ولاية جنوب كردفان من الولايات التي عانت معاناة كبيرة جدًا في اختيار حكامها سواء ان كان هؤلاء الحكام من الحركة الشعبية او المؤتمر الوطني ولقد عجز هؤلاء الحكام عن ادارة وقيادة الولاية وكان أهم ملامح هذا العجز يتمثل في الآتي: 1/ عدم الانسجام بين الوالي ونائبه في تسيير دفة الحكم بل كان الحال اقل ما يوصف به أنهما (شركاء متشاكسون) 2/ انعدام التنمية حتى يئس المواطن من أي امل في الخدمات ولعل العامل الأول أن التشاكس أعمى بصر هؤلاء وشل فكرهم إلا من التنافر والتناحر فلم يولوا بند الخدمات والتنمية اي قدر من المسؤولية. 3/ تدهور الناحية الأمنية بصورة سافرة وظهرت حالات النهب والسلب وقطع الطرق الأمر الذي ادى الى زرع الخوف والهلع وسط المواطن العادي الذي بعد ان فقد أي بارقة أمل في التنمية كان اقل مايأمل فيه أن يجد امنًا يمكنه من ان يمارس مهنته ان كانت زراعية او رعوية او تجارية او غيرها ولكن هيهات. ومما يؤسف له حقًا ان هنالك بعض المناطق ليس ينعدم فيها الأمن فحسب بل محرم قطعًا أن يدخلها ممثل المؤتمر الوطني وان كان مسؤولاً بالدولة بل ذهب الأمر إلى أن يعترض موكب نائب الوالي من ان يدخل بعض المناطق بحجة انها مناطق مقفولة للحركة الشعبية. تعيين هارون معلوم أن نظام الحكم في تلك الفترة متقاسم بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية تارة الوالي من المؤتمر الوطني ومرة من الحركة الشعبية فلما جاء دور الوطني لمنصب الوالي بعد تجارب سابقة لعله وقف وقفة متأنية مستصحباً معها التجارب السابقة وهي: 1/ تفكك النسيج الاجتماعي بين القبائل حتى أضحت الولاية لا تقل حالاً من حروب الجاهلية الأولى. 2/ كثرة المشكلات بين الرعاة والمزارعين لدرجة ان ترك خلق كثير هذه المهنة لاستباحة الرعاة للمشاريع. 3/ حالة الاحتقان التي تعاني منها الولاية. 4/ تعثر تنفيذ ما تبقى من بروتوكول نيفاشا بين الشريكين في جو ودي. 5/ الترهل في الخدمة المدنية فتردت الى الحضيض واصبح المال العام عرضة للعبث وامتدت اليه الايادي الجائرة والنفوس الضعيفة. هذه لمحة قليلة لما كان عليه الحال قبل مجيء مولانا هارون. لعل المؤتمر الوطني قد نثر كنانته وقلب سهامه فاختار هارون اصلبها عوداً واسنها نصلاً وأدقها نفاذاً وأسدّها رمياً رجلاً اجتمعت فيه مواهب القيادة التي يظن البعض انهم بالقبلية والجهوية والتكتلات يصلون اليها. لماذا هارون: إن الحالة التي كانت تعيشها الولاية تحتاج الى رجل تجتمع فيه بعض الصفات التي تؤهله إلي إعادة الثقة إلى نفس المواطن التي يئست من شيء يدعى حاكماً. إعادة هيبة الدولة التي فقدت بانتشار السلاح غير المنضبط وأصبح قانون الغاب هو السائد. المرحلة كانت في أمس الحاجة لرجل ملم بطبيعة المنطقة وله دراية متكاملة بنفسية المواطن فيها. الوضع الأمني المعقد يحتاج الى همة عالية وبصيرة نافذة وعقلية امنية حكيمة تزيل حالات الشد والجذب وتنزع فتيل الفتنة التي كادت تعصف بالولاية. كان هارون هو الأنسب بين اخوته في المؤتمر الوطني ورجل المرحلة بكل المقاييس وما خاب ظن من