وسلسلة ذكريات يرويها أحد من كانوا في سجن الملك الحسن تطلق سلاسل أخرى.. وعن سجون ليست كلها لها باب من الحديد بمسامير بارزة.. وأمامها عسكري. بل أكثرها نوع من السجون يحمله الناس في الشارع. والحوار الآن في كل مكان «حتى حوار غازي وعلي عبدالله إبراهيم وحوار قاعة الشهيد الزبير الأسبوع الأسبق. وموجة الكتب المتدفقة.. و..» الحوار هذا هو نوع من القفز من فوق السور.. للهروب أو حفر الأنفاق مثلما فعلها الأولاد المجاهدون الذين قتلوا الأمريكي في الخرطوم ليلة رأس السنة. و«والدة القتيل الأمريكي في مرحلة من القضية هذه تتقدم للعفو عمّن قتلوا الأمريكي .. لكن محامياً سودانياً يجعلها تتراجع عن العفو هذا» وسبدرات عنده الحكاية وحتى هذا.. حتى القاذورات.. تصبح جزءاً من الحوار «2» والحوار في العالم الإسلامي في السنوات الأربعين الماضية كان ينطلق بعنف.. ليس من أعداء الإسلام «الإسلام الذي يعود وهو يحمل العكاز والكلاش الأفغاني والسوداني».. بل حتى المسلمين كانوا يقولون : عاوزين الإسلام لكن ..!! وحوار بورقيبة ضد الشيوعيين كان ينتج الحكايات.. وفي سجون بورقيبة كان الحوار «مع الثوريين» هناك يجعل الحكومة تحشد السجن الواحد بالشيوعيين وأصحاب الشذوذ الجنسي «ونبتة» الإنسانية الغريبة «الفطرة» التي تشق الصخور لتنمو تجعل صداقة غريبة/ بعيداً عن الشذوذ تنمو بين أحد قادة الشيوعيين وأحد قادة الشواذ. قال هذا: أتمنى أن أعرف.. ما هو هذا الإصلاح الذي تصعد المشنقة لأجله؟.. وبعد أن تموت كيف تشعر بصلاح أو خراب الناس.. خصوصاً وأنك ملحد لا تؤمن بشيء بعد الموت؟ قال الشيوعي: إنه شيء يشبه ما تمارسه أنت وتُسجن لأجله!! حوار.. لكن بورقيبة الذي يبدأ حكمة بإلغاء قانون الأحوال الشخصية «يلغي الطلاق وزواج أكثر من واحدة.. والمواريث و... و...» بورقيبة هذا يمنع هدم ضريح قديم لأحد الأولياء بعد أن سمع أن من يمس الضريح هذا يموت وحتى قريب أيام كأس العالم السابق كان مشجعو كرة القدم في تونس الذين «يصفرون» للنشيد القومي لبلادهم.. وهو يُعزف قبل المباراة.. كانوا يصفقون بجنون للاعب الفرنسي «بوتييه» لأنه أسلم وتزوج مغربية. «3» ومثلها.. عن التدين وحوار التدين في الأعوام الثلاثين الأخيرة في مصر كان شيئاً مثيراً. وكان «يصيب» كبار المثقفين بالذات. وتوفيق الحكيم تفرغ آخر حياته لكتابات إسلامية وأصدر «اختصاراً ممتازاً لتفسير الطبري» حتى يجعله قريباً من العامة. ومن «دفعة الحكيم» طه حسين .. ظل لا يسمع إلا القرآن آخر حياته والعقاد قطع شوطاً كاملاً في عبقرياته. والمسرح الذي كان ينغمس في كل شيء.. تفرغ تماماً لمسرحيات عن شخيصات إسلامية. ومحمود شاكر يغلق بابه عليه مرة واحدة «ومحمود هذا أعظم من طه حسين». ومصطفى محمود الذي لا تحجزه الأبواب يمضي في شوط كان قد استدار إليه منذ الثمانينيات. مصطفى محمود الشيوعي العتيد حين يستدير إسلامياً يكتب تفسيراً «عصرياً» للقرآن.. وحوار مع الملحدين ورأيت الله و.. ويبنى مسجداً ويبني مرصداً للنجوم لنفسه فقط.. ومن وراء المنظار يظل يحدق في السموات. ومصطفى محمود يبدأ كتابه «رأيت الله» بحكاية أسد سيرك الحلو. والأسد في السيرك «سيرك الحلو» وفي لحظة غريزية خاطفة يهاجم مدربه أمام المتفرجين ويقتله. الأسد بعدها.. وفي شيء يسميه الكاتب «ندم» كان ينطوي على نفسه ويرفض الطعام.. يومًا وأياماً .. بعدها.. وفي لحظة غريبة الأسد ينظر إلى يده التي ضربت المدرب ثم ينهال عليها عضاً ويهرسها تماماً.. ثم يتمدد ويموت..!! مصطفى يقول إنه ما من شيء إلا وهو يعرف الله.. ويعرف الصواب والخطأ.. والذنب أيضاً. «4» والحوار في السودان في الأيام ذاتها كان يمضي بطريقته والمرحوم سيد أحمد نقد الله «أحد أجمل الكتاب. لمن لا يعرفونه» كان حين يذهب للتأمين على حياته في شركة تأمين ألمانية يشترط عليهم ألا يخبروا أهله عند وفاته أن الأموال هذه هي أموال تأمينه على حياته قال .. حتى لا تقول أختي.. ما بنشيل تمن أخويا! والمعضلة هذه تمتد حتى اليوم فقد نسمع أن أثرياء ضخام في الخليج ممن يودعون ملياراتهم في مصارف أوربا يرفضون الأرباح لأنها.. ربا..!! والمصارف هناك مبتهجة بهذه التقوى!! لكن الأمر كله ينتهي إلى أن الحوار الآن حوار العودة إلى الإسلام شيء يدخل من الأبواب والنوافذ والشقوق.. حتى شقوق التفسير الخليجي هذا للإسلام والعودة الآن جديدة.. لسبب جديد فكل أحد كان يقول يوماً :عايزين الدين .. لكن.. كيف؟ بعدها ينطلق كل أحد ليقوم بتفصيل «دين حديث» في بيت أزيائه هو.. الجديد الآن هو أن الأسلوب هذا يتوقف.. ونستمر مع المتحاورين ننقل ظلالهم