بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    إتحاد الكرة يحتفل بختام الموسم الرياضي بالقضارف    حادثت محمد محمد خير!!    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    دقلو أبو بريص    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد العزيز الحلو.. انقلاب السحر على الساحر..!
نشر في سودان سفاري يوم 12 - 06 - 2011

بعدما كادت الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في جنوب كردفان، ممثلة في والي الولاية مولانا أحمد هارون ونائبه عبد العزيز الحلو، تصبح مثلا يحتذى وأنموذج يشار إليه كواحدة من النوافذ الأكثر ضياءً في اتفاقية السلام الشامل، انقلب الحال ما بين عشية وضحاها. وعادت المنطقة من جديد لتعيش على وقع قعقعة الرصاص ودوي المدافع، ووقع أقدام آلاف الفارين والهائمين على وجوههم بين الغابات وشعاب الجبال، لتصبح جنوب كردفان على ألسنة المجتمع الدولي، وتدور حولها طواحين وسائل الإعلام بمختلف أنواعها.
وبدلا من أن تؤدي الانتخابات التكميلية التي جرت بالولاية مؤخرا إلى استكمال حالة الاستقرار والأمن، كانت منطلقا لحالة "اللا أمن ولا استقرار"، ويلقي الشريك الأكبر في اتفاقية السلام المؤتمر الوطني، باللائمة والمسئولية على شريكه الأصغر، الحركة الشعبية، التي خسرت معركة الانتخابات، وأعلن مرشحها لمنصب الوالي عبد العزيز الحلو أنه سيقود بنفسه المعركة من أجل تغيير نظام الحكم، وقال في بيان تناقلته الوكالات "نريد أن نسقط النظام لتحقيق التغيير الجذري في المركز وإزالة كافة أشكال التهميش في مختلف صوره سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً"، الأمر الذي دفع بالمؤتمر الوطني، على لسان الوالي أحمد هارون، لوصف شريكه السابق بالخيانة وأنه مطلوب للعدالة ولن يفلت منها، فلم يصدق القول هنا بأن "الملح والملاح أمضى من السلاح"، ومن غير المألوف في كثير من التجارب أن تنقلب الصداقات والأخوة والمحبة والعمل المشترك، من ذلك المحراب إلى مرحلة من العداء كما هو حادث الآن بولاية جنوب كردفان، حيث انقلبت تلك العلاقة والصداقة و"الملح والملاح" بين الوالي أحمد هارون ونائبه عبد العزيز الحلو، إلى عداء بسبب أن الأخير انطبق عليه القول الشعبي "الحسنة تلد السيئة"، كما قال بذلك أحمد هارون، وأضاف قائلا "إن الأخ عبد العزيز لم يضع للعهود والمواثيق قيمة، وذلك لخرقه للاتفاق والعلاقة والشراكة بيننا بفعل فاعل لم يجنِ من ورائه إلا الخراب والدمار لأهله في سبيل تنفيذ أجندة طرف آخر هدفها زعزعة أمن أهالي الحلو إلى جانب تنفيذ أجندة انفصاليين بالجنوب"، هذا الوصف الدقيق الذي ساقه مولانا هارون في حديثه لبرنامج مؤتمر إذاعي والذي ذهب فيه بطريقة محزنة ومؤلمة للخطوة التي قادها شريكه الحلو والذي اعتبره أخ وصديق كانت أياديهما في الملاح على الدوام، وقد وصف طريقة الحلو التي خرج وقام بقيادة حرب ضد صديقه هارون وضد مواطني الولاية من أهاليه بأنها تعتبر معزولة وغير مألوفة، ولم يجد هارون تعبيرا ابلغ من أن يقول "الحلو قام بإطلاق الرصاصة في خصر الشراكة"، وهي الرصاصة التي قضت على تلك الشراكة ولم تترك مجالاً للحوار مجددا أو حتى خيط رفيع من خيوط الصداقة بين الطرفين، لأن