بدأت الحياة تعود من جديد لدارفور بعد أن ضربتها موجة الحروبات التي امتدت أكثر من عشر سنوات توقفت إثرها عجلة التنمية والاقتصاد، ونتيجة للتوترات الأمنية سابقًا توقف كبار تجار الماشية عن استثمار أموالهم في دارفور بشراء المواشي التي تذهب إلى أسواق الخرطوم والولايات الأخرى، لكن حكومة الولاية ظلت تؤكد أن الأوضاع أصبحت مواتية وأنها فتحت الأبواب مشرعة للمستثمرين والاستثمارالذي تزخر الولاية بمقوِّماته وأنها أنشأت مفوضية خاصة له لتذليل الصعاب إلا أن الدخول في هذا المجال لم يرَ النور حتى الآن، ورغم ما كشفته الأبحاث والدراسات الأولية التي أعلنتها وزارة المعادن الاتحادية العام بوجود كميات كبيرة من الذهب والنحاس والأسمنت بولاية جنوب دارفور يكفي حاجة دارفور والتصدير للخارج إذا ما فتح لها أفاق الاستثمار ودخول المستثمرين للولاية فى هذا المجال ووقتها شهد وزير الدولة بالاستثمار الاتحادي الصادق محمد علي ووالي جنوب دارفور السابق د. عبد الحميد موسى كاشا التوقيع على مذكرة تفاهم بين حكومة الولاية وشركتى اوم للصناعات الهندية وكاس العالمية لإنشاء مصنع للأسمنت بالولاية طاقته الإنتاجية الأولية «300» طن يوميًا وتم تحديد نهاية ديسمبر الماضي البداية الفعلية لتنفيذ المشروع بنقل آليات المصنع من دولة الهند إلى جنوب دارفور إلا أن الخطوة ظلت على الورق فقط، رغم أن عددًا من المهتمين بالشأن الاقتصادى يرون أن الخطوة تمثل نقلة نوعية نحووضع حد نهائي لمعاناة التكاليف الباهظة لشراء وترحيل الأسمنت من الخرطوم إلى دارفور وها هي الثروة الحيوانية التي تمثل الولاية نسبة «27%» من إجمالي القطيع القومي للبلاد لم تُستثمر بعد، وكذلك الثروة الزراعية والمعدنية وغيرها من المقوِّمات الاقتصادية التي حال بينها وبين المستثمرين طريق الإنقاذ الغربي وكذلك تأهيل خط السكة حديد، فالحراك الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته نيالا بقيام المعرض التجاري الأول الأسابيع الماضية والذي دشنه رئيس السلطة الإقليمية لدارفور د. تجاني سيسي وتشريف وفد اتحادي رفيع بقيادة وزير التجارة الخارجية عثمان عمر الشريف ووفد من دولة تشاد مكوَّن من «40» شخصًا برئاسة وزير التجارة والصناعة التشادي اللاهوطاهر ووزير النقل عبد الكريم سليمان ومشاركة أكثر من «60» شركة ولمدة خمسة أيام أدى إلى تغيير الصورة الذهنية لأصحاب تلك الشركات مما يقال عن دارفور بل جعل بعضهم الدخول مباشرة مع حكومة الولاية في تفاهمات للاستثمار بالولاية وخاصة دولة تشاد بعد إزالة أسباب التوترات بينها وبين السودان والتي تعتبر نيالا المعبر التجاري الأول لها حسب وزيرالتجارة والصناعة التشادي اللاهوطاهر حينما الرئيسان البشير ودبي فتحا صفحة جديدة للإخاء والترابط بين شعبي البلدين جعلت العلاقات السودانية التشادية أكثر متانة من الدول الأخرى مشيرًا إلى أن مشاركتهم في المعرض تأكيد على ذلك وتطوير للعلاقات الاقتصادية مع السودان ممثلاً في نيالا التي تعتبر المعبر الرئيس لدولة تشاد، فحكومة الولاية أكدت أن الأجواء بالولاية أصبحت مواتية للانطلاق في مشروعات التنمية والاستثمار بفضل الاستقرار والسلام الذي عمّ ولايات دارفور، وقال وزير الثقافة والإعلام الناطق باسم حكومة الولاية أحمد الطيب إن معرض نيالا التجاري الأول الذي نظمه المركز الدولي لتطوير التجارة بدارفور بالتعاون مع حكومة الولاية بمشاركة أكثر من «60» شركة ووفد كبير من رجال المال والأعمال بدولة تشاد أحدث حراكًا اقتصاديًا واجتماعيًا بالولاية فضلاً عن انخفاض معدلات الجريمة طوال أيام المعرض الخمسة من خلال حديثه في المؤتمر الصحفي الذي نظمته الحكومة الأسبوع الماضي لختام المعرض الذي كشف فيه مفوض الاستثمار بالولاية عبد الرحيم عمر حسن عن توقيع مذكرة تفاهم مع دولة تشاد للتبادل التجاري وفتح تجارة الحدود فضلاً قيام خط السكة حديد لربط البلدين وأشار عبد الرحيم أن المعرض حقق الكثير من المكاسب الاستثمارية التي سترى النور قريبًا بدارفور مشيرًا إلى العديد من التفاهمات التي تمت مع المشتثمرين الذين شاركوا في المعرض من بينهم مذكرة تفاهم مع شركة سكر كنانة لتوطين صناعة الأعلاف بالولاية التي تمثل نسبة «27%» من إجمالي الثروة الحيوانية بالبلاد بجانب الدخول مع شركة منازل العقارية للاستثمار في المجالات الخدمية والعقارية والتطوير التجاري ومع شركة مامون البرير لتوطين صناعة المنتجات الغذائية علاوة على تفاهمات أخرى مع شركة طباعة العملة التي قدمت للولاية خمس مكتبات هدية بتكلفة أكثر من «5» ملايبن جنيه وقال إن شركة السكة حديد أكدت سعيها لتذليل كافة معوقات الترحيل خلال المرحلة المقبلة لتطوير الاقتصاد بدارفور وأكد عبد الرحيم حرصهