لا ادري إن كنت وحدي أو أن غيري من الزملاء الذين قدر لهم أن يكتبوا زوايا يومية على صفحات الصحف بمختلف اتجاهاتها وتوجهاتها لا ادري إن كنت وحدي من يطاردني شعور مغلف بحزمة من الأسئلة إن كان ما نكتبه يفهم تماماً على النحو الذي نقصده به، خاصة أن أولئك الذين (نضطر) أن نوجه نحوهم نقداً قاسياً ومراً وربما ينزل عليهم (كالكرابيج) وعندما اقول (نضطر) فذلك لأنهم يقحمون أنفسهم (وأنفسهن) في حيز لا يستطعيوا ملء ربعه وبذلك يهدرون زمنهم وزمننا وليت بعضهم يسعى نحو أجر المحاولة إذ أن الواحد يظن لو أن صورته ظهرت مرة أو مرتين حتى ولو على مسابقة للكلمات المتقاطعة يظن أنه اصبح نجماً نقده محرم ومجرد الحديث عنه يجب أن يكون بالشكر والثناء وآهات الإعجاب. وواحد من هموم أخرى تشغلني أنني دائماً ابحث عن نقطة التقاء وسط تجعل ممن نوجه لهم النقد يفهمونا «صاح» ويا حبذا لو أنهم قاموا بالرد علينا بشيئين إما مزيداً من الإجادة وتلمس طرق النجاح والتميز أو الابتعاد عن هذا الطريق ليريحوا ويستريحوا لأنه طريق لا يمشي فيه إلا أصحاب الموهبة الحقيقية والباحثون عن التواجد (بحقهم) وأقصد إبداعاً وإمكانياتٍ وقدرةً على المنافسة، فإن فهم من نوجه لهم نقدنا الأمر بهذا الوضوح يكونون قد اختصروا علينا مسافات طويلة من الجدل ومحاولة اقناعنا بأن الشمس تشرق غرباً. وربما أن القارئ الذي يقرأ ما نكتب وبعدها إما يحمل الصحيفة إلى اقرب سلة مهملات أو يحتفظ بها إعجاباً ومحبة لا يدري حجم المعاناة التي تفرزها كتاباتنا الموجهة نحو الشأن العام فقد تجد من يصفك بالحاقد أو ربما ذلك الذي يعنفك بالجاهل أو أن الكثيرين يشعرون بالموضوعية وحسن التناول لكن قليلا ممن نوجه لهم النقد ممكن يرفع سماعة الهاتف ويقول ليك بكل شجاعة «نحن نجتهد ونحاول ونسعى ونطرح أمامكم التجربة برمتها فتعالوا وشاهدونا على الطبيعة وناقشوا افكارنا وشاركونا أحلامنا وبعدها اكتبوا ما تشاءون لأن من شاف ليس كمن سمع»، ومن هذا القليل والقليل جداً هناك الأخ المخرج وصاحب فضائية هارموني معتصم الجعيلي الذي وكما قال لي كان حريصاً على البحث عن رقم هاتفي حتى وجده اخيراً عند زميل صحفي ليقدم لي الدعوة لمشاهدة قناة هارموني من داخل مطبخها وبعدها ما اقوله سيجد لديه والعاملين في الفضائية (المقاومة)، وما بين الاقواس من عندياتي، سيجد عندهم كل القبول والرضا. وأخيراً بالامس إتسهلت علي ووجدت وقتا لزيارة هارموني التي وما إن دخلتها حتى شعرت أنني داخل خلية نحل، الكل يعمل والكل يتحرك والكل ينتج وجلست والأستاذ الجعيلي لاكتشف أننا احياناً نظلم أناساً من النظرة الأولى حيث أنني وللصراحة كنت اظن أن الرجل يحمل الكثير من نرجسية الفنان التي قد تتحول إلى (عجرفة) لكنني قابلت شخصاً في منتهى التواضع والأهم أنه في منتهى العشق لهارموني التي اتخذها كمنفذ لحاجاته وحاجات غيره الإبداعية، وبالفعل دخلنا في نقاش طويل وساخن حول توقف هارموني اكثر من مرة لأسباب مالية فكان الرجل صريحاً معي بأنه يعمل منفرداً في ظل آلية إعلامية تأكل أوراق البنكنوت لكنه مصر الا يتعثر ولا يقع. وقلت له إن هارموني لا زالت تفتقد المذيع النجم وأنها محتاجة لخارطة برامجية واضحة بشرني بأنها في طريقها للتنفيذ خاصة وأنهم سيدخلون البث المباشر هذا الأسبوع. ودونما الدخول في تفصيلات الحديث الذي دار بيننا اشعر أنه من الأمانة أن اثمن جهود هذا الرجل الذي يقطع من قوت عياله لمواصلة رسالة احسب أنها هي التي نبحث عنها بنشر الأغنية والثقافة السودانية نحو بلاد كثيرة اصبحت تتجه نحو هارموني وغيرها من الفضائيات السودانيات، فإن كانت هارموني تتلمس البدايات فالأمانة ايضاً تقتضي أن نعينها على ذلك بالنقد الواضح والموجه نحو العلة تماماً وما أظن انو في زول عاقل يوروه (غلطو) يزعل، اللهم إلا إن كان من الميميْن مستحٍ أو متكبر وكلتا الصفتين بعيدة عن هذا الرجل المشحون بالإبداع إذ أنه لم يستح أن يناقش أوجه القصور التي نشعر ويشعر بها ولم يتكبر ويقفل ابوابه ويقول «ما في زيي». أعتقد أنه من حق هارموني بنت النيل وهي تعمل في مطبخ هو أقل بكثير جداً تقنياً من مطابخ فضائيات اخرى من حقها علينا أن نشجعها على أن تستمر بل أن ندعم بالتشجيع مجاديفها ألا تتكسر. على فكرة هارموني رمضان هذا العام أعدت سهرات وبرامج تستحق المشاهدة ويكفي أن اخبركم أن برنامج (أما بعد) سيستضيف الشاعر عبدالرحمن الأبنودي وأحمد نجم وانها بلغت من الجرأة أن تستعرض ذوق هذا الجيل عبر أعمال الربع وقرقوري وغيرهما من فناني الشباب المختلف المتفق عليهم. وإن كان المشاهد موعودا ببرامج طيبة فإن هارموني موعودة منا بنقد صادق ودقيق وأمين اكثر مما تتخيلوا! كلمة عزيزة ظللت ادعو واحرض الفضائيات السودانية على ضرورة إنتاج برامج (توك شو) جريئة ومصادمة واخيراً الآن فضائية مشاهدة استقطبت صحفياً جريئاً ومصادماً ورأسه قوي هو صاحب تجربة تلفزيونية سابقة لتقديم برنامج على شاشتها أنا واثقة أنه سيكون محل متابعة الملايين لان الغلابة سيتنفسون من خلاله والقضايا ستطرح منه دون تزييف ولا تجميل، وفي الوقت المناسب سأصرح بالأسماء. كلمة أعز شاهدت بالأمس الترويج الرهيب لبرنامج أغاني وأغاني، يا الشفيع يا خوي يعني السنة دي ما نكمل فطورنا ولاّ شنو؟