الحلو قد قتل العديد من قيادات المؤتمر الوطني وكذلك القوات المسلحة والتي كان هو أحد المسئولين عنها باعتباره نائبا للوالي، واعتبر هارون الخطوة التي أقدم عليها الحلو بقيادته حرب بالولاية عملية مدفوعة وتحريض من قبل نائب رئيس الحركة بقطاع الشمال ياسر عرمان، وذلك حينما قال "إن الشراكة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني بجنوب كردفان قد انتهت بعد تلك الرصاصة وان ما يدور الآن هو حرب وليست شراكة"، معلنا أنه قد أقال كافة الدستوريين والتنفيذيين من ممثلي الحركة الشعبية من أتباع الحلو وتكليف بعض المسئولين بقيادة العمل بالوزارات والمعتمديات التي كان يشغلها منسوبو الحركة الشعبية الذين وقفوا في صف الحلو، ومضى هارون بالقول "إن عبد العزيز الحلو خرج من الشرعية الدستورية وانه ومجموعته متمردون بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ وسيلقى الجزاء الرادع، وسيتم تقديمه للمحاكمة العادلة باعتباره مجرم حرب أستهدف المدنيين والقوات المسلحة النظامية، وأضاف "ثبت أن الحلو ومجموعته خلال ال20 عاما في صفوف الحركة الشعبية يعملون "بندقجيه" لخدمة الجنوب الانفصالية"، إلا أن أحمد هارون عاد مؤكدا "نحن رواد سلام ومتمسكون بالحوار مع محبي السلام من قيادات الحركة الشعبية بالولاية الذين رفضوا أسلوب الحلو وانتهاج أسلوب الحرب"، وقال إن من يتحمل مسئولية أحداث جنوب كردفان بالدرجة الأولى المتمرد ياسر عرمان ومجموعته من اليساريين وإنهم سيقدمون لمحاكمة قانونية، موضحا أن تلك الأحداث بدأت فور وصول عرمان ومجموعته برفقة لجنة من الخرطوم، وتمت خلال اجتماع بمنزل الحلو إبان الانتخابات والتي أدت لتغيير الخطاب الإعلامي للحركة بعد أن كان متوازنا، وقال هارون إن الخطاب انقلب 180درجة عداءً للمؤتمر الوطني، وأبان أن ما حدث هو ثأر للحركة بخسارتها لانتخابات الولاية ،وتابع "لا مجال لإعادة تلك الانتخابات" مستبعداً في الوقت ذاته وجود بوادر للحوار مع الحلو.
وكان قد سبق أن تم تشكيل لجنة مشتركة لمعالجة أوضاع أبناء النوبة بالجيش الشعبي بعد التاسع من يوليو بالولاية، واتفق الطرفان على أن تبدأ اللجنة أعمالها قبيل وقوع الأحداث الأخيرة وأكد هارون حرص المؤتمر الوطني على معالجة أمر قوات الجيش الشعبي بالولاية من أبناء النوبة، والنيل الأزرق باعتبارهما ولايتين شماليتين، بعد توجيهات رئيس الجمهورية بتوفيق أوضاعهم، وقال إن الطرفين كانا قد توصلا لاتفاق حول الترتيبات الأمنية من خلال الشروع في بروتوكول وقف إطلاق النار في الأماكن التي يتواجد فيها الجيش الشعبي جنوب حدود 56 عودة القوات المشتركة للمناطق المتفق عليها إلا أنه وبعد 32 ساعة من الشروع في البروتوكول قامت قوات الحلو بإطلاق النار على القوات المسلحة. واستبعد هارون مشاركة الحركة الشعبية الأم بطريقة رسمية في الأحداث، إلا أنه أشار لاحتمال مشاركة بعض أصحاب الأجندة فيها في تلك الأحداث الذين يضمرون عداءً للشمال، واثنى هارون على حكمة رئيس الحركة بالشمال مالك عقار ودوره في احتواء الموقف بجنوب كردفان إلى جانب وقفته بالولاية لحفظ الأمن، وقال نحن مع هؤلاء نسعى لإكمال السلام جميعاً. وقال إن عقار الآن يقود اتصالات لإثناء الحلو عن موقفه.
