نصف ركاب الحافلة التي كنت بها ونحن في طريقنا لمدينة الصفوة بأمدرمان رفعوا أكفهم بالدعاء أن نكون قد ضللنا الطريق ونحن نتوسط سوق المويلح للماشية، وتساءل من كان يجاورني من الزملاء «نحن ماشين جبره الشيخ بشمال كردفان ولا شنو؟»، فقلت له نحن مازلنا في محلية أمدرمان ولكن سوء الطريق ورداءته هو ما يجعلك تشعر ببعد المسافة، وتملك الإحباط الكثيرين خاصة الذين كانوا يمنون النفس بوداع بند الإيجار وإعمار منازلهم بالسكن فيها، ويبدو أن هذا الأسبوع كان هو أسبوع الإحباط حيث بدأ بقرعة منازل الصفوة التي حملت مبالغ خرافية مقارنة مع المبالغ التي قررت عند التقديم لهذه المنازل، فلا يعقل أن يفوق الفرق العشرة آلاف جنيه دون مبرر منطقي ولا اختار الصحفيون ولا اتحادهم، ولا يُعقل أن تكون هناك منازل متجاورة الأول سعره اثنان وأربعون ألفًا والآخر تسعة وثلاثون ألفًا وغيرهما ستة وثلاثون ألفًا وبعض المنازل أربعة وثلاثون واثنان وثلاثون ألفًا، وهذه الأسعار جعلت البعض يشعر باستغلال حاجتهم لهذه المنازل من قبل صندوق الإسكان ولا أدري هل الأخ وزير التخطيط على علم بهذه الزيادة أم أنها تمت دون الرجوع إليه. إن حاجة هذه القبيلة الصحفية لمنازل تقيهم شرور الإيجار وارتفاعه جعلتهم يقبلون بالخيارات المتاحة للسكن على أطراف الولاية ولكن يجب على حكومة الولاية احترام الصحفيين وتقديرهم بتوفير الخدمات لهم في مدينتهم قبل استلامها بصورة رسمية، وفي مقدمة هذه الخدمات الطريق المعبد الذي يسهل كثيرًا التنقل من أطراف الولاية لقلبها حيث كل المؤسسات الصحفية، ويجب احترام الصحفيين بعدم وضعهم أمام الأمر الواقع بزيادة أسعار هذه المنازل بصورة خرافية، فحينما قدمت هذه الشريحة للمنازل قبل شهور عديدة وُضعت لها الخيارات حسب أسعار الصندوق وفضل الكثيرون الابتعاد عن السكن المحسن لارتفاع سعره ومقدّمه، والجميع يعلم الظروف الاقتصادية الصعبة والمعقدة التي يعمل فيها الصحفيون ولذا اختار الغالبية السكن العادي والذي حددت أسعاره بثمانية وعشرين ألفًا وثلاثين ألفًا واثنان وثلاثون ألف جنيه، ولكن في يوم القرعة اختلفت هذه الأسعار وتحولت إلى اثنين وثلاثين وأربعة وثلاثين وست وثلاثين وتسع وثلاثين واثنين وأربعين ألف جنيه دون توضيح أسباب هذه الزيادة ودواعيها، مما جعل البعض يسخر منها ويقول «يبدو ناس الصندوق ديل ماشين مع موجة ارتفاع الأسعار وقالوا نحن ذاتنا نزيد». عمومًا جل الذين تسلموا منازلهم في الصفوة قرروا رفع مذكرة احتجاجية لرئيس اتحاد الصحفيين ولمدير صندوق الإسكان على هذه الزيادة غير المبررة وسيتم تصعيد الأمر لأعلى المستويات حتى تحل هذه المعضلة.