اصطفاه ثم اجتباه الى الولاية والياً فبحق كان برداً وسلاماً على أهل الولاية. لمحة قليلة من نجاحات هارون: ان عقلية هارون الوقادة هدته الى أن الاحتقان والاحتباس الأمني والتوتر لا تزول إلا إذا اتفق الشريكان على خطة عمل ووحدة أهداف وجعل مصلحة المواطن المغلوب على أمره هي العليا فكان ذلك بمثابة كلمة السر التي ازاحت كل الرواسب التي كانت عائقاً لاي اتفاق فتكسرت كل القيود وتلاشت كل الحدود وأزيحت السدود حتى صار المواطن يجول في ربوع الولاية لا يخشى إلا الله. ٭ ان كسب هارون لنائبه الحلو وفّر عليه جهداً ثميناً كان مهدراً في حل الخلافات والاختناقات الأمنية فإن وحدة الخطاب بين الوالى ونائبه في تلك الفترة أظهرت هيبة الدولة التي افتقدها إنسان الولاية وظهرت الحكومة بانسجامها وتجانسها الأمر الذي فوت الفرصة على المتربصين والمرجفين. ٭ الولاية كانت ترزح وتصطلى بنيران القبلية التي اودت بأرواح الكثيرين بلا سبب سوى لونهم أو جنسهم فبقوة القانون وقوة الحق وحل المشكلات بحياد وحسم تلاشت هذه الفتنة وانقشعت بحمد الله. ٭ ان المزارعين بالولاية أوشكوا على هجر الزراعة لما يجدونه من اعتداء آثم (من بعض) ضعاف النفوس من الرعاة الذين استباحوا حمى المشاريع فكانت (شرطة أبوطيرة الفكت الحيرة وجعلت المزارع ينعم بخيره) صمام أمان حتى تمكن الزراع من فلاحة أرضهم. ٭ اختفت ظاهرة النهب والسلب والسرقة بعين هارون الحمرة. ٭ إن ما قام به هارون من تنمية لا ينكرها إلا مكابر أو حاقد او حاسد ها هي العمارات الشواهق وأرصفة الطرق في كل ربوع الولاية ظاهرة للعيان فإنه اتجه الى التنمية بإرادة قاهرة وعزيمة قوية فنعمت الولاية بالتنمية والخدمات في كل منحى من مناحي الحياة سواء كان ذلك في الكهرباء او المياه او السدود فإنها لا تعد ولا تحصى. ألا يكفي الوالي فخراً ان يلبسه الرئيس وسام الإنجاز ويسربله بشارات الرضا بل وقد قال الرئيس بملء فيه «لو عارفين هارون بهذا الشكل لكان جبناهو من زمان» او كلمة نحوها لما رآه الرئيس من آثار تنمية هارون شاهدة على نفسها بنفسها وليست تقارير ورقية. ٭ ان المواطن في الولاية انتعش وانتفش والتفت بكل همة وعزيمة نحو الرقى والازدهار فنمّى نفسه بالعلم واصبحت حاضرة الولاية بهية في طلعتها شهية لروادها ولو استمر الأمن لغدت هذه الولاية تنافس المدن الكبرى في السودان. ٭ ان الوالى هارون سبق رصفاءه بصفات القائد الفذ الذي استطاع ان يفرض حبه على المواطن العادي فإنك تستطيع ان تدخل بيته متى شئت وتخاطبه متى أردت في أبواب المساجد وعند نزوله أو ركوبه لعربته. ٭ إن مبدأ الشفافية وحرية الرأى والاستماع للنصح من الكل كان ديدنه فخطابه يطرحه في المسجد عقب صلاة الجمعة ويعرض نفسه وخطابه للنقد والتوجيه ولولا ثقته بنفسه ما عرضها لذلك وإنها لكرامة تحسب للرجل. ٭ أشعر مولانا ان كل مواطني الولاية عنده على حد سواء بلا تمييز بين مؤتمر وطني او حركة او حزب فكسب قلوب جماهير الولاية. ٭ وعلى صعيد المؤتمر الوطني تحديداً فوالله احسب انه كان صمام امان لهم فالكل كان يتذكر حالة