من بين «35» ألف مواطن هم جملة سكان محلية تلودي بولاية جنوب كردفان نزح نحو «28» بحسب والي الولاية أحمد هارون نتيجة للقصف الذي تعرّضت له في الأيام الماضية سيما وأن المنطقة تكتسب أهميتها السياسية بتاريخها المعروف وأهميتها العسكرية كونها تقع على موقع إستراتيجي يطلُّ على مجموعة من الطرق البرية والجوية التي تربط جبال النوبة بولايتي الوحدة وأعالي النيل «وتنجا وكاكا التجارية» وبها مطار، تحفها سلسلة من الجبال منها جبل تلودي، النوبة وإليه يرجع مسمى تلودي وتقطنها قبائل عدة منها تسومي.. وطمطم.. وططا.. والمجموعات الأخرى مثل الحوازمة وكنانة والكبابيش والهوارة والكواهلة والشنابلة والمسيرية وقبائل تيرة.. ولومون، وتلودي وتعتبر ملتقى طرق خاصة إذا أخذنا في الاعتبار منطقة «كاودا» التي يتحصّن بها الجيش الشعبي الذي يسعى إلى الظفر بمنطقة إستراتيجية لتكون نقطة انطلاق وبمثابة قاعدة عسكرية يتمكن من خلالها إدارة الحرب والمناورة، وكانت تلودي إحدى المناطق التي سعى الجيش الشعبي للظفر بها ومن قبلها كانت ضربة البداية بكادوقلي نفسها في يونيو من العام الماضي عند انطلاق شرارة التمرد عقب الانتخابات التي جرت بالولاية ثم كانت المحاولة في بحيرة الأبيض. وتكرار الأمر في تلودي ليس من فراغ، فمحاولة احتلال مدينة تلودي للمرة الرابعة من قبل المتمردين بجنوب كردفان؛ نسبة لأهمية المدينة الإستراتيجية التي لا تخفى على أحد كما ذكرنا.. تاريخيًا كانت تلودي عاصمة كردفان الكبرى وكانت تسمى مديرية جبال النوبة في زمان الحكم الثنائي قبل نقلها لمدينة الأبيض في الفترة من «1904 1905» جراء ثورة الأهالي وقتلهم لحاكم تلودي المستر جيمس عام «1904»، وتعتبر تلودي منطقة نُصرة، فالإمام المهدي شدّ رحاله لجنوب كردفان واستقر في قدير التي تبعد حوالى ساعة ونصف الساعة من تلودي حيث دارت معركتان بين جيش المهدي والقوات التركية: الأولى حملة يوسف الشلالي باشا في موقع باسم الجرادة، والثانية حملة أيمن بك باشا والتي انطلقت من فشودة وانتصر فيهما المهدي.. جغرافيًا صارت تلودي بعد انفصال الجنوب مدينة حدودية تبعد حوالى ساعة ونصف الساعة بالسيارة عن فاريانق «75 80 » كيلو مترًا وساعتين من بانتيو ببعد نيف وتسعين كيلو تقريبًا بولاية الوحدة، كما يفصلها عن ملكال «120» كيلو وفقًا للأمين العام لمجلس حكماء جنوب كردفان الأستاذ آدم الفكي محمد الذي أبان في حديث سابق ل«الإنتباهة» أن أهداف الحركة تتبلور في توفر تماس مباشر مع دولة الجنوب كي تتيسر لهم عملية الإمداد من الجنوب في ظرف سويعات قليلة، لذا فالحركة حريصة على احتلال المحلية. زيارة وفد اتحادي بقيادة وزيرة الدولة للإعلام سناء حمد لتلودي أمس الأول محاولة إرسال رسالة صريحة أرادت بها الحكومة أن تؤكد بسط سيطرتها على المنطقة التي زارها الوالي أحمد هارون وتأكيد مدى عدم التفريط في تلودي، وكل مدن ومحليات الولاية، فضلاً عن أن الزيارة تغلق أبواب التشويش التي تحاول دولة الجنوب فتحها بقدر الإمكان من خلال إطلاق الشائعات على شاكلة السيطرة على مدن بعينها أو من خلال بث رعب من خلال الخرطوم بترويج وجود نقص حاد في المواد البترولية والذي نفته الحكومة كان آخرها أمس على لسان القائمين على مصفاة الخرطوم الذين أكدوا أن المخزون من مشتقات النفط يكفي الاستهلاك المحلي. جيش دولة الجنوب يعتمد على أسلوبه القديم القائم على حرب العصابات من خلال البقاء في مناطق ثم الانتقال إلى مناطق أخرى وهو مايعرف بأسلوب المباغتة، ووضح ذلك في الفترة الأخيرة بشكل كبير.. الآن الأنظار موجهة إلى هجليج وبالقطع عينهم على تلودي التي ظلت عصيّة عليهم لنحو أربع مرات في الفترة الأخيرة ما يتطلب الحذر وتحصين المحلية التي تمثل نقطة انطلاق للقوات المسلحة حال أرادت الانتقال إلى خطة الهجوم.