والبلاد مقبلة على انتخابات في العام 2020 تنامت الدعوات التي تطالب بدمج الأحزاب التي تتقارب في الرؤى والأفكار لتقليص العدد الكبير من الأحزاب المسجلة لدى مجلس الأحزاب التي فاقت الثمانين حزباً، فضلاً عن أن هناك طلبات أخرى أودعت منضدة المجلس للتصديق لها ممارسة عملها السياسي، كما أكد رئيس حركة الإصلاح الآن د.غازي صلاح الدين الذي يعتبر صاحب المبادرة في الدعوة لدمج الأحزاب مؤخراً وتقليصها لستة أو خمسة أحزاب للوصول لممارسة سياسية أفضل وثقافة موحدة وعلاقات تعاونية بين القوى السياسية من خلال تقوية البنية السياسية للأحزاب بدمجها وتوحيدها عن طريق سياسات تشجيعية وتحفيزية دون فرض وصاية، معتبراً كثرتها مجرد شغب فكري وقال إنها ليست مدعاة للتفاخر. ونجد أن كثيراً من القوى السياسية تؤيد فكرة دمج الأحزاب إلا أن المؤتمر الشعبي لديه رؤية مختلفة رافضاً فكرة الدمج، مؤكداً إمكانية وحدة الأحزاب التي تتوافق في الرؤى والبرامج في حزب واحد أو التنسيق فيما بينها في الانتخابات، وقال على لسان القيادي د.بشير آدم رحمة بأن (ما في حاجة اسمها دمج أحزاب)، وقال بل هناك حرية أحزاب سياسية حتى تتمكن من ممارسة نشاطها السياسي والوصول لقواعدها، وأشار إلى أنه لا يمكن أن يتم الدمج حتى لو كان عبر القانون، وقال رحمة ل(آخر لحظة) إن الوحدة لا تكون وحدة رؤساء، لأنها ستفشل حسب توقعاته، ولكن هناك أكثر من ما يقارب المائة حزب في الساحة السياسية السودانية، هل هذا يعني دليل عافية، كانت إجابة رحمة على هذا السؤال الذي طرحناه له بأنه ليست هناك مشكلة وقال فلتكن الأحزاب (300)، مشيراً إلى أن الانتخابات هي التي تحدد أوزان هذه الأحزاب ومن خلال برامجها التي تطرحها، وأردف (العايزنها الناس تمشي فوق)، وتوقع رحمة قيام حوار أو تنسيق بين بعض مكونات أحزاب الحوار الوطني لخوض الانتخابات المقبلة، بيد أنه عاد وشدد على أهمية تهيئة مناخ الحريات للقوى السياسية. ولكن حركة الإصلاح الآن التي طرحت مبادرة الإصلاح السياسي دافعت عن مقترحها دمج الأحزاب ووصفت في الوقت ذاته قانون الأحزاب بالمعيب، مشددة على أهمية مراجعته، وقال القيادي بالحزب د.أسامة توفيق إن القانون الحالي يسمح لكل (500) شخص بعمل حزب، لافتاً إلى أنه ينص على التسجيل التمهيدي للأحزاب الذي يسمح بأن يقوم أي عدد من الأشخاص مهما كان عددهم، بوضع النظام الأساسي للحزب ويمنحوا شهادة تسجيل تمهيدي ويمنحهم فرصة ستة أشهر لتكملة التسجيل الدائم، وأكد توفيق أن 70% من أحزاب الحوار الوطني مسجلة تسجيلاً تمهيدياً، وأشار توفيق إلى أن حزبهم اقترح أن تكون أقل عضوية لتسجيل الأحزاب (2000) عضو. ورهن أسامة حل أزمات السودان بإجراء الإصلاح السياسي وأن تكون هناك ما بين 5 إلى 6 أحزاب تدعمها الحكومة لممارسة العمل السياسي، كما أنه لم يستبعد أن تتجه بعض القوى السياسية إلى التحالفات في انتخابات 2020 كما حدث في انتخابات 1986م، وأشار توفيق إلى وجود اتجاه في بعض الأحزاب للوحدة فيما بينها مثل بعض تيارات الحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة اللذين انشقا لمجموعة من الأحزاب. وزير العدل السابق الرئيس السابق لمجلس شؤون الأحزاب مولانا محمد بشارة دوسة كان قد قدم ورقة (تجربة مجلس شؤون الأحزاب السياسية) في ورشة الانتخابات ومستقبل الممارسة السياسية في السودان، انتقد تكاثر عدد الأحزاب، ودعا إلى تعديل قانون الأحزاب السياسية ليتماشى مع مخرجات الحوار الوطني ومعالجة الإفرازات السابقة للتجربة، مؤكداً حق الأحزاب السياسية في التحالف والاندماج ضمن مطلوبات إصلاح الحياة السياسية، وفق إجراءات يتم تحديدها بالقانون تتعلق بتوفيق الأوضاع، دون أي إقصاء لكيان سياسي قائم أو هضم حقوقه الدستورية. وذهب دوسة في ذات الاتجاه الذي سار فيه أسامة توفيق وحض على ضرورة رفع الحد الأدنى لعضوية المؤتمر التأسيسي لإنشاء الحزب السياسي بعدد (ألفي) شخص يمثلون كل ولايات السودان، بالإضافة إلى التأكيد على مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات كوسيلة لتولي السلطة والمسؤولية العامة على مستوى الأجهزة التي تأتي بالانتخاب، إلى جانب أهمية الالتزام بالدستور والقانون والنظم الأساسية ودساتير الأحزاب، مشيراً إلى أن بعض الأحزاب المسجلة لا تنطبق عليها معايير ومواصفات الحزب. والمعروف أن عدد الأحزاب في غالبية دول العالم بما فيها الدول العظمى، لا يتجاوز الثلاثة أحزاب، ويظل الجدل في السودان قائماً حول كثرة الأحزاب التي يعتبرها المراقبون أنها أزمة سياسية ولا تساعد على الممارسة الديمقراطية السليمة، ونترقب بعد عامين انتخابات 2020 لنرى من يتحالف مع من لخوض المعركة التي تعتبر الأقوى بعد الحوار الوطني.