د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    السجن لمتعاون مشترك في عدد من قروبات المليشيا المتمردة منها الإعلام الحربي ويأجوج ومأجوج    الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    المرِّيخ يَخسر (سُوء تَغذية).. الهِلال يَخسر (تَواطؤاً)!!    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البروفيسير ابراهيم غندور وزير الخارجية في حوار: البشير رئيس شرعي ومنتخب ولا يجب أن يتحدث عنه الآخرون إلا بالاحترام
نشر في رماة الحدق يوم 16 - 12 - 2017

نفى وزير الخارجية البروفيسير إبراهيم غندور، التفاوض مع الولايات المتحدة حول مصير الرئيس السوداني عمر البشير، مؤكّدا أن واشنطن لم تتطرّق إلى ذلك في إطار المحادثات لتطبيع العلاقات مع السودان، التي جرت أخيرا في العاصمة السودانية، وأن الخرطوم كانت سترفض التفاوض حول «الرئيس الشرعي الذي انتخبه ستة ملايين سوداني».
وفي حديث مع «الشرق الأوسط» بالعاصمة البريطانية لندن، طرح غندور سيناريوهين لحل الخلاف المصري السوداني حول حلايب هما الحوار «كما فعلت مصر مع السعودية بشأن تيران وصنافير»، أو الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية «كما فعلت مع إسرائيل حول طابا»، مشددا على أن السودان سيواصل المطالبة بحلايب «حتى تعود إلى حضن الوطن».
وأوضح وزير الخارجية في سياق تصريحات البشير في روسيا حول حماية السودان من الولايات المتحدة، مؤكّدا أنه لم يكن يتحدّث عن حماية عسكرية، «وإنما كان ذلك في إطار شكره لمواقف روسيا الداعمة للسودان في مجلس الأمن»، وحمايتها للخرطوم بوقوفها ضد مشروعات قرارات استهدفتها.
– كنت لاعبا أساسيا في المحادثات الأميركية – السودانية لرفع العقوبات الاقتصادية. حدثنا عن أبرز مراحل المفاوضات.
– الحوار مع الولايات المتحدة حول رفع العقوبات ليس بجديد، فقد بدأ منذ 2001، ولكن كل الوعود التي قدّمت وقتها لم تنفذ، الأمر الذي خلق أجواء من عدم الثقة بين الطرفين... وكنا -الطرف السوداني- كلما اقتربنا من اتفاق، جاءت الحكومة الأميركية بشروط جديدة.
قمت بزيارة «إلى الولايات المتحدة» في فبراير «شباط» 2015، بصفتي وقتها مساعدا للرئيس. اتفقنا فيها على أمر هام جدا، وهو من الأسباب التي أدت إلى توصّلنا لاتفاق. ويتعلّق الأمر بوضع خريطة طريق بالتزامات الطرفين وآجال زمنية محددة وبانشغالات الطرفين، تنتهي برفع العقوبات الاقتصادية. ونتج بعد 8 أشهر من ذلك «خطّة المسارات الخمسة»، التي شملت التعاون في مكافحة الإرهاب، ومكافحة جيش الرب في المنطقة، والسلام في دولة جنوب السودان، والشأن الإنساني، وعملية السلام داخل السودان.
وبدأنا الحوار مع سوزان رايس «مستشارة الأمن القومي الأميركي آنذاك» في يونيو «حزيران» 2016 بالبيت الأبيض، بوجود المبعوث الأميركي وقتها دونالد بوث ومسؤولي ملف السودان في البيت الأبيض والخارجية الأميركية. ناقشنا خلال هذا اللقاء خطة المسارات الخمسة، وأبدينا رأينا في بعض محطاتها واستعرضنا تحفّظاتنا على بعض النقاط واستمعنا إلى تفسيراتهم لبعض النقاط الواردة فيها.
