ليس هنالك شك في أن المثل الذي يقول «اتقِ شر من أحسنت إليه» ينطبق على الحركة الشعبية فإن كل ما قدمه لها الشمال من تسهيلات وتنازلات بدءاً من تقرير مصيرها الذي حقق السلام وانتهاء بالانفصال كل هذا قابلته بكل شر مستطير. فرغم أن الشمال يسر لهم عملية الاستفتاء وقبل أن تمضي العملية رغم ضيق الوقت أي أن المسألة كانت عبارة عن «كلفتة» ومع ذلك قبل بنتيجتها وكلنا قد كان متابعاً اهتمام واشنطن بهذا الاستفتاء ودعوتها لأن يتم مهما كان الوضع الأمر الذي جعل الكثيرين يتساءلون هل خلا برنامج حكومة أوباما من أي أعمال إلا استفتاء جنوب السودان، وزعم كل هذا وغيره فإن حكومة الجنوب قد احتضنت الحركات المسلحة الدارفورية وهي أول من زوّدها بالسلاح بل أكثر من ذلك حيث توسط أحد قادة الحركة لدى الرئيس الأوغندي موسفيني ليسمح لحركة العدل والمساواة بإنشاء قاعدة لهم في بلاده فلم يصدق ذلك بل زاد على موافقته بأن وعد بتزويد أعضاء الحركة بوثائق السفر ووعد بأن يتوسط من جانبه لدى الحركة بزعماء المنطقة لتسهيل أمورها في الانطلاق من هناك للتخريب في دارفور. وإن احتضان الحركة الشعبية لحركة العدل والمساواة لم يقف عند ذلك بل أصبحت ترسل بمجموعات من الحركة للتدريب في الأكاديمية العسكرية بأوغندا إضافة إلى توفير الدعم العسكري لها من إسرائيل وكان سلفا كير قد وعد السيد رئيس الجمهورية بإبعاد حركات دارفور ولم يفعل رغم مضي شهور عديدة مما يؤكد أن قادة الحركة من كبيرهم إلى صغيرهم «طينة واحدة». كل ذلك فضلاً عن كيدهم للشمال ونسج المؤامرات حوله خاصة تحريضهم لواشنطن بأن لا ترفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وعدم التطبيع معه وما خفي أعظم. معلوم أن حكومة الجنوب اشترت كميات ضخمة من السلاح بمليارات الدولارات فهل هذا السلاح سيوجه إلى يوغندا وكينيا وهما دولتان صديقتان للجنوب أم أنه قد أُعدَّ للحرب على الشمال؟ المسألة هنا لا تحتاج إلى لبيب ليفهمها. والمسألة الأخرى أن بعض قادة الجنوب قد بدلوا دينهم من الإسلام إلى المسيحية ليكونوا مقبولين لدى دول الغرب وكثيرون منهم أصبحوا شيوعيين وحينما انهارت الشيوعية أصبحوا ليبراليين إمبرياليين ولكنهم ظلوا محتفظين ببطاقات عضويتهم الشيوعية. أخيراً أعتقد أن هذا يكفي. هامش: قال الشاعر: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا