شرق السودان بولاياته الثلاث يشهد حراكاً لا مثيل له في بقية ولايات السودان الأخرى.. فمؤتمر الشرق الدولي الذي انعقد من قبل لمعالجة قضاياه زائداً حركة الدولة وفوق ذلك حركة حكومات تلك الولايات حولت الحياة هناك رأساً على عقب، فالشرق ليس هو شرق حكومة الإنقاذ وليس أحد إفرازات سياساته وإنما هو كان في أكبر هامش منذ أن قرر الاستعمار تأديب تلك القوى التي قاومته واعاقت تقدمه ولقّنته دروساً في القتال والدفاع عن النفس.. والبطولة والوطنية على أعلى درجاتها.. فعثمان دقنة البطل ومعه مقاتلو الشرق.. وبالرغم من أن تاريخ تلك المعارك لم يُكتب بعد بالصورة الصحيحة كما وقعت.. إلا أنه صار الرمز الذي يشار إليه كلما جاء ذكر الوطن والوطنية قائداً فذاً من قادة الثورة المهدية في شرقنا الحبيب بل وأسطورة في مواجهة جيش مدجج بأحدث الأسلحة ويضم محاربين من عدد من دول أوروبا خاضوا معارك كثيرة وتراكمت لديهم الخبرات في مواجهة ثورات الشعوب ضد المستعمرين في ذلك الوقت.. وبذات المستوى من القوة والصلابة والتصميم تمضي إحدى ولايات الشرق الثلاث وبخطى ثابتة لتأهيل بنياتها التحتية ولخلق بيئة جيدة صحيحة ليعيش مواطن تلك الولاية من أهل الشرق مطمئناً سعيداً فرحاً بثورة تنموية وانقلاب في حياته العامة.. وعاصمة الولاية بورتسودان لم تستأثر بكل الكيكة لوحدها باعتبارها الأقرب إلى دوائر القرار وإنما فازت مناطق الولاية المختلفة سنكات، هيا، جبيت، اركويت، سواكن، مجد قول، جبيت المعادن من نفحات التنمية التي تمثلت في استهداف الإنسان في الأساس..انسان الشرق الذي كان معزولاً وتائهاً وسط تلك الجبال لا يجد الغذاء.. ولا يجد الأمان، ولا يجد التعليم ولا يجد الرعاية ولا يجد التنمية .. جميع مناطق الولاية تشهد ثورة تنموية سوف تقلب الصورة الذهنية لأهل تلك الولاية ولأهل السودان، فميناء بورتسودان صار مؤهلاً لاستقبال ووداع السفن بتجديد الآليات وتحديثها وفصل ميناء الحاويات.. هناك ميناء بشائر لتصدير البترول وهناك ميناء سواكن لسفر الحجاج ويجري تأهيله لمزيد من الكفاءة وتعدد الأغراض وهنا يصعب عليّ أن اتجاوز الميناء الجنوبي لصوامع الغلال وميناء الحاويات، الطريق إلى حلايب صار ميسراً بعد أن تمت سفلتته.. المواطنون في أوساط الجبال تم تجميعهم في قرى حديثة تتمتع بكل الخدمات الضرورية، المنازل المشيدة بأحدث الطراز والمدارس للبنين والبنات، المستشفيات، مراكز الشرطة مراكز تنمية المرأة والشباب، كل هذه الإنجازات شهدناها بأعيننا ولم تُنقل إلينا كصورة أو محاضرات سياسية.. وعندما يتحقق الرضا للمواطن من قياداته الإدارية والسياسية يصبح بالإمكان أن تسمع الهتافات بالإشادة لتلك القيادات فقد سمعنا بإستاد بورتسودان في الليلة الختامية لمهرجان التسوق والسياحة كل الإستاد يهتف بعبارة «إيلا حديد» وهذا يعبر عن قمة القبول والرضا لعمل القائد يصدر عن مواطنين من مختلف المستويات.. جاءوا برضاهم إلى الإستاد للتعبير عما يشعرون به فهنيئاً لحكومة البحر الأحمر التي تمكنت وخلال فترة وجيزة أن تحقق هذا الانقلاب الكبير أو لنقل تلك الثورة العظيمة في شرقنا الحبيب.. ثغر السودان.. لا أستطيع أن أتصور كيف يكون الحال إذا لم تكن هناك طرق مسفلتة تربط مناطق الولاية بعضها ببعض رغم السنوات التي عشتها في مدينة بورتسودان.. فالمسافات بعيدة والطرق كانت وعرة.. ولكننا سافرنا إلى محمدقول في سهولة ويسر ووجدنا أهلاً من طاهر يستقبلوننا بالبشر والترحاب.. وشاهدنا القرية النموذجية بمرافقها المختلفة ابتداء من المسجد والمدارس والمستشفى ومراكز الشباب والمرأة.. والمياه والكهرباء.. حقيقة لا أستطيع عبر هذه المساحة أن أعدِّد ما شهدناه من مظاهر النهضة والخروج بالمواطن الشرقي من براثن الفقر والمرض والجهل وللمواطنين ألف حق إذا هتفوا للوالي ووصفوه بالحديد الصلب المستخرج من جبال جبيت المعادن.