ظلت قضايا الصحة بولاية جنوب دارفور المترامية الأطراف والتى يفوق تعداد سكانها ال«4» ملايين نسمة الهمّ الشاغل لكافة الحكومات التي تعاقبت على الولاية بسبب ضعف البنيات التحتية وانعدام الكوادر الطبية وبالأخص محليات الولاية مما أوقع العبء على مستشفى نيالا التعليمى الذى يعد المرجعى الوحيد للولاية حيث هو الآخر عجز في الآونة الاخيرة عن تقديم الخدمة المطلوبة لإنسان الولاية لافتقاره التمويل الذى قاد الى اضرابات متكررة للاطباء طوال الثلاث سنوات الماضية، ورغم الخدمات التى يقدمها التأمين الصحى والتى ساهمت فى سد الفراغ بعض الشيء الا أن الصحة مازالت فى حاجة لتضافر الجهود وتوفير التمويل اللازم الذى يمكِّن من توطين خدمات العلاج بالولاية والريف لرفع معاناة اهله فى فصل الخريف نتيجة لوعورة الطرق، فالوالي حماد إسماعيل جاء للولاية فى ظل ظروف بالغة التعقيد تجاوزت فيها مديونية الولاية ال «200» مليار جنيه وهي متراكمة منذ عهد ما قبل علي محمود الوالي الأسبق للولاية وهناك قضايا الصحة والأمن والتعليم والكهرباء والمياه كلها فى انتظار الحلول الناجعة حتى ينعم المواطن بالاستقرار والرفاهية لكن مراقبين يرون ان حماد ربما يكون اوفر حظًا ممن سبقوه من حيث تدفق الدعومات خاصة وان وزير المالية الاتحادي احد الداعمين لترشيحه لجنوب دارفور علاوة على ان ماشهدته نيالا من احداث صاحبت قدومه للولاية عقب أدائه للقسم وتسلم مهامه رسميًا هي ايضًا سانحة لحماد بان المركز سيدعمه حتى يقنع المناوئين والمشككين فى قدرته على حكم الولاية من خلال مشروعات التنمية التى سيحدها اذا ما أتحيت له مقوماتها فالوالى حماد أكد اهتمامه بقضايا المواطنين والعاملين بالدولة من خلال جولاته التعريفية للوزارات المختلفة، وفى إحدى محطاته طوافه وتحديدًا وزارة الصحة ابدى ملاحظة حول مقر الوزارة وهي كانت مطالب للقائمين بأمرها لسنوات خلت بضرورة ايجاد مقر موحد للوزارة حتى تسهل عملية الاشراف على إداراتها الحالية والتي هي عبارة عن جزر متباعدة، وقال حماد خلال لقائه بإدارات الوزارة ان ايجاد مقر موحد للوزارة مطلب شرعى وسيكون ضمن اولوياته بجانب السعى لتطوير الخدمات والتنسيق المحكم مع التأمين الصحي، وتابع: «الصحة مفتاح كل شيء وبها يكون الشعب منتجًا وسيكون هنالك تعاون بيننا وبين الصحة الاتحادية لدعم الخدمات ومعالجة الامراض المتوطنة وانسياب الدواء الدوار»، ودعا حماد ادارات الصحة إلى التنافس والعمل بالأولويات وانه سيسعى لتوفير الحد الأدنى من الإمكانات المطلوبة، واكد حماد استمرار آفاق التعاون مع الدول الاخرى التى تعمل الآن لدعم خدمات الصحة بالولاية، فيما استعرض مدير عام وزارة الصحة بالانابة د.ابوبكر حسين قضايا الصحة وقال ان اكثر ما تعانيه الولاية النقص الحاد من الكوادر الطبية والتى قامت بموجبها اكاديمية العلوم الصحية وهى واحدة من مفاتيح الحل الناجعة، واضاف ابوبكر ان العبء على الصحة سيكون كبيرًا في المرحلة المقبلة خاصة مع بشريات السلام وعودة النازحين واللاجئين الى مناطقهم والتى تتطلب مجهودات صحية جبارة، واكد المدير العام ان مستشفى نيالا وصل الآن لمرحلة استقرار نسبى بعد المشكلات التى مر بها سابقًا ومشكلته الاساسية حاليًا تكمن فى نقص الاطباء والمعدات «اجهزة المعامل» والدعم، مطالبًا الوالى بالاتصال بالخدمة الوطنية لتوفير الكوادر من الاطباء العموميين كما يتطلب الامر معالجة امر الحوافز والبيئة الجاذبة حتى تكون الولاية جاذبة للكوادر الطبية وليست طاردة لهم، ودعا حسين حكومة الولاية الى ضرورة اصدار قرار بإنشاء مركز للسكري الذى تحتاج إليه الولاية، بينما اشار مدير الرعاية الصحية الاولية بالصحة محمد عمر الى اكتمال تحديث الخارطة الصحية للولاية والتى تنظر الى توزيع الخدمات الصحية من واقع الخارطة ووفقًا للكثافة السكانية للمواطنين وليست بالمزاج، وقال محمد ان الولاية تعتمد على «312» وحدة لصحة الاسرة تقدم خدمات للريف فى مجال التحصين والتغذية ومكافحة العديد من الامراض بجانب «18» مستشفى ريفيًا ومستشفى عام واحد وجميعها تعوقها ميزانية التسيير، واضاف ان الرعاية الصحية الاولية تعتمد على الدعم الاجنبى فقط مطالبًا بضرورة ان تجد الدعم الحكومى خلال المرحلة المقبلة، فيما دعا مدير التحصين الموسع بالولاية صديق عبدالله الى اهمية التركيز على تطبيق شعار الوزارة لهذا العام «عام الصحة بجنوب دارفور بتوطين العلاج بالولاية» وتأهيل المؤسسات الموجودة وتكملة وتأهيل الكوادر مع تقوية الرعاية الصحية الأولية، وقد شكا رئيس الهيئة النقابية للمهن الصحية علي عمر من تراكم استحقاقات العاملين والتى ظلت تشكل هاجسًًا لهم، وقال ان حقوق العمال المتراكمة لخمسة سنوات بلغت «6» مليارات جنيه لم يدفع منها سوى «300» الف جنيه الأشهر الماضية لافتًا الى وجود وعد مكتوب من وزير المالية السابق بجدولة تلك المستحقات مطالبًا الوالى بالوقوف معهم والاستجابة لها حتى تتجنب الهيئة المطالبات المتكررة لها من قبل العاملين، عمومًا قضايا جمة ومشكلات عديدة استمع اليها الوالى فى أولى جولاته التعريفية لوزارة الصحة فالطريق امامه ليس مفروشًا بالورود، فهناك قضايا كثيرة عالقة بالمؤسسات الأخرى وحل جميعها يكمن فى توفير المال فهل يجده حماد من المركز حتى ينجح فى مهمته الشائكة؟