعون لتطبيق نموذج العراق والصومال في بلادنا. سيدي الرئيس: نحن نتساءل دائماً لماذا تكرهوننا وتبعثوا لنا فُرق الموت وتزرعوا بيننا الفتن رغم أننا قد استبشرنا خيراً بمجيئكم للبيت الأبيض كأول رجل أسود وكنا نظن أن إفريقيا موعودة بالسلام والنماء والرخاء، وأن الولاياتالمتحدة في ظل هذا الحاكم الذي تعود جذوره إلى قارتنا السمراء سيفتح باب الحوار على مصراعيه ويقدم لنا أطباق الرفاهية عبر الشراكة الاقتصادية والتعاون في الشأن الإنساني وتتحقق التنمية البشرية، وفي اعتقادنا أن الشركات الأمريكية الكبرى والمتخصصة في المجالات المختلفة تصول وتجول وتخرج من باطن أرضنا البكر الخيرات التي يستفيد منها الشعبين السوداني والأمريكي في خطوة تشاركية ذكية تقنعنا ببرنامج التغيير الذي طرحتموه في حملتكم الدعائية الانتخابية لأن الانتخابات الأمريكية تهم كل الشعوب ما لأمريكا من تأثير قوي على العالم. ولكننا فقط نرى الجنرال غرايشن يصول ويجول في وطننا. فإننا لا نتفق مع حديث الجنرال غرايشن حول الحالة الأمنية التي تعيشها دارفور وهي ذريعة لعدم مجئ المتخصصون من أمريكا للمساهمة في التنمية «انظر صحيفة الأهرام اليوم» الخميس 22 يوليو 2010م العدد 214 فإن للولايات المتحدة الدور الأبرز في مساعدة السودان لاستتباب الأمن وأننا لا نطلب من الحكومة الأمريكية القبض على عبد الواحد محمد نور ود. خليل إبراهيم وإرسالهم في أقفاص وتسليمهم للحكومة السودانية لتتم محاكمتهم، هذا غير معقول ولكننا نريد مساعدة طرفي النزاع للجلوس في طاولة الحوار وممارسة النفوذ الأمريكي الحميد لصالح السلام الاجتماعي ووداع السلاح. سيدي الرئيس باراك أوباما.. إن رتبة الجنرال التي يحملها مبعوثكم تُثير فزعنا وربما تسير البوارج البحرية العسكرية خلفه في المياه الدولية في البحر الأحمر وتُحلّق من فوقها الطائرات الحربية المقاتلة وجنود المارينز يتأهبون للانفضاض علينا وتشريدنا ويقدموا لنا هدايا من قبيل سجن أبو غريب في العراق وغوانتنامو في خليج المكسيك!. نريد أن تساعدنا لنعيش في سلام وطمأنينة. هل تفعلها أيها الرئيس؟ أو بالأحرى هل تسمعني سيدي الرئيس؟ أمير الرزيقات بولاية الخرطوم..