ألقت الحرب التى دارت في جنوب كردفان بفعل الحركة الشعبية ظلالاً واسعة على المشهد السياسي والأمني بالبلاد والإقليم الإفريقي، لاسيما دول الجوار، لذا فإن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي للبلاد التي بدأت مساء أول أمس الأحد تجيء في سياق تلك الآحداث، فلم يطل به المكوث حتى كشف بعيد لقائه بالرئيس البشير عن أسباب زيارته المتمثلة في مبادرته لنزع فتيل الحرب في جنوب كردفان وحل الأزمة في النيل الأزرق، واللافت في الزيارة أن زيناوي اصطحب معه للخرطوم رئيس الحركة مالك عقار، وفقا للزميلة «الصحافة» التي أضافت أن الأخير عمد لإرسال طائرة خاصة أقلت كل من عقار ونائبه عبد العزيز الحلو وياسر عرمان إلى أديس أبابا، حيث عقد اجتماعاً معهم في اليوم السابق لقدومه للسودان.. ومقدم عقار يفيد باحتمال مشاركته في الحوار الذي دار بين زيناوي والرئيس عمر البشير، كما أن المواقف الأخيرة لعقار تشير لميوله صوب خيار السلام، فقد صرح لدى لقائه بوفد المبادرة المشتركة لعدد من منظمات المجتمع المدني وكتلتي الحركة والوطني بالهيئة القومية التشريعية بأن الحرب لن تعود إلى النيل الأزرق، وقال ان الاعتراف المتبادل بالقوى السياسية بالبلاد هو الخطوة الاولى لابعاد شبح الحرب، ولعل الاعتراف الذي ينشده عقار أحد محاور لقائه بالرئيس اذا حدث بالفعل، لاسيما أن الوطني أخيراً أبرز مواقف صلبة إزاء الحركة وقيادتها، متمثلة في ملاحقة الحلو قضائياً وعسكرياً، وعرمان الذي اتجهت الحكومة لمقاضاته بتهم التعاون والتخابر مع دولة عدو، وذلك عقب الأنباء التي راجت عن زيارته لاسرائيل. وفي سياق المواقف المهادنة كان نائب عقار علي بندر قد قدم دعوة صريحة للرئيس البشير لزيارة الولاية، وفي حديثه للصحافيين أكد زيناوي أن الغرض من المبادرة ايجاد حلول سلمية ترضي كافة الاطراف بالسودان والجنوب، وللأخير دور مؤثر في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان، من حيث الارتباط الوثيق بين الحركتين، لاسيما أن الجيش الشعبي في الولايتين تحت إمرة رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت، بحسب القيادي في الحركة دانيال كودي في مؤتمر صحفي عقده أخيراً، كما ان سلفا وفي خطابه في الاحتفال الرسمي بميلاد دولة الجنوب قال مخاطباً مواطني الولاتين ودارفور بقوله «لن ننساكم، فحزنكم يحزننا وفرحكم يفرحنا».. واشارة زيناوي للجنوب ليست قاصرة على ذلك فقط، فمجريات الاحداث تشير للصلة الوثيقة لإثيوبيا بالحركة التي وفرت لها الدعم العسكري والمادي إبان حربها مع الحكومة في الحزبية الثالثة التي شهدت سقوط مدينتي الكرمك وقيسان بالنيل الأزرق الحدويتين مع إثيوبيا عام 1988م، وثمة أسباب اخرى تدعو إثيوبيا للاهتمام بتحقيق السلام في الولايتن المذكورتين، وقد أوردها زيناوي في تصريحاته بقوله «إن استقرار السودان هو استقرار لإثيوبيا»، وفي الصعيد نفسه تجدر الاشارة الى أن إثيوبيا تكابد منذ عام 1993م من تمرد اقليم اروميا المتاخم للنيل الأزرق الذي يدعو لمنح الاقليم الذي تسكنه اكبر جماعة عرقية في اثيوبيا وهي قبيلة الارومو ميزة الحكم الذاتي، فاشتعال الحرب في النيل الازرق او مطالبة الحركة فيها بالانفصال او ما شابه من شأنه ان يعزز من موقف القوى المتمردة هناك، وللتعليق على المبادرة والى أي مدى مرجو منها تحقيق السلام، هاتفت «الإنتباهة» نائب رئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل برمة ناصر الذي أبدى ترحيب حزبه بالمبادرة، ولكنه تحدث عن ضرورة أن تجيء الحلول المنشودة من قبل السودانيين أنفسهم، وأردف: «يكفي الاتفاقيات السابقة، على كل تبقى، أن أهمية مبادرة أديس قائمة في ظل التداعي الدولي الكثيف لجعل جنوب كردفان دارفور أخرى، لاسيما في ظل قبول الطرفين للمبادرة».