تعتبر الحدود من ضمن القضايا العالقة بين دولتي السودان وجنوب السودان، وتمتاز حدودنا بأنها الأطول في القارة الإفريقية، حوالى «2000» كلم، مما يعقد من مراقبتها، خاصة وأن ترسيمها لم يبتدئ بعد، لذا فإن الحدود البرية من المنافذ التي يستخدمها الأجانب للدخول للبلاد سرًا دون إخطار الحكومة، وما يعنينا في هذا الصدد المسؤولين الأجانب في حكومات دولهم، ومنهم النائب في الكونغرس الأمريكي فرانك وولف الذي تسلل إلى ولاية جنوب كردفان سرًا، مطلع الأسبوع الماضي، عبر دولة الجنوب، وبصحبته الصحفي الأمريكي نيكولاس كريستوف، وفقاً لسفير السودان بواشنطون عماد التهامي، الذي قدّم احتجاج بلاده للخارجية الأمريكية لوصول الرجلين البلاد دون تأشيرة دخول، واعتبر ذلك انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي ولميثاق الأممالمتحدة، ولقوانين السودان، ومما يعرف عن النائب وولف أنشطته الداعمة للتوجه المؤيد لوجود انتهاكات عرقية منظمة من في السودان، ففي موقعه الإلكتروني يحدث أنه زار السودان ست مرات في الفترة «1989 2004»، ومن ضمنها زياراته لدارفور في يوليو «2004» التي وصفها بالإقليم الذي حطمه العنف، وفي الصفحة نفسها فيديو عنوانه «رحلة رجل الكونغرس فرانك وولف للسودان 2012»، وفي معسكر «إييد» حسب الموقع، أظهرت الصورة فرانك ومعه مترجم ينقل لبعض السيدات أسئلة فرانك مثل: كيف هي أحوالهم وهل تضربهم طائرات الحكومة، وكيف يعرفونها، وتقول المعلومات المكتوبة والتي تخلل الفيديو من حين إلى آخر أن هؤلاء المواطنين الذين يبلغ عدهم «25000» تعرّضوا للإرهاب وتدمير قراهم ذاك فيما يختص بدارفور، إذن ما الذي يريده وولف من زيارته لجنوب كردفان خلسة، الإجابة التي خص بها الخبير في مجالات العمل الطوعي والإنساني د. حسين إبراهيم كرشوم «الإنتباهة» تفيد أن القصد منها إضفاء الشرعية للحركة الشعبية قطاع الشمال في المناطق التي يوجدون فيها، وهو هنا يتفق مع السفير التهامي الذي اتهم الأمريكيين بالضلوع في أعمال مساندة للحركة، ويضيف كرشوم سبباً آخر يسعى له وولف، يتمثل في تأييد رؤية بلاده التي تصرُّ على تدهور الأوضاع الإنسانية بالولاية وأنها على أعتاب مرحلة المجاعة، تمهيدًا للقيام بخطوة التدخل بصورة منفردة، وبمعزل عن المجتمع الدولي، وفي السياق نفسه يذكر أن مندوبة أمريكا في مجلس الأمن سوزان رايس دعت لافتراع خطوط إمداد إغاثة لمواطني جنوب كردفان والنيل الأزرق دون موافقة السودان، ومن الحالات التي المشابهة لدخول البلاد دون استئذان الحكومة حادثة مستشار الرئيس الأوكراني الذي دخل دارفور عن طريق الجارة تشاد في 2005م، وهناك العديد من المسؤولين الغربيين معظمهم أمريكيين الذين دخلوا الجنوب دون إذن، وذلك قبل توقيع سلام نيفاشا، وحجتهم في ذلك أن دخولهم يتعلق ببرنامج شريان الحياة، بالرغم من أن بنود البرنامج تشترط عدم دخول المنتسبين للبرنامج إلى السودان أو الخروج منه إلا بعلم الحكومة السودانية، ومن أشهر قضايا التسلل ماعرف بقضية «شتانير» ذلك المسؤول الألماني الذي وصل الجنوب عبر كينيا في سبيعينات القرن الماضي، وألقي القبض عليه وتمت محاكمته في الخرطوم، بالإضافة لذلك هناك العديد من الحالات غير المأذون لها بدخول السودان، أبطالها عدد من المسؤولين الأوروبيون، وبالعودة لحادثة تسلل النائب الأمريكي يشير مصدر مسؤول آثر عدم الإفصاح عن هويته أن فرانك في رحلته التي استغرقت ثلاثة أيام لجنوب كردفان توجه إلى مناطق «الرملة وكجي وسرف الجاموس» التي تقع في محلية أم دورين، فضلاً عن المواقع المتاخمة لمنطقة طروجي، حيث التقى بالقائد الثالث للجيش الحركة بقطاع الشمال رمضان كالو وفيليب نورين عضو المكتب السياسي للحركة، بجانب عدد من القادة الميدانيين، دولياً يعرف دخول المسؤولين الأجانب لدولة ما بأنه انتهاك لسيادة دولة عضو في الأممالمتحدة، ويوقع الفاعل تحت طائلة القانون الدولي والقانون المحلي للدولة المعنية، وفي حالة السودان يحق له بمساءلة فرانك قانونياً عن طريق دولته أو الأجهزة العدلية الدولية طالما أنه لم يتمكن من إلقاء القبض عليه أثناء وجوده غير المشروع في البلاد، الملاحظ أن العامل المشترك في جميع حالات الدخول غير الرسمي للبلاد المذكورة أعلاه حدثت في أوقات حرب، وبطبيعة الحال فإن تلك الزيارات لا تصبُّ في مصلحة الحكومة وإلا لما اتخذت طابع السرية والتوجه للقاء قيادات التمرد الذي تحاربه الحكومة ولما كانت أعراض الحروب كثيرة ومتشعبة على كل الصعد إنسانية كانت أو أمنية، فالخلاص منها يكمن في إيقاف المورد الذي تقتات منه ألا وهو الحرب، ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