وسادت حالة القلق بين الأوساط السياسية والدولية لم تسود الحكومة ممثلة في المؤتمر الوطني فيما حدث بجنوب كردفان كثيراً في وصفها بأنها ربما تؤدي لتدخل دولي بجانب أنها تعتبر جنوب آخر بعد أن أكدت الحكومة إمكانية السيطرة على الأوضاع في القريب العاجل، سواء الأوضاع الأمنية أو الإنسانية، وقال هارون إن ما حدث لم يوصفه بأنه جنوب آخر ولكنها تعتبر حالات تمرد مقدور عليها بعزيمة القوات المسلحة وأبناء جبال النوبة من محبي السلام، وقال إن الحلو لم يمكث كثيراً في وضعه الآن وان يد الحق ستطاله، مشيراً لتماسك النسيج الاجتماعي لأبناء جبال النوبة في كافة السودان خاصة الولاية، وقال إن إنسان جبال النوبة سئم الحرب ولم يرغب في العودة لها ويتطلع للاستمتاع بالسلام والتنمية، وقال إن خطوة الحلو قد عبر عنها معظم أبناء النوبة بالرفض والتنديد، واستبعد أن تقود لعملية قبلية.
وأوشكت أحداث قبلية خلال الانتخابات الأخيرة، وقعت بمنطقة الفيض، بالقطاع الشرقي من الولاية، وأسفرت عن مقتل وإصابة ما يزيد عن الأربعين شخصا، وكادت أن تشعل فتيل الحرب من جديد لولا الجهود التي تسارعت لاحتوائها، وقد تبادل الشريكان – المؤتمر الوطني والحركة الشعبية – المسئولية في تلك الأحداث، لكن الطرفين أكدا لأكثر من مرة عدم العودة بالمنطقة إلى أتون الحرب مهما كانت الأسباب، وأعقب ذلك مقاطعة الحركة الشعبية بجنوب كردفان، لعملية فرز ومطابقة أصوات الناخبين، ومن بعد إعلانها عدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات التكميلية الأمر الذي اعتبر حينها نذر ومؤشرات من شأنها أن تعيد أوار الحرب للمنطقة من جديد.
المخاوف من عودة التوتر والحرب إلى جنوب كردفان، إبان الانتخابات دفعت بالقوات المسلحة أن تقطع بعدم السماح لأية جهة بزعزعة الأمن والاستقرار بولاية جنوب كردفان، والتأكيد بأن جنوب كردفان ولاية شمالية وتقع في قلب الشمال وأن أي محاولة لإدارة شؤونها من قبل الحركة الشعبية أو مجرد الوصاية عليها مرفوضة، وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العقيد الصوارمي خالد سعد، في تصريحات حينها "لا تفريط أبداً في أمن ولاية جنوب كردفان ولا حق لأي وجود عسكري غير القوات المسلحة وبقية القوات النظامية الأخرى، التابعة لحكومة السودان في التواجد في هذه المنطقة"، مؤكداً أن القوات المسلحة لن تسمح لأي جهة بزعزعة الأمن والاستقرار بولاية جنوب كردفان، وأبان العقيد الصوارمي، أن كل من تسول له نفسه المساس بأمن المنطقة فإن القوات المسلحة ستعصف به في الحال، وجاءت تصريحات القوات المسلحة على خلفية اجتماع عقدته قيادات من الحركة الشعبية في جوبا مؤخرا بحضور مرشح الحركة الشعبية لمنصب الوالي في انتخابات جنوب كردفان، عبد العزيز الحلو، وقررت اتخاذ ما أسماه خطوات أمنية وتعبوية بالولاية بدعم مباشر من جوبا، وذلك في أعقاب إعلان الحركة الشعبية انسحابها من عمليات مطابقة نتائج الانتخابات التكميلية بحجة التزوير. وبرغم الجهود الحثيثة التي يقودها الوسيط ثامبو أمبيكي، رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى لمتابعة الشأن السوداني، لجمع رئيس الجمهورية، ونائبه الأول في اجتماع حاسم بأديس أبابا، بعد أن قدم مقترحات للطرفين - المؤتمر الوطني والحركة الشعبية - لحل الأزمة. والجهود الموازية التي تقودها عدة جهات والقلق الذي يساور المجتمع الدولي، تبقى الأوضاع بجنوب كردفان رهينة بوقف التصعيد وعودة قيادات الحركة الشعبية هناك إلى نصابها لتجنيب المنطقة المزيد من التدهور.
نقلاً عن صحيفة الرائد 12/6/2011م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.