في سنوات الدراسة الجامعية كان زميلنا عبد الخالق أكثرنا غيابًا عن قاعة المحاضرات فهو كان يعشق البقاء إلى جوار الأهل في دامر المجذوب رغم نقده اللاذع لهذه المحلية منذ تلك السنوات وحتى الآن، والغريب أن عبد الخالق البطحاني رغم نقده هذا لدامر المجذوب لا يطيق الابتعاد عنها ولو لأسابيع قليلة فهو الوحيد تقريبًا من أبناء دفعتنا الذي فضل البقاء في الدامر وتزوج منها ويعمل بها، وفي الأسبوع الماضي اتكأ البطحاني على وسادة في فراش رحيل والدة صديقنا وزميلنا عبد الحميد «تغمدها الله بواسع رحمته» وقال لي نحمد الله أن صاحب هذه الأرض لم يعمرها وتركها لنا لنتنفس بها، فقلت له أي أرض تتحدث فرد حتى قبل أن أكمل حديثي «انت قايل الفراش دا منصوب في الشارع دا بيت واحد من أهل الدامر ولكنه خالٍ من المباني فنحن نستغله لمثل هذه الظروف ولولاه لقفلنا شارع الأسفلت من أجل سرادق العزاء». إن جل المساحات التي كانت تميز دامر المجذوب في قوت سابق خُصِّصت للاستثمار وكأن أرض نهر النيل ضاقت بحكومتها فوزعت الساحات قطعًا استثمارية، ولاحظت هذا في مربع 13 الذي كان في سنوات سابقة به العديد من الساحات التي كان يستغلها الشباب لممارسة هواياتهم المختلفة ولكن الآن هذا المربع يكاد يكون خاليًا تمامًا من ميدان يلعب فيه الشباب ويفيد العباد في الأفراح والأتراح. ويبدو أن البطحاني كان له الكثير من الحق وهو يرسل إشارته الناقدة على حكومة الولاية التي وزعت الكثير من الأراضي على بعض المواطنين ولم يكن عبد الخالق منهم فهو الذي تزوج قبل سنوات عديدة ولا يزال يبحث عن قطعة سكنية في خطة نهر النيل، وقال لي إنه قدم للخطة السكنية بعد أسبوع واحد من مقدم ابنه البكر والذي أكمل دارسته الآن للصف الأول ويستعد لعام مقبل دون أن يملك والده قطعة سكنية في الدامر. وأكثر ما أدهشني هو ترك مربع 13 وغيره من أحياء الدامر دون ساحات يستخدمها المواطنونين في حياتهم العامة وكأن حكومة الولاية تحارب الرياضة والرياضيين في ولاية يمثل فيها السودان إفريقيًا فريقان كلاهما شرس داخل الميدان. إن حكومة نهر النيل مطالبة أولاً بإيقاف التعدي على الميادين ثم إيجاد معالجات عاجلة للمربعات التي تعاني من عدم وجود هذه الساحات الهامة التي يستفيد منها العباد وبها يخدمون البلاد.