منع قناة تلفزيونية شهيرة في السودان    وزارة الصحة تلتقي الشركة المصرية السودانية لترتيب مشروعات صحية مشتركة    ماذا قال ياسر العطا لجنود المدرعات ومتحركات العمليات؟! شاهد الفيديو    تم مراجعة حسابات (398) وحدة حكومية، و (18) بنكاً.. رئيس مجلس السيادة يلتقي المراجع العام    انطلاق مناورات التمرين البحري المختلط «الموج الأحمر 8» في قاعدة الملك فيصل البحرية بالأسطول الغربي    شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور المذيعة تسابيح خاطر في أحضان إعلامي الدعم السريع "ود ملاح".. تعرف على القصة كاملة!!    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى عبد العزيز البطل: بركات سِت البركاوي (1)

وجدت نفسي الأسبوع قبل الماضي، وكنت ضمن حضور ندوة للحبيب الدكتور غازي صلاح الدين بلندن، وجهاً لوجه مع الحبيبة روزالند مارسيدن الشهيرة باسم (ست البركاوي)، السفيرة البريطانية وممثلة الاتحاد الأوربي السابقة في دولتي السودان، الأصلي والجديد.
ولا يخفى عليك، أعزك الله، أن روزالند مارسيدن هي الناهضة على أمر تنظيمات المعارضة الدارفورية المسلحة، والراعية لكافة عناصرها في بريطانيا وما جاورها. كما أن رعايتها الكريمة تمتد لتشمل أحبابنا محترفي المعارضة من شمالي السودان، فهي - جزاها الله كل خير - تسهر على أحبابنا من المعارضين والمعارضات في البلاد التي تموت من البرد حيتانها، وتغطيهم كلما انزاح الغطاء عن أجسادهم وهم ناعسون، وتحرسهم في مواجهة الأنواء حراسة اللبوة عرينها.
وقد وفق الله حبيبتنا السفيرة المتقاعدة روزاليند مارسيدن توفيقاً عظيماً في الحصول على عملها الحالي في المعهد الملكي للشئون الدولية بلندن في إطار المشروع الذي أسميه أنا (مطعم الإنقاذ)؛ وهو مشروع يأكل ويشرب من ورائه الكثيرون في دول الغرب. ونظام الإنقاذ لا يردّ جائعاً فقد أتاح للآلاف من الفرنجة والسوادنة في بلاد الغرب ما يقيم أودهم ويكفل لهم حياة كريمة، لكأن إسماعيل ود حد الزين كان يعنيها عندما قال: (حتى الطير يجيها جعان من أطراف تكيها شبع). ومن الحق أن الحصول على أعمال مناسبة تحقق مداخيل إضافية للمساعدة في عراك الخبز وكمائن الحياة بالنسبة للسفراء المتقاعدين، من أمثال ست البركاوي في أوربا والغرب بصفة عامة، من أصعب الأشياء، خلافاً للحال عند سفراء دولنا النامية (أو النائمة) الذين لا يتقاعدون إلا وقد استقرت حيواتهم داخل القصور وامتلأت خزائنهم بالذهب والفضة. وقبل أيام قليلة حملت القنوات والصحف البريطانية خبر سفير بريطانيا السابق في واشنطن الذي رقّ حاله وهانت زلابيته بعد تقاعده فوقع عليه بعض الصبية وهو يقف في إحدى محطات المواصلات العامة فضربوه ضرب غرائب الإبل ونزعوا عنه محفظة نقوده، التي كانت تضم ثمان جنيهات ونصف الجنيه بحسب إفادته، بالإضافة إلى بطاقة ركوب البصات بالسعر المخفض وهاتفه المحمول وساعة يده!
هتف الحبيب السفير عمر الأمين باسمي وصفتي الرسمية وهو يقوم بواجب التعريف، بعد أن رآني أصافح روزاليند ست البركاوي، فهشّت السيدة وبشّت، أو أنها بالأحرى أظهرت لي الهش والبش، ثم قالت تخاطبني: "لقد قرأت المقال الذي كتبته عني"! فشكرتها على تجشمها مشقة القراءة، وإن كنت لم أذكر المقال، فأنا أكتب خبط عشواء وأذكر أسماء الناس يميناً وشمالاً ثم يغيب ما كتبت عن ذاكرتي. وقلت للسفير عمر ربما ذكرت اسم تلك المرأة الفارعة الطول بصورة عارضة ولكن لا أعتقد أنني كتبت مقالاً عنها. ولكن صاحبي ردّ فأكد لي بأنني بالفعل اختصصتها بمقال كلت فيه سجم الدواك فوق رأسها وكتفيها فلم أترك ولم أُبقِ، وإنه لم يستغرب علمها به وقراءتها له، وأن المتطوعين المتاحين لترجمته لها في بريطانيا على قفا من يشيل!
