في خطوة تتزامن مع تداعيات الهجوم المسلح الذي استهدف حافلة تقل مسيحيين أقباط في المنيا بصعيد مصر، في أعقاب ذلك الهجوم، عزز الجيش المصري رقابته على المثلث الحدودي الذي يربطه مع ليبيا والسودان عند منطقة جبل العوينات، بحجة منع متطرفين من التسلل إلى الأراضي المصرية.. كما فرض الجيش المصري إجراءات صارمة للسيطرة على المنطقة الحدودية مع مقابلة أي محاولات للاختراق بالرد الفوري السريع. ألحقت هذه التعزيزات العسكرية بضربات جوية نفذها سلاح الجو المصري على المعسكرات تنظيم (داعش) داخل ليبيا، بعد إعلانه مسؤليته عن الحادثة. ويبقى السؤال قائماً: هل كل هذه التعزيزات العسكرية المصرية الهدف منها حماية الأمن القومي لمصر أم هي خطوة معاكسة في ظل تردي العلاقات مع السودان، خاصة وأن مصر متورطة في دعم الحركات المسلحة بالسلاح الثقيل، تمثلت في ست مدرعات مصفحة تم عرضها في ميدان الجيش بالفاشر. *قضية انصرافية: الخبير الأمني المدير الأسبق لوحدة المخابرات المضادة العميد أمن (م) أحمد محمد الجعلي قال ضمن إفادته لآخر لحظة، إن التعزيزات العسكرية المصرية بحدود البلاد الشمالية الغربية القصد منها لفت الانتباه الدولي بأن هنالك حلقات للإرهاب على الحدود مع السودان ما يشيء الى عرقلة جهود الحكومة السودانية نحو رفع العقوبات الأمريكية في يوليو القادم.. وطالب الجعلي السلطات الأمنية السودانية بانتهاج سياسة ضبط النفس للتعاطي مع هذه القضية التي وصفها بالانصرافية. وأكد بأن ما يحدث من قبل الأجهزة الأمنية المصرية حيال السودان، يعد بمثابة مخطط مقصود النوايا للحيلولة دون فلاح السودان في تحقيق المطلوبات الأمريكية المذكورة، لأنهاء أزمة الحصار الاقتصادي المفروض عليه. *الخاسر الأكبر وأشار القيادي بالوطني عضو المكتب السياسي بالحزب د.ربيع عبد العاطي إلا أن ثوابت الحكومة السودانية تنطلق من مؤشر عدم تصعيد الموقف مع مصر، والابتعاد عن المواجهات العسكرية، معتبراً نشوب أي حرب بين الجانبين من شأنه أن يكون خصماً على علاقة الشعبين.. وتابع نحن لا نريد خوض حرب مع مصر، وقال إن وجود الحشود العسكرية المصرية على حدود البلاد- إن كان مقصده تصعيد المواقف معنا- فإن الذي يبادر باشعال النيران حتماً سيكون الخاسر الأكبر، وزاد بأن التعزيزات العسكرية كانت القاهرة تقصد بها المناوشة مع الخرطوم، فلابد من أن ينقلب السحر عليها. *سيناريو حلايب: أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الإسلامية د.راشد التجاني أكد أن وجود قوات مصرية على تخوم حدود البلاد من الجهة الشمالية الغربية، لن يفضي الى تعكير الأجواء بين البلدين.. وتابع أن بقاء هذه القوات المصرية لفترة طويلة بمنطقة المثلث الدولي عند جبل عوينات، ربما يعيد سيناريو مثلث حلايب مرة أخرى. ومضى راشد في التقليل من هذه المخاوف بذكره أن الأحداث الأخيرة التي وقعت في صعيد مصر، كانت هي المحرك الأساسي لتوجيه دفة الجيش المصري لملاحقة عناصر يشتبه بتواجدها بليبيا، معتبراً أن تواجد الجيش المصري في المثلث الدولي هو انعكاس سالب نتاج تداعيات السياسة الخارجية لمصر، ومحصلتها في التدخل المباشر في الشأن الليبي لصالح حفتر، مؤكداً أن الاجراءات الاحترازية التي تقوم بها السلطات المصرية لن تستطيع على أثرها توقيف الأعمال الهجومية التي تستهدف المدنيين. شائعات: معتمد الدبة العميد أحمد أبوزيد نفى ماتداولته مواقع التواصل الاجتماعي حول تحركات للجيش السوداني وقوات الدعم السريع وانتشارها في صحراء الولاية الشمالية، وتمركزها في الجانب المتاخم للسودان من ناحية جبل عوينات، وأن الجيش أعلن حالة التأهب القصوى على مشارف محلية الدبة، وأشارت الى وجود حراسة أمنية مشددة على كبري المحلية وتفتيش كل السيارات، وأكد أبوزيد أن مايتم في مدخل الدبة اجراء روتيني مشدداً على أن الولاية آمنة ومستقرة. وتبقى التساؤلات قائمة.. فهل تستطيع القوات المصرية المتمركزة على تخوم الحدود الدولية للسودان من الناحية الشمالية الغربية محاربة الإرهاب كما زعمت، وأكد رئيسها عبد الفتاح السيسي بأنه سيضرب الإرهاب أينما وجد، أم أن لها مآرب أخرى عطفاً على توتر العلاقات مع الخرطوم.