الأخ الأستاذ أحمد المصطفى الصحفي والناقد الذي عرفته من كتاباته في عموده «استفهامات» الذي من خلاله يضع علامات الاستفهام على ما توارى من حقائق أو ما شابته الحيرة خلف سواتر يصعب النفوذ إليها إلا بشق الأنفس وما بذل من جهد مقدر كي تتجلى الحقائق ساطعة كما يسطع الذهب بعد جهد منقبه، فكلاكما يسعد بما وجد، فذاك بذهبه الذي لا محالة ذاهب ولو بعد حين. أما أنت وغيرك من المخلصين أيضا يسعد. ولكن بتجلي الحقيقة لأنها باقية لا تفنى ولا تموت ولو مات صاحبها. ذلك لأن الله حين يبعثه بعد موته ما يفتأ يبحث عن حقه حتى ينتصر له الله من ظالمه ومن كل من كتم شهادته أو زيف أولفق إن كان صحافياً أو غيره. أما موضوعي الأساسي فهو عن الحدائق العامة التي فيها الألعاب والملاهي التي يتنزه فيها الناس بالأخص الأسر مع أطفالهم فلذات أكبادهم، فهذه الحدائق هي فعلاً تسهم في الترفيه وإسعاد الناس لكنها لا تخلو من أنها استثمار لرؤوس الأموال وكلنا يعلم أن الاستثمار هو ربح وخسارة، فالمستثمر يجهد نفسه في تقليل المنصرفات ليزيد الإيرادات، ومن البديهي أن الجودة والسلامة في أي مؤسسة تكون مبرمجة وتخصص لها ميزانية منفصلة تكون من المنصرفات التي يتحاشاها المستثمر إلا من رحم . فالعائد من ذلك هو الإهمال الذي يصيب المراجيح التي تعمل بالكهرباء وتدور على محاور منزلقة وتحمل كماً مهولاً من الناس تدور بهم على أكثر من محور مما يتطلب متابعة دقيقة من صيانة واستبدال لقطع الغيار وخبراء لفحص هذه الآليات ليعتمدوها أو يمنعوها من العمل وفوق كل هذا جهة قانونية ترصد الرخص والتصاديق والمسؤوليات ولا تحابي، لكن للأسف مثل هذه الأشياء وأخرى كثيرة في بلادنا لا تنال قدرًا يناسبها من الاهتمام، فتقع المصائب فيقع الناس في الهلاك والمخاطر وتتوه الحقيقة في خضّم الفوضى واهتمام المحليات فقط بالعائد المادي كما يفعلون في الأسواق لا يتركون شاردة ولا واردة من درهم أو دينار ولكنهم أيضاً يخافون المنصرفات لذلك لا تعرف أنك في السوق إلا بعد أن يتعثر بك السير راكباً كنت أو راجلاً وذلك بتأجير الشارع للباعة وتراكم أكوام الأوساخ.. أأسف على الانحراف يمنة ويسرة، كنت ذات يوم في أحد المتنزهات في أم درمان مع أسرتي فركبت ابنتي واحدة من هذه المراجيح وهي تدور حول نفسها ثم تتأرجح من جانب إلى آخر وهي تجري بهم في موج من الضحك والصراخ والمكاء والتصدية تعبيرًا عن الابتهاج الممزوج بالخوف لكنهم واثقون من الكبار الذين وقفوا جانباً مبتهجين لابتهاجهم أو من الذين شاركوهم بالركوب معهم أو المشرفين على التشغيل لكنهم لا يدركون أن ثقتهم هذه تبنى على خطوات كثيرة قبلها حتى يعطي المشغل هذا الضوء الأخضر ليقوم بالتشغيل وكل يبصم على قراره كي تحدد المسؤوليات، لكن للأسف سقطت الأرجوحة هذه وهي بكامل حمولتها والعناية الإلاهية كانت هي الأقرب فلم يصب أحد بجرح لكنها خلقت جوًا من التوتر والفزع والقلق الشديد، فترك الناس كل شيء وتجمهروا حول الأرجوحة كل يتفقد ابنه أو قريبه عله لم يصب بأذى. قررت حينها أن لا أكرر مثل هذا المخاطرة لأني على دراية بأساليب المسؤولين العشوائية غير الممنهجة أوالمخططة، لكن أضفت على ذلك الكتابة وذلك بعد أن وقعت في يدي قصاصة صغيرة من صحيفة لم أعرفها لأنها محروقة وتبقى منها جزء مكتوب عليه عن كثير من المراجيح والألعاب التي سقطت وراح ضحيتها الكثير من الناس بالأخص الأطفال. كتبت لك لأعلمك بصفتك كاتباً تستطيع من خلال منبرك هذا أن تفعل ما لا أستطيع، وفقك الله وسدد خطاك