ضرورة التوازن في البرنامج الثلاثي هل تسير عملية تنفيذ البرنامج الثلاثي بصورة متوازنة؟ بمعنى أن التنفيذ يمس مختلف الجوانب بنفس الوتيرة؟ إن الجواب: لا، وذلك لأن هنالك جوانب تحقق فيها تفوق ملحوظ «صادرات الذهب التي وصلت حتى اليوم «11,5» طن في حين أن المستهدف لم يكن يتعدى «4,5» طن بينما هنالك جوانب أخرى ما زالت متعثرة. لقد دخل السودان مع انفصال الجنوب في يوليو 2011م إلى مرحلة جديدة شهدت تحديات تمثلت في خروج «75%» من النفط من الموازنة.. وكان لا بد من السعي لوضع برنامج من أجل معالجة آثار الانفصال على الصعيد الاقتصادي، فكان البرنامج الثلاثي «2012 2014» الذي أعلنته وزارة المالية، وهو يقوم على تخفيض الصرف الحكومي «20%» سنوياً، والسيطرة على التضخم بنهاية العام «2012» في حدود «15%»، والمحافظة على استقرار سعر الصرف في حدود «3,25» جنيه للدولار في عام «2012» وفي محور سياسات قطاع الإنتاج «القطاع الحقيقي» يقوم على إحلال الواردات بزيادة الإنتاج في أربع سلع هي: القمح، السكر، زيوت الطعام، والأدوية، وزيادة الصادرات في أربع سلع هي: القطن، الصمغ العربي، الثروة الحيوانية، والذهب والمعادن الأخرى، بالإضافة إلى محور سياسات القطاع الاجتماعي ويقوم على تنشيط التمويل الأصغر وتم تحديد «12%» من محفظة التمويل لكل مصرف للعام «2012» للتمويل الأصغر، وإدخال خدمات الضمان مع شركات التأمين بالإضافة للضمانات الأخرى، وتخفيض معدلات البطالة لأقل من «20%». وإذا كان التنفيذ قد شهد تفوقاً في مجال صادرات الذهب، إلا أن موضوع السيطرة على التضخم في حدود «15%» لم يجد الاهتمام الكافي، وذلك لغياب أي أفق من شأنه تخفيض الأسعار، وفي مجال تخفيض البطالة إلى أقل من 20% فقد اتخذ بنك السودان المركزي قراراً بتعيين ألف خريج في المصارف وتحمل أجورهم لفترة عامين وتدريبهم، وقد بدأ التنفيذ الفعلي لذلك، وهنالك صندوق تشغيل الخريجين الذي يستهدف ثلاثة آلاف بالولايات، وتلك خطوات مهمة نأمل أن تمتد لتشمل بقية الخريجين وغير الخريجين، والمصارف مستمرة في موضوع التمويل الأصغر، ولكن تحديات الإنتاج والإنتاجية في سلع الصادر الأربعة «عدا الذهب الذي يحقق تفوقاً» وفي سلع إحلال الواردات الأربعة يظل هو التحدي الأكبر؛ فزيادة الإنتاج في السكر والقمح وزيوت الطعام والأدوية لإيقاف الاستيراد في بعضها وتخفيضه في الآخر يشكل تحدياً أكبر، وكذلك زيادة صادرات الصمغ والقطن والثروة الحيوانية.. وما زال أمامنا بعض الوقت لنحكم على الجوانب المتعلقة بتخفيض المصروفات الحكومية وخصخصة الشركات الحكومية.