واستمر التواصل مع مستشارة الأمن القومي، وفي أغلب الأحيان مع وزير الخارجية الأميركي وقتها جون كيري. وكنا نلتقي على مراحل متعددة في واشنطن وعلى هامش بعض المؤتمرات. وكوّنت واشنطن مجموعة يقودها مبعوث الرئيس الأميركي للسودان للتفاوض مع المجموعة السودانية برئاستي، وعقدنا 22 اجتماعا في الخرطوم واجتماعا واحدا في نيويورك، في سبتمبر «أيلول» 2016 وانقسمت هذه الاجتماعات إلى فنية بقيادة وكيل وزارة الخارجية السودانية، وسياسية بقيادتي، بمشاركة جميع الجهات الحكومية المختصة سواء تعلّق الأمر بوزارة الدفاع أو المالية أو بنك السودان أو غيرها.
وتوصّلنا إلى نهاية خطة المسارات الخمسة في نهاية ديسمبر «كانون الأول» 2016 ما جعل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما يتخذ قراره برفع العقوبات في يناير «كانون الثاني» 2017 وحسب الخطة، فإن الرفع يكون مؤقتا لمدّة 6 أشهر، وإذا تأكد التزام الطرفين بما عليهما يُرفع نهائيا.
وفي 12 يوليو «تموز» 2017 رأى الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه يحتاج إلى فترة أخرى لتقويم مسار التنفيذ وقد وصل حديثا للبيت الأبيض، فأجّل الرفع النهائي ثلاثة أشهر. وفي 6 أكتوبر «تشرين الأول» 2017، قرر الرفع الكامل للعقوبات الاقتصادية نفاذا من 12 أكتوبر من العام نفسه.
الآن، بدأنا المرحلة الثانية من الحوار والتي تتعلق برفع السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، والتي انطلقت بزيارة نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان ووفد مرافق في نوفمبر «تشرين الثاني» الماضي. واتفقنا على وضع خطّة نمضي بها، ويتبادل الطرفان الآن وجهات النظر حولها.
– لعبت دول عربية وغيرها دورا في رفع العقوبات الأميركية، ما هو حجم الدعم الذي قدمته؟
– بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فقد لعب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان دورا كبيرا ومقدّرا في رفع العقوبات، يعلمه ويتابعه كل الشعب السوداني. كما لعبت الإمارات ممثّلة بالشيخ محمد بن زايد والأمير عبد الله بن زايد وزير الخارجية الذي كان ينسق معي مباشرة، دورا أيضا في رفع العقوبات. فضلا عن دول أخرى في الخليج عموما، والدول العربية ممثلة في الجامعة العربية كان لها دور. كما لعبت مؤخرا دول أخرى دورا إيجابيا، مثل بريطانيا والنرويج والاتحاد الأوروبي الذين أرسلوا مبعوثيهم إلى الولايات المتحدة لمناقشة رفع العقوبات. والجانب الأفريقي كان معنا منذ البداية، فالاتحاد الأفريقي ممثلا في رئيسه إدريس ديبي آنذاك «رئيس تشاد»، والحالي ألفا كوندي رئيس غينيا كوناكري، ورئيس الهيئة الحكومية للتنمية «إيقاد» رئيس الوزراء الإثيوبي، وكل المجموعة الأفريقية مجتمعة لعبت دورا كبيرا ومؤثرا.
– ما هي الشروط الأميركية لرفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وموقفكم منها؟
– أولا، ليس هناك شروط بالمعنى الذي يتحدّث عنه الناس، وفي الكثير من الأحيان المعلومات التي تُذاع في الإعلام تكون ناقصة، ومراعاة لمسار التفاوض لا نقوم بتبيان الحقائق.
الولايات المتحدة منشغلة بأمرين في السودان، هما الحريات الدينية وحقوق الإنسان، فضلا عن مكافحة الإرهاب في المنطقة. ويذكر أن الولايات المتحدة تصدر سنويا تقريرا حول الحريات الدينية وحقوق الإنسان، تتطرق فيه إلى كل دول العالم. وورد في هذا التقرير بعض التحفظات الأميركية حول وضع حقوق الإنسان والحريات الدينية في السودان.
