ظلت الأغلبية المسلمة في السودان مظلومة ومهضومة الحقوق، من قبل كل الحكومات التي مرت على السودان. ومن قبل منظمات المجتمع المدني الناشطة والمنادية لدين الإسلام. وعلى رأس هؤلاء بنو علمان كما يقول المهندس الطيب مصطفى.. مع أن الديمقراطية التي يفخر بها هؤلاء تعطينا نحن المسلمين الأغلبية كل الحقوق وما على الآخرين إلا الخضوع للأغلبية التي لا تظلمهم البتة.. لا سيما وأن الأغلبية أعلنت منذ بزوغ الرسالة أنها تريد الخير لكل مواطن ينضوي تحت راية الشريعة الإسلامية شهد على ذلك الأعداء قبل الأصدقاء. وشهد على ذلك التاريخ. ظلت الأغلبية المسلمة في السودان تخوض معركة الدستور الإسلامي والشريعة الإسلامية منذ فترة. وهي معركة في غير معترك. كم من الحبر دُلق على الورق وكم من الحناجر هتفت وكم من التصريحات وكم من المشاورات والمؤامرات وكم من الوعود. والآن وبعد انفصال الجنوب لماذا التشاور حول الدستور والأغلبية مسلمة ولا يظلم الدستور الإسلامي الآخر. واجب الحكومات أن تنصاع لرأي الأغلبية، وهذا حكم الديمقراطية التي تقول بها الجماعات التي تناوئ الإسلام والمسلمين في هذا العصر. ماذا يعني أن تقوم لجان وهيئات تطالب بالشريعة الإسلامية ولماذا تحتاج الحكومة لمن يدعمها في معركة الدستور حتى تقر الشريعة. ألم يكن هتاف الحكومة هي وعرابها الشيخ الدكتور الترابي «القرآن دستورنا» ومن قبل كل الحقب تهتف الجماهير بأن القرآن دستور الأمة. لا يوجد مبرر أن نظل نحكم بغير الدستور الإسلامي والقرآن صالح لكل زمان ومكان.. تقرر ذلك الآيات والأحاديث والتجارب وعلماء الدستور الدولي والفقه الدستوري. وحكم الشريعة فيه الحرية والعدل والمساواة والإخاء هذه مبادئ الثورة الفرنسية التي عرفتها عام 1798م. وحق للشعب السوداني المسلم، أن يقود المظاهرات وأن ينادي بأن يحكم بعقيدته وأن يتعبد الله بدستور إسلامي.. لا يمكن أن تظل الأغلبية صامتة، وإلى متى؟. إن الصمت لا مبرر له وهو مضيعة للحقوق. وأنا أكتب هذا المقال أحسب أنه يثلج صدور الفئة المسلمة في السودان وفي غيره من أنحاء الوطن الإسلامي الذي يتوق إلى تجربة يطبق فيها الدستور الإسلامي.. ولكن حذار أن يكون هذا الأمر ممارسة سياسية ولعبة لإطالة عمر الأنظمة. ونطمئن غير المسلمين أن الدستور الإسلامي ومصدره الشريعة الإسلامية سوف يحفظ لهم كل حقوقهم، أكثر من أي دستور آخر، وأن الدولة الإسلامية دولة مدنية وليست دولة دينية ولا ثيوقراطية كهنوتية. ذلك لأن الدولة التي تحكم بالشريعة دولة مؤسسات لا سيما في تفاصيلها، صحيح أن الكليات والمرجعيات ثابتة في القرآن ومن عند الله بآيات محكمات. إن معركة الدستور الإسلامي طال عليها الأمد وأن الشعب السوداني هتف منذ خروج المستعمر بأن القرآن دستور الأمة. واسألوا شباب ذلك الزمان شيوخ اليوم. الذين رفعوا العلم حول أزهري حتى يدلوا بشهادتهم، إن الشعب يريد تحكيم الشريعة. اسألوا من الأحياء الشيخ عطية محمد سعيد وغيره. ونقول كفى معركة في غير معترك «معركة الدستور».