الفرقة والشتات التي ضربت الحزب حتى شمتت فيهم القاصى والداني فجمعهم في صف واحد وتحت قيادة واحدة. الحرب اللعينة والمذكرة المشينة لايخفى أن لهذه الحرب أسبابًا ودوافع وأجندات خارجية ليس للوالي فيها أي نصيب وهو بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب بل إنه تصدى لها بكل قوة وها هي قوات شعبنا الباسلة يفدون الولاية بأرواحهم ودمائهم الطاهرة حتى ينعم المواطن فيها بالرخاء والأمن وما من منطقة حررت إلا ونجد الوالى حل بها متفقدًا ومناصراً لجنودنا البواسل. نعم إن هذا الظرف الحرج لا شك أنه يشكل تحديًا كبيرًا للوالي وربما يشغله بعض الشيء عن خططه وبرامجه ولا غرابة في ذلك إلا أن العجب كل العجب والأسف كل الأسف من أناس بدل أن ينزلوا الميدان مقاتلين ومؤازرين للوالى استغلوا هذا الظرف للخذلان وطعنه من الخلف لحاجة في نفس يعقوب ويطالبون بإقالته فما هو الجرم الذي جناه الوالى حتى يقال ثم من هو البديل يا ترى أهم الذين رفعوا المذكرة ام يريدون ان يجرب المجرب مرة أخرى وهل فات على هؤلاء ان الوالي لم يعين تعييناً حتى يقال وإنما انتخبناه نحن لما لمسناه فيه من الصدق والامانة والقوة والصدر الواسع ولو كان هؤلاء مكان الوالي لما فازوا ولما أعطيناهم اصواتنا. إن كان لهؤلاء القوم خطة رشد توقف الحرب ووصفة سحرية تعيد للحلو صوابه فلمَ لا يقدمونها للناس. أخيراً لسنا مؤتمر وطني وليست لنا قرابة أو مصلحة شخصية مع الوالى ولا نتصور أنه لو قابلنا يعرفنا إلاّ إذا عرفناه بأنفسنا لكنها شهادة حق في حق الرجل لذا نؤكد أن هارون هو الرهان المضمون ومحل إجماع كل مواطني ولاية جنوب كردفان ولا نزكي على الله أحدًا ولا نظن ان قادة الوطني بسطاء لهذه الدرجة حتى يمرر عليهم مثل هذا الاستغلال الرخيص. ونسأل الله التوفيق والسداد. خالد عبد القادر حسين معلم بمرحلة الأساس - كادقلي ٭ من دلالة المصطلح نشكر الأخ الأستاذ خالد عبد القادر حسين على هذه الرسالة ونتفق معه حول ان الأخ الوالي مولانا احمد هارون فعلاً بذل مجهوداً جباراً ومقدراً في سبيل اطفاء حرائق الولاية المشتعلة في مختلف الصّعد السياسية والاجتماعية والأمنية.. وبذل مجهودات في اطار مكافحة الجريمة لخبراته السابقة في هذا المجال وهو رجل بطبيعة حاله يمتاز بالحيوية والنشاط الدؤوب وخواطر لا تهدأ. كما أن تواضعه أكسبه ميزة نادرة جعلته قريباً من نفس مواطن الولاية. اما قول الأخ استاذ خالد عبد القادر حول توافق الأخ الوالي مع نائبه السابق المتمرد الشيوعي عبد العزيز الحلو نقول ان امر الحلو الذي رآه بعض الناس توافقاً فقد أكدنا من قبل انما هو خداع ومكر مدفون في نفس الحلو المتمردة الحاقدة، كان ينتهز الفرصة المناسبة ليغدر برئيسه وجميع من في الولاية وقد فعل.. اما هجرة بعض المزارعين لحقولهم فليس بسبب ما سمّاه الأخ خالد باعتداء الرعاة هناك على المزارع ربما يكون هذا سببًا ولكن ليس سبباً جوهرياً وإنما السبب الجوهري هو سوء الأحوال الأمنية بسبب فوضى الحركة الشعبية في الولاية والطابور الخامس الخفي في جميع المناطق.