وجاءت زيارة الوفد الأميركي الرفيع إلى الخرطوم بعد صدور التقرير بأسابيع قليلة، واعتبر البعض ما ورد في هذا التقرير «شروطا» أميركية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وهو أمر غير صحيح. وعندما أثار نائب وزير الخارجية الأميركي قضية الحريات الدينية وحقوق الإنسان في الاجتماع، أشار ردنا إلى أن سجل السودان في الحريات الدينية من الأفضل في العالم، وأننا نتطلع ذاتيا ودون ضغوط لإصلاح سجلّنا إن كانت هناك إشكالات. والأمر نفسه ينطبق على حقوق الإنسان، إذ أننا ملتزمون بالدستور السوداني الذي يشير إلى الحريات الدينية وحقوق الإنسان بصورة واضحة وبالاتفاقات الدولية والإقليمية التي وقعنا عليها.
– أشارت تقارير إلى طلب أميركي بتعديلات قانونية حول «لباس النساء» في إطار المحادثات الثنائية. ما حقيقة ذلك؟
– وردت مادة «الزي الفاضح» في التقرير الأميركي المتعلق بحقوق الإنسان، لكن الحوار الوطني، الذي استمر عامين ونتجت عنه حكومة الوحدة الوطنية في أبريل «نيسان» الماضي، كان قد أشار إلى هذه المادة سابقا وطلب تعديلها. في المقابل، لا يعني ذلك أننا سنتخلى عن ثوابتنا الدينية نتيجة لضغوط من أي جهة كانت. نحن نزاوج بين تحسين معايير حقوق الإنسان والحريات الدينية في السودان من جهة، ومسؤولياتنا الدينية من جهة أخرى. وهما أمران لا يتعارضان، إذ أن الإسلام جاء ليكرّم الإنسان.
– هل تطرق الوفد الأميركي إلى وضع الرئيس البشير في إطار شروط التطبيع؟
– لم تكن هناك أي إشارة أو حديث عن الرئيس البشير، وإلا لكُنّا رفضنا ذلك مباشرة. البشير هو رئيس السودان، وهو منتخب من ستة ملايين سوداني، وهو الرئيس الشرعي. ولا يجب أن يتحدث عنه الآخرون إلا بالاحترام المطلوب.
– العلاقات المصرية السودانية تعرف توترا على خلفية أزمتي سد النهضة وحلايب. حدثنا عن موقف السودان من القضيتين.
– التوتر حول سد النهضة هو توتر مصنوع من طرف الإعلام. فأشقاؤنا في مصر، خاصة منهم الذي يديرون التفاوض في سد النهضة مباشرة يعلمون أن السودان يؤكد على أعلى المستويات على احترام اتفاقية مياه النيل. وكان رئيس الجمهورية قد قال خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإثيوبي إن اتفاقية مياه النيل بين مصر والسودان لعام 1959 خط أحمر بالنسبة للسودان. وبالتالي، فإن ما يهم مصر هو تدفّق المياه بالكمية المتفق عليها في اتفاقية مياه النيل، وأن لا تنقصها كوبا واحدا، كما يشير لذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزير الري المصري، وهذا هو موقف السودان. لكن، كجزء من استراتيجية إعلامية لا نعلم من وراءها، يحاول الإعلام المصري أن يشير إلى السودان وكأنه ليس طرفا في هذه المعادلة التي تضم إثيوبيا والسودان ومصر. نحن نكرر على الدوام أن السودان ليس وسيطا ولا منحازا، بل هو طرف أصيل في هذه المعادلة الثلاثية. النيل الأزرق والنيل الأبيض اللذان يلتقيان في الخرطوم لتكوين نهر النيل العظيم يجريان في الأراضي السودانية، أكثر منه في الأراضي الإثيوبية والمصرية مجتمعة. وبالنسبة لنا، فإن أهم مبدأ هو أن نحافظ على مصالحنا، دون أن نمس بمصالح أشقائنا الآخرين.
أما بالنسبة لحلايب، فإنها أرض سودانية وفقا لحقائق التاريخ. ونكرر على الدوام أن حلايب لن تكون سببا في أي قتال أو خصام يؤدي إلى انفصام في علاقات السودان ومصر. إلا أن السودان لن يترك المطالبة بحلايب، وستستمر هذه المطالبة حتى عودتها إلى حضن الوطن. وما نرجوه هو أن يوافق أشقاؤنا في مصر على أن نتحاور عليها كما فعلوا مع الأشقاء في السعودية بشأن تيران وصنافير، أو أن نحتكم إلى محكمة العدل الدولية كما فعلوا مع إسرائيل حول طابا. وكلا الخيارين يريحنا من شوكة في خاصرة علاقاتنا، تُقعدها من أن تمضي إلى آفاق نحن ننظر إليها تكاملا، بل وحدة في بعض الأحيان.
– علاقات السودان بإثيوبيا وتشاد شابها التوتر في الماضي. ما وضع هذه العلاقات اليوم؟
– لدينا مع إثيوبيا قضية حدود، ولم أستخدم كلمة «خلاف» لأننا متفقان على الورق، و»الاتفاق» وقع عليه المسؤولون، ويردده رئيس الوزراء الإثيوبي على الدوام. لكن يتم التعدي أحيانا على الحدود لمعادلات إثيوبية داخلية، من طرف ما يسمونهم ب»الشفتة»، وهو مصطلح إثيوبي يعني المسلح الذي يعتدي على الآخرين. اتفقنا مع إثيوبيا على قوة مشتركة لحماية الحدود، مستلهمين تجربة السودان وتشاد، وتم تدريب هذه القوات في معسكر مشترك.
أما بالنسبة لتشاد، فقد كانت بيننا خلافات مستمرة واتهامات متبادلة بدعم الحركات المسلحة في البلدين. ومنذ ما يقارب 7 سنوات، تجاوزنا هذه الخلافات تماما، ولنا قوات مشتركة في تجربة فريدة من نوعها تصلح لكل دول العالم التي لها إشكالات مشابهة، بل لمكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية. لهذا القوات قيادة مشتركة تبادلية، وتعمل بالإضافة إلى حراسة الحدود على تنمية القرى والمدن الحدودية من خلال التعليم والصحة والكهرباء والخدمات.
– أثار كلام البشير في روسيا حول «الحماية من العدوان الأميركي» جدلا واسعا، فما حقيقة تصريحاته؟
– الرئيس البشير جنرال وعسكري شارك في حماية السودان أثناء الحرب الأهلية في الجنوب، وله مواقف مشهودة. وهو رئيس معتّق ويتميز بالشجاعة. وبالتالي، فإن رجلا بهذه الصفات لا يمكن أن يطلب حماية عسكرية. أنا كنت شاهدا على الاجتماع الذي قيل فيه هذا الحديث، وقد جاء في إطار شكر الرئيس البشير لمواقف روسيا الداعمة للسودان في مجلس الأمن. وروسيا، مع الصين ومصر، هم الداعم الأول للسودان في مجلس الأمن في مواجهة بعض الاستهدافات من بعض الدول التي لها أجندة في استهداف الحكومة السودانية لأسباب مؤقتة أو دائمة.
قُدّم مشروع قرار من طرف شركاء مختلفين تتقدمهم الولايات المتحدة، لإيقاف تصدير الذهب السوداني، ومعلوم أن الذهب ظهر بعد انفصال جنوب السودان وذهاب كل عائدات النفط التي كانت تورّد العملة الصعبة، وأصبح المصدر الرئيسي للعملة الصعبة في السودان. وبالتالي فإن هذا عدوان واستهداف، وكان موقف روسيا قويا «في صد هذا المشروع».
