الأزمة الاقتصادية التي طالت العالم كان لها الأثر البالغ على الأسواق السودانية مما انعكس ذلك سلبياً على حياة الناس وجعلت سنّة التواصل بين الأرحام تنقطع وتتباعد بين أفراد الأسرة الممتدة. «الأهرام اليوم» جلست إلى بعض فئات المجتمع حيث جاءت إجاباتهم متباينة. فإلى مضابط الاستطلاع: أوضح ميرغني الأمين أن عدم تواصل الأفراد مع بعضهم هو ناتج من سوء الأحوال الاقتصادية الصعبة وركض الناس وراء ذلك جعل العلاقات الاجتماعية تضعف، وما يتحصل عليه الفرد من دخل بالكاد يكفي حاجة أسرته مما لايتيح فرصة زيارة الأهل بصورة مستمرة خاصة في الوقت الراهن. وأشار إلى أن أفراد الأسر أصبحوا موزعين في أماكن مختلفة في المدينة الواحدة ليس كما هو الحال في السابق، حيث كان جميع الأهل يقطنون في منطقة واحدة. وأشار إلى أن الظروف التي تُحيط بالناس هي التي دفعتهم إلى الابتعاد، وأضاف أن الزواج من خارج نطاق الأسرة لديه أثر في أن الزوجة لا تتقبّل عادات وتقاليد أسرة الزوج خاصة في جانب الزيارات. وأضاف أن هنالك ضغوطاً من جانب (الصرف) ففي الماضي كان الناس بسطاء يرضون بما عندهم ولا يحبِّذون امتلاك واغتناء أشياء كثيرة على عكس الآن. فالتطورات المضطردة التي طرأت على العالم جعلت جميع الأشخاص من مختلف الطبقات يواكبون التطورات حتى لو كان الأمر يكلفهم فوق طاقتهم، لافتاً إلى أن في الوقت الحالي أصبح الأشخاص لا يتواصلون إلا في المناسبات فقط. ويتفق معه في الرأي أمين موسى الذي يرى أن تغيُّر العادات والتقاليد بسبب العولمة والتأثُّر بالعالم الغربي أثّر بصورة كبيرة في التداخل والتواصل بين الناس. وأضاف أن للأثر الاقتصادي دوراً كبيرآً، فالكل يسعى وراء «لقمة العيش» فالفرد يخرج من الصباح ويعود مساءً (وين نتلم)؟! وذكر أمين أن المباني أصبحت ضيِّقة ولاتسع مجموعة كبيرة من أفراد الأسرة والكل يبحث عن راحته. فمعظم (الحماوات) يفضلن عدم السكن معهن في منزل واحد وفي ظل هذه الظروف أصبح الأهل يزوِّجون بناتهم في أعمار صغيرة لذلك ترفض الجدة أن يناديها أحفادها بلقب (حبوبة) لأنها مازالت في سن صغيرة ولا تريد أن تشعر بأنها أصبحت كبيرة (عجوز). وفي السياق أوضحت شهد جلال أن ظروف ومشاغل الدنيا لا تسمح للآخرين بالزيارات والتواصل حتى لأقرب الأقربين. وأشارت إلى أن الوقت أصبح ضيّقاً وكثرت المشغوليات حتى في أيام الإجازات، والنفوس تغيّرت كل واحد يفضّل أن يشاهد التلفاز بدلاً من مواصلة أرحامه، وقالت إن الأبناء الذين يتزوجون يفضلون السكن بعيداً عن الأهل وبالخصوص زواجاتهم تفادياً للمشاكل فهنالك زوجات يجبرن أزواجهن بأن يضعوا والديهم في دور الرعاية من أجل أن تكون الزوجة (مرتاحة)!! وذكرت أن الناس قلوبهم (ماتت). ويقول مصعب عبد الله أن النفوس أصبحت مريضة وضعف الوازع الديني هو الذي جعلهم يتباعدون عن بعضهم فالكل سعيه مع دوامه اليومي وقد صار ناسياً لما أمرنا به ديننا الحنيف من مواصلة الأرحام والكل يُعلّق أعذاره على شماعة الظروف. وأضاف أنه ليس من الضروري أن تكون الزيارات مدتها طويلة أو مستمرة كما يُقال (بارك الله في من زار وخفّف) حتى الأرحام قد يُثلج ذلك صدورهم. وأشار إلى أن الفضائيات وما صاحبها من نهضة وتطور تكنولوجي أثّر سلبياً على الترابط والتواصل، وكذلك العادات والتقاليد المتوارثة داخل الأسر الممتدة. ومن جانبها ترى منال أحمد أن الغلاء الذي طال أسواقنا يعود له الأثر الأكبر في تباعد الأسر وعدم صلة الأرحام. ففي هذا الزمن لا توجد «المَحنّة» التي كانت «زمان» فكثُرت الهموم وزادت وأن المعروف انقطع وأصبح التواصل الآن عبر الموبايل وهذا بدوره أدى إلى افتقاد الحميمية بين أفراد الأسر، فالكل أصبح مشغولاً بأحواله الخاصة مما أوجد تباعداً نفسياً ووجدانياً بين الأسر.