ولكنني لست نادماً على أية حال على ما قيل إنني كتبته في حق هذه الحبيبة. وأنا آخذ عليها أنها في سعيها المحموم لتطوير أجندتها المكتظة بالمواجد خرجت بالمعهد الملكي للشئون الدولية، الذي عرف عبر الحقب بتحري الرزانة والموضوعية والحرص على التزام الأصول المرعية؛ خرجت به إلى رحاب الغوغائية والانحياز الأعمى عندما فتحت منبره في يونيو الماضي لمنظمة معادية للسودان وسمحت لممثل تلك المنظمة بدعوتنا للتمرد وإسقاط النظام وتحدي سلطة الدولة، وخصّت سوادنة بريطانيا بالنداء فحثتهم على الخروج في تظاهرة كبرى أمام سفارة السودان بلندن. وكان ذلك حدثاً لا سابق له في تاريخ هذا المعهد الملكي الأكاديمي العريق الذي أقامته الإمبراطورية البريطانية للبحث العلمي والحوار الرفيع والتداول الراقي حول القضايا الدولية بين المفكرين والأكاديميين وكبار الساسة والدبلوماسيين، بعد أن أحالته هذه السيدة إلى وكر للحزب الشيوعي أو فرع لحركة الحبيب عبد الواحد!
كانت ست البركاوي هي التي قدمت الدكتور غازي صلاح الدين، الذي تحدث، كما هو العهد به، حديثا رائقاً وشائقاً وناضجاً يليق بشخصيته الفذة. وما إن حلَّ وقت السؤال والجدال حتى منحت ست البركاوي الفرصة للأميرة، إبنة الإمام الحبيب، مريم الصادق المهدي، فشنفت آذاننا بلغتها الإنجليزية الرصينة، وشرّقت بنا وغرّبت. ثم تلاها آخرون انتقتهم مارسيدن انتقاءً. وقد منح المولى الأميرة مريم ناصية البيان الخطابي، ولعلها ورثت ذلك عن والدها الخطيب المهيب. ولكن قامتها تتقاصر بالقطع أمام ملكات وقدرات شقيقتها الأميرة رباح في بيان الكتابة، ورباح مثقفة رفيعة شهباء وكاتبة فارعة لا يشق لها غبار، وحصائل إنجازها الثر من الكتب والأوراق والمقالات الوزينة تسد عين الشمس.
تنحنحت ست البركاوي بعد أن ذكّرت الحاضرين بانتهاء الزمن المخصص للندوة وأفادتنا بأنها ستتلو علينا (كونكلودنق بوينتس) ثم تمنح فرصة أخيرة للدكتور غازي. وأقسم لك، أعزك الله، أنني لم أسمع في حياتي كلها مثل ذلك الكونكلودنق الذي يفترض أن يكون ملخصاً لما أورده المتحدث ثم ملاحظات عليه. فقد ذكرت السيدة نقاطاً لم ترد أصلاً في حديث المتحدث ووضعت على لسانه ما قال وما لم يقل تحت لافتة التلخيص، وشكرته عليها!
ولعله قد حزَّ في نفس ست البركاوي وملأها غمّاً أن غازي لم ينعم على الحضور بمثل تلك التصريحات الثورية الحنجورية التي اعتادت عليها من السوادنة المُنتقين الذين يختلفون إلى ذلك المكان فيرددون تلك الأحاديث الخزعبلية التي ترضيها وترسل الطمأنينة إلى قلبها. ولذا فقد وجدت المرأة نفسها مضطرة لترديد ذلك الموجز والملاحظات الختامية عن أشياء لم يقل بها صاحب الندوة، ثم حثته للتعليق عليها، لكأنها تستجديه لشتم الحكومة والزراية بالنظام.
ولكن صاحبنا لم يقع في الفخ، فعَقَّب عليها تعقيباً لم يجاوز ما أراد هو أن يقوله. ومثل غازي يقود ولا يُقاد.
نواصل -


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.