وجاء حديث الرئيس حول الحماية الروسية من الولايات المتحدة في هذا الإطار، ولم يكن طلبا لحماية عسكرية. فإن السودان ورئيسه البشير لم يطلبا الحماية العسكرية من أي جهة في التسعينات، عندما كانت تُشن عليه الحرب من مختلف الأطراف بدعم مباشر من الولايات المتحدة عبر إثيوبيا وإريتريا وأوغندا وغيرها، كما لم يطلب حماية عسكرية وحركات التمرد كانت تُسلّح وتشن الهجمات. الآن الصورة اختلفت، فليس للسودان مشاكل مع جيرانه، أو مشاكل عسكرية مباشرة مع أي جهة دولية أو إقليمية، كما ليس لديه مشكلة مع حركات التمرد، بل إن الأمن قد استتب في دارفور ولا يوجد أي قتال في السودان الآن، فلا يمكن أن نطلب أي حماية عسكرية في هذا التوقيت.
– هل سيترشح الرئيس السوداني لولاية أخرى؟
– الرئيس البشير أعلن كثيرا أنه لا يرغب في الترشح، لكن هناك رغبة شعبية واضحة جدا، بل هناك أحزاب كثيرة غير المؤتمر الوطني تنادي بإعادة ترشيح البشير، مثل الاتحادي الديمقراطي والاتحادي الديمقراطي المسجّل وأحزاب حكومة الوحدة الوطنية وغيرها من التيارات الشعبية والشبابية والطلابية. لكن يبقى الحديث حول الترشيح من عدمه قبل أكثر من عامين من موعد الانتخابات يُراد به بلبلة الوضع السياسي في السودان.
– الجنيه السوداني تراجع بشكل كبير. ما هي الإجراءات التي اتّخذتموها لتدعيم الجنيه؟
– تراجع الجنيه أمام العملات الصعبة، بسبب المضاربات. فقد أصبح الدولار في السودان سلعة يخزّن فيها البعض أمواله، ويضاربون بها في الوقت المناسب، ما يرفع من قيمته أمام الجنيه السوداني ويرفع العملات الصعبة الأخرى. ويعود ذلك إلى شح العملات الصعبة بسبب انفصال جنوب السودان وارتفاع الواردات أمام الصادرات.
الدولة تعمل اليوم وفق إطارين بعد رفع العقوبات الاقتصادية، «الأول يتعلق» بإجراءات اقتصادية تتوافق مع الانفتاح الكبير الذي يحدث في الاقتصاد السوداني الآن، و»الثاني يتعلق ب» تقليل الواردات عبر وقف استيراد ما يسمى بالسلع الكمالية أو سلع ينتجها السودان، فضلا عن زيادة الصادرات وتنظيمها ومكافحة التجارة غير الشرعية في الدولار.
– هل هناك انقسام في السلطة بين العسكر والإسلاميين؟
– هذا سؤال مهم، وأهميته تكمن في أنها أحلام يتمناها البعض. لا يوجد ما يُسمّى بعسكر وساسة. فلا يمكن أن نسمّي شخصا كان يعمل في الجامعات أو في الشرطة أو غيرها ويتحوّل إلى سياسي لمدة 30 عاما، أستاذا جامعيا أو عسكريا. وبالتالي، فإنه ليس هناك حاجز إلا الحاجز الوهمي لدى البعض بين ما يسمى عسكريين وإسلاميين. كما ليس هناك توصيف لمن هو إسلامي في السودان. فإذا تحدثنا عن الإخوان المسلمين، فإنهم غير مشاركين في الحكومة اليوم وهم حزب مسجّل وموجود وناشط. وإذا تحدثنا عن المعارضين، فنجد كثرا يعارضون معارضة دستورية وبعضهم داخل البرلمان. وإن تحدثنا عن المشاركين، فإن كثيرين يشاركون في الحكومة. والانقسام بين الإسلامي والعسكري والعلماني في السودان غير موجود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.