لا شك أن سلاح الإشارة وحدة من وحدات القوات المسلحة والتي لها تاريخ عريق مليء بالبذل والتضحيات إذ تكونت قوة دفاع السودان في العام «1924م» وكانت تعتمد في مراسلاتها على مصلحة البريد والبرق حيث برزت فكرة تكوين وإنشاء إشارة قوة دفاع السودان من قوة قوامها عشرة أفراد، وأشرف على تدريبهم فني روسي بمعاونة السيد/ سيد محمد زين من مصلحة البريد والبرق ثم ألحقت هذه القوة بسلاح المهندسين في العام «1935» وكان ضمن هؤلاءالعشرة السيد/ علي حسين شرفي الذي تدرج حتى وصل منصب قمندان إشارة قوة دفاع السودان، وفي العام «1973م» بلغت القوة «40» فرداً وتم فصلهم من سلاح المهندسين وألحقوا بحملة الحيوانات بقشلاق عباس، وعين البكباشي سولتر قائداً لها، وفي العام «1939م» تم فصل الوحدة من حملة الحيوانات وسميت بإشارة قوة دفاع السودان ونقل لها أول ضابط سوداني وهو اليوزباشي محمد الحسن عثمان حيث بلغت القوة «100» عامل لا سلكي واستقلت في اتصالاتها من مصلحة البريد والبرق وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية كانت إشارة قوة دفاع السودان قد قوي عودها وصارت تضم «001» من عمال اللا سلكي منهم «68» ضابط صف بريطاني هي الرتب العليا، وكان دور السودانيين القيام بإعمال الإرسال والاستقبال ومد الخطوط والعمل على التحويلات، ومن ثم توزعت القوة على المسارح المختلفة بالحبشة وإريتريا وشمال إفريقيا حتى عادت إلى السودان في العام «1942م» إلى قشلاق عباس مرة أخرى. وفي العام «1942» تم ترحيل الإشارة من قشلاق عباس إلى الرميلة واستمر العمل بها حتى عام «1946م» حيث تم ترحيل الإشارة إلى الخرطوم بحري بسبب الفيضان الشهير، وفي العام «1946م» تم نقل الإشارة إلى أم درمان حيث الموقع الحالي للسلاح الطبي وكلية القادة والأركان والدفاع الجوي وتم تعيين القائمقام هروس بك قائداً لها، وكان التجنيد لها يتم من خريجي المدارس الوسطى الذين أحجموا عن الانضمام كأفراد نتيجة الفرص المتاحة لهم في الخدمة المدنية، وفي العام «1949م» تم إنشاء مدرسة للأولاد حيث انضم «48» دارساً لها في فبراير في نفس العام، وعين لها ناظر من وزارة التربية والتعليم وهو السيد عبد الحكيم جميل.. وفي العام «1950» تم إنشاء وحدات الإشارة الأولى للاتصال بعيداً وباستخدام الأجهزة الإنجليزية ج «19» «ج 2»، «ج40» و«ج77» لربط وحدات المشاة في الجنوب والفاشر والأبيض والقضارف وبورتسودان وهم البلك الأول توريت وقائده البكباشي دون بيك والبلك الثاني مدرسة الإشارة وقائده اليوزباشي عمر الحاج موسى والتروب الأول وقائده اليوزباشي حسين شرفي والتروب الثاني وقائده اليوزباشي محمود حسيب، ولقد كانت الاتصالات الإستراتيجية بين القيادة العامة والقيادات مسؤولية التروب المتوسط بقيادة الضابط محمد محجوب أمين.. أما التروب الأول والثاني فكانت مهمتهما هي إمداد الاتصالات لكل أورطة العرب الشرقيةوالغربية والهجانة أثناء فترة المناورات، وفي تاريخ «1/6/1953م» تخرجت أول دفعة من مدرسة الإشارة وأيضاً تم تعيين «12» طالباً كنواة لفنيي الراديو، وكان يقوم بتدريس اللا سلكي الجاويش البريطاني «دنلسون ويعاونه الطيب أحمد إدريس ويقوم بتدريس فنيي الراديو الجاويش مستر سونت، وفي العام «1954» ومع بداية الحكم الوطني وسودنة الجيش تولى قيادة إشارة قوة دفاع السودان أول قائد سوداني وهو الصاغ محمد حسن عثمان وعند تكوين سلاح الإشارة عين أول قائد له في تاريخ «18/7/1954م» وهو الأميرلاي حسن جوهر علي، وفي العام «1956م» تم إنشاء التروب الرابع وألحق بالقيادة الشرقية، والتروب الثالث تم إلحاقه بالقيادة الغربية والتروب الثاني ألحق بالهجانة، وفي نفس العام بدأ تدريس مواد الإشارة باللغة العربية في مدرسة الإشارة، وفي العام «1959» تم نقل سلاح الإشارة إلى موقعه الحالي بالخرطوم بحري وأُعيد توزيع وحدات الإشارة إلى بلوكات وهي: 1/ البلك الأول: رئاسة سلاح الإشارة بحري 2/ البلك الثاني: إشارة الأبيض 3/ البلك الثالث: إشارة القضارف 4/ البلك الرابع: إشارة جوبا 5/ البلك الخامس : إشارة الفاشر 6/ البلك السادس: إشارة شندي وفي العام «1969م» أُعيد تنظيم سلاح الإشارة ليصبح فرعاً من أفرع القيادة العامة حيث ضم سرايا إشارة، وسرايا إشارة للألوية المشاة وسرية مخازن فنية إضافة لمدرسة الإشارة، وكذلك وفي العام «1973» أعيد ثانية تنظيم سلاح الإشارة ليضم كتيبة اتصالات إستراتيجية وأخرى قتالية وثالثة أعيد التنظيم في العام «1987» لتكون تسميته إدارة الإشارة حيث اشتمل التنظيم على لواءين إشارة أحدهما قتالي والآخر إستراتيجي إضافة لسرايا إشارة مستقلة في اللواءات المشاة. ولقد أُعيد التنظيم في العام «1990م» إلى سلاح الإشارة مرة أخرى وأصبح سلاحاً بدلاً من إدارة وظل هذا المسمى ومنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا. مشاركات سلاح الإشارة الخارجية: شارك سلاح الإشارة عبر مسيرته الطويلة في كثير من المهام القتالية خارج السودان في الحرب العالمية الثانية حيث شاركت قوة إشارة قوة دفاع السودان ضمن القوات البريطانية في شمال إفريقيا والحبشة، كما شاركت فصيلة إشارة مع الجيش العراقي في الحروب العراقية الإيرانية. ظل وما يزال سلاح الإشارة يقوم بدوره في إمداد وحدات القوات المسلحة بالاتصالات دون مَنٍ أو أذى وخلال هذه المسيرة فقد احتسب عدداً من الشهداء «12» ضابطًا على رأسهم قائد السلاح آنذاك اللواء مهندس فني ركن علي أريكا كوال و«106» ضابط صف وجندي إضافة ل «13» شهيدًا في الحرب العالمية الثانية. ولقد تعاقب على قيادة سلاح الإشارة عدد كبير من القادة والضباط والذين كانوا كما القناديل توهجاً وضياءً وكانوا ومازالوا ودائماً على قدر التحدي، ولقد احتلوا بتميزهم هذا أرفع المناصب والوظائف في الدولة فكانوا كبار قادة القوات المسلحة والسياسين والأدباء والشعراء والسفراء ورموز المجتمع والرياضة، ولقد تطور سلاح الإشارة وتقدم في النواحي الفنية وواكب التقنيات الحديثة في عالم الاتصالات. وسنواصل في الحلقات القادمات بإذن الله المعلومات أعلاه بقلم اللواء مهندس ركن علي الشريف الطاهر وقتها والفريق أول ركن المفتش العام الآن والمنشورة بمجلة الإشارة العدد «16 ديسمبر 2002م».