ما زال بعض الناس يشكون فيما ينسب إلى «محمود محمد طه» من آراء جعلت العلماء المخلصين يحكمون بارتداده عن الإسلام وإنكاره لكثير مما هو معلوم من الدين بالضرورة كالصلاة مثلاً، وكثير من أنصاف المتعلمين ولا أقول المثقفين يجادلون في الله بغير علم ولا هدًى ولا كتاب منير. وللحقيقة المجردة أودُّ أن أذكر بعض آرائه وما ما قاله بنفسه مكتوباً وليس مسموعاً إلا ما يوضح المكتوب بالمسموع. - لم يأتِ محمود «بجديد من الرأي فبما زعم وقال وكتب لأنك أذا رجعت لكتب «الباطنية» ستجد هذه الآراء كلها موجودة، فآراؤه خليط من آراء الباطنية في الرسالة وفي أن القرآن له ظاهر وباطن؛ ظاهر يفهمه العامة وباطن لأصحاب الباطن، وآراء من المسيحية في نظرية التضحية والفداء. أما كتابه «أدب السالك» فهو منقول عن كتاب عبد الكريم الجيلي «الإنسان الكامل». يرى «محمود» أن للإسلام رسالتين؛رسالة نزلت في مكة ولم يطبقها الناس، وأرجئت إلى القرن العشرين في انتظار رسول القرن العشرين، ورسالة طبّقها النبي على أمة المؤمنين في المدينة، وأنه هو رسول هذه الرسالة يقول في كتابه «طريق محمد»ص 14: «فقد أصبحت الأرض مهيأة لتتلقى عن الأحمدية وتعي أكثر مما تلقى ووعي أسلافها. وكذلك جاء وقت الرسالة الأحمدية. والرسالة الأحمدية تطوير للرسالة المحمدية، وذلك ببعث آيات الأصول التي كانت في عهد المحمدية منسوخة لتكون هي صاحبة الوقت في القرن العشرين، وتكون هي عمدة التشريع الجديد ولايقتضي كل أولائك إلا فهماً للقرآن جديدًا به تحيا السنة بعد اندثارها». وهذه الآراء دفعت البعض إلى كتابة تفاسير جديدة للقرآن الكريم لأن مصدرهم جميعاً هو الفكر الباطني. ويقول في كتابه «الرسالة الثانية»ص7071 :«يجب أن نقرر وبصورة حاسمة أن هناك شريعتين: الشريعة السلفية وهي شريعة الرسالة الأولى والشريعة الجديدة وهي شريعة الرسالة الثانية من الإسلام، والاختلاف بين الشريعتين إنما هو اختلاف مقدار؛ فشريعة الرسالة الأولى قاعدة، وشريعة الرسالة الثانية خطوة نحو قمة الهرم الذي قاعدته شريعة وقمته انطلاق» كما يقول عن الرسالة الثانية إنها «الرسالة التي وظفنا حياتنا على التبشير بها والتمهيد لها والدعوة إليها» ص71. وعن التفسير الباطني للقرآن الكريم يقول «محمود محمد طه» فالقرآن ساق معانيه مثاني.. معنى قريب في مستوى الظاهر، ومعنى بعيد في دقائق الباطن، ولكن أصحاب الرأي لم يفطنوا إلى ذلك فجعلوا الآيات التي تجاري أوهام الحواس والتي تجاري أوهام العقول سندهم وبنوا عليها علمهم فضلوا وأضلوا»ص77 ولا تعليق. يرى «محمود»أن بعض شرائع الرسالة الأولى التي جاء بها الرسول عليه الصلاة والسلام صالحة لعهد الرسالة الثانية التي جاء بها هو «محمود» مثل شريعة العبادات وشريعة الحدود وشريعة القصاص، أما بقية شريعة المعاملات في السياسة، والمال وفي الاجتماع فإن كثيرًا من صورها قد خدم غرضه خدمة حتى استنفده، وأصبح تطويره أمرًا واجباً «ص71» الرسالة الثانية». وأضرب مثلاً لواحد من صور المعاملات المتغيرة في الرسالة المحمودية الجديدة المزعومة ففي موضوع الزواج أبقى «محمود» الشاهدين والمحل وأسقط الولاية والمهر يقول «وقد قرر السادة الحنفية في الكفاءة أنها تكون في أمور ستة: الإسلام والدين والحرية والنسب والمال والحرفة وستسقط كل هذه الأمور في شريعة الرسالة الثانية ولا يظل منها قائما غير الدين والنسب» ص «7273».