في إفادة صحفية وردت في حوار مع الناشر الشهير السيد/ عبد الرحيم مكاوي صاحب مكتبة (الدار السودانية) وهى أكبر مكتبات الخرطوم، قال السيد مكاوي إن أكثر الكتب مبيعاً في الخرطوم هو كتاب (في ظلال القرآن) للشهيد سيد قطب. اليوم بعد ما يزيد عن (64) عاماً من استشهاد المفكر الإسلامي سيد قطب، الذي تمّ إعدامه عام 6691م، ما يزال كتابه في تفسير القرآن (في ظلال القرآن) يتصدَّر قائمة الكتب الأكثر مبيعاً بأفكاره القوية الواضحة وبيانه المشرق. قال الصحفي المصري الكبير الراحل مصطفى أمين عام 1891م: إن إعدام سيد قطب كان بسبب كتابه (معالم في الطريق). كتاب (في ظلال القرآن) أكثر التفاسير الحديثة في القرن العشرين جاذبية وتأثيراً. وبعض قادة الحركة الإسلامية في السودان قرأه ما لا يقل عن سبع مرات. وبهذه المناسبة فهناك كتب أخرى للمفكر الشهيد سيد قطب، كتبها في الفترة التي سبقت انتماءه التنظيمي لحركة الإخوان المسلمين، يمكن أن يكون لها رواج كبير وانتشار واسع، إذا ما أعيدت طباعتها، مثل كتاب (العدالة الإجتماعية في الإسلام) وكتاب (معركة الإسلام والرأسمالية) وهى تبرِز البعد الإقتصادي الإجتماعي للإسلام. هذان الكتابان يجب إعادة طبعهما ليأخذا مكانهما في وعي الأجيال الإسلامية الجديدة. فقد تحجَرت الحركة الإسلامية في أقطار الشرق الأوسط العربيّ في البُعد القانوني، خاصة في السودان. حيث غلب على قيادات الحركة الإسلامية السودانية منذ منتصف الأربعينات التكوين القانوني، وكاد أن ينعدم التكوين الإجتماعي الإقتصادي. وفي إطار انشغالها الأكبر ب (القانون)، أصبحت الحركة الإسلامية السودانية لعقود عديدة سجينة في مربَّع (قانون العقوبات). حتى في إطار (القانون)، كان تركيز الحركة الإسلامية الأكبر على (قانون العقوبات) أكثر من غيره. حيث لم تطوِّر (الحركة) خلال خمسين عاماً أو أكثر أطروحات الإسلام الديمقراطي الإقتصادي الإجتماعي. فخسرت بذلك الكثير من النُّخب والجماهير التي كان يمكن أن تنضم إلى تيارها العريض. فقد صار (قانون العقوبات) في حساباتها السياسية، أكثر أولوية من توفير الوظائف وتوفير الغذاء والتعليم والعلاج والمسكن والكساء. صار (قانون العقوبات) أكثر أولوية من انجاز نهضة في التعليم العام والتعليم العالي، أكثر أولوية من انطلاقة اقتصادية لبناء (يابان وادي النيل)، أو بناء (أسد اقتصادي أفريقي) على غرار (النمور الآسيوية). صار (قانون العقوبات) أكثر أولوية من مساواة (جندرية) وعدل إجتماعي وحرية سياسية، لتركُّز التكوين القانوني داخل عقل الإسلاميين على حساب الإسلام الإجتماعي الإقتصادي، صار (بلدوزر) سياسة التحرير الإقتصادي يدهس بقوة وبقسوة رأسمالية ملايين الفقراء في السودان. لذلك تعتبر إعادة طباعة كتب الشهيد سيد قطب التي تبرِز البعد الإجتماعي الإقتصادي للإسلام، مساهمة مهمة لمساعدة الحركة الإسلامية السودانية في تحقيق التوازن المفقود في تكوينها العقلي، حتى تتمكن في النهاية من إحراز نجاحات نظيرة لتلك النجاحات التي أحرزتها أخيراً الحركة الإسلامية في تركيا. يُذكر أن الشهيد سيد قطب انضم تنظيمياً إلى حركة الإخوان المسلمين خلال فترة دراساته العليا بجامعة كولومبيا بنيويورك، وذلك عندما رأي الفرح الأمريكي الغامر باغتيال الإمام الشهيد حسن البنا في فبراير 8491م. (الّله يدِّينا ويدِّيك) و (البقرة فيكم) كتب الشاعر محمد المهدي مجذوب في أُخريات ما كتب من شعر، قصيدة (شحّاذ في شوارع الخرطوم). وقد اعتاد الناس عند الردّ الكريم للسائل أن يقولوا له (الله يدِّينا ويدِّيك). مَنْ هو أول سوداني ابتكر عبارة (الله يدينا ويديك). هذه العبارة التي أصبحت متداولة بين الجميع عبر الأجيال كلما طلب سائل مساعدة. وقد أصبحت العبارة للمواطن السوداني مثل البصمة الوراثية. لا يوجد سوداني واحد تخلَّف عن قولها واستخدامها. وقد دخلت عبارة (الله يدينا ويديك) حتى في تجربة الصحافة النسائية السودانية. حيث ذكرت السياسية السيدة فاطمة أحمد إبراهيم أن هناك من قال لها (الله يدِّينا ويدِّيك). وذلك أنهم عند إصدار مجلة (صوت المرأة) عام 5591م كانوا يحرصون ككوادر نسائية على تصحيح مادَّة المجلة بأنفسهن قبل طباعتها، رغم أن الأستاذين محجوب محمد صالح ومحجوب عثمان قد أبديا استعداداً ليقوما بمهمة التصحيح قبل الطباعة. تقول فاطمة أحمد إبراهيم إنها وزميلة لها حرصتا على تصحيح المادة بنفسيهما. وذات يوم لبست كل منهما (فردة) سميكة و(تبلّمت) أي غطيتا الوجه بثوب (الفردة) فلا تظهر إلا العينان، لأن البنات غير مسموح لهن بالخروج من البيوت. وذهبتا إلى مطبعة (التمدُّن) حيث تُطبع مجلة (صوت المرأة) لمراجعة تصحيح المادة قبل طباعتها. وعندما وصلتا إلى المطبعة وجدتا عدداً كبيراً من العمال في ساحة المطبعة وقت الفطور. فقالت فاطمة (سلام) فأجابها العُّمال: (اللّه يدينا ويدِّيك)، وقد حسبوها سائلة (متسوِّلة) حكماً على مظهر (الفردة) السميكة و(البُلامة). وقد ذكر شقيقها الراحل الوزير المهندس مرتضى أحمد إبراهيم طرفة أخرى في مذكراته. حيث قال إن زوجته النمساوية في بيت عزاء أمدرماني (بيت بكاء) أرادت أن تقول للنساء من أقارب الفقيد (البركة فيكم) فقالت لهن (البقرة فيكم) فضحكن عليها، مما دعاها إلى الإنفجار باكية. وقد كتب مرتضى أحمد إبراهيم (مذكرات وزير متمرد) بعد ملاحقات من شقيقه الشاعر صلاح أحمد إبراهيم بأن يقوم بتسجيل تجربته. الإيكونومست... أشهر المجلات البريطانية إسمها يعني (الإقتصادي). حيث الإقتصاد وشئون المال والأعمال من أقسامها الرئيسية. إلا أنها تخصِّص أقساماً لكل من شئون بريطانيا وشؤون أمريكا وشؤون آسيا وشئون العالم. كما تهتم بأخبار الأسبوع والفن والأدب والعلوم والكتب الجديدة حديثة الصدور. توزع (الإيكونومست) مليون نسخة. تعتبر مرجعاً مهماً لطلاب الدراسات العليا في الإقتصاد وشئون المال. يشترك في المجلة عدد كبير من أولئك الطلاب حيث تقدم للطلاب تخفيضات تبلغ 84% دون تكلفة البريد. (الإيكونومست) جزء من مؤسسة إعلامية عملاقة هى (بيرسونز) Pearsons. والتي تملك عدة صحف إقليمية في المدن البريطانية. كما تمتلك صحيفة (الفايننشيال تايمز) الضخمة الشهيرة والتي تختص بالمال والأعمال والسياسة. المواضيع التي تنشرها (الإيكونومست) لا تحمل أسماء كاتبيها، إذ أنها بلورة لدراسات، تعتمد المجلة الشهيرة على عدد كبير من المساهمين الذين تشتري منهم موضوعاتهم وحقوق الطبع. ثم تقوم بإعادة صياغتها والإضافة إليها وتتحمَّل قانونية مسئولية ما يُنشر. تتمتع (الإيكونومست) بنخبة من أكفأ المحررين، كما تُغذي بكوادرها المؤسسات المالية المختلفة. على سبيل المثال كان نائب مدير بنك انجلترا (جورج بيمبرتون) أحد محرريها. لمجلة الإيكونومست إهتمام كبير بالشأن السوداني. ولا يزال القراء في منتصف التسعينات يتذكرون موضوع الغلاف الذي نشرته عن (إنقاذ السودان من الخطر) حيث أشارت إلى أن الحركة الشعبية في جنوب السودان كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة، لولا أن أسعفتها (تل أبيب) التي سارعت إلى إمدادها بكميات كميات كبيرة من الأسلحة التي وصلت من إسرائيل عن طريق يوغندا. كما أسمت الإيكونوميست (الجيش الشعبي) في جنوب السودان ب (الغوريلا الأمريكيين) أو العصابات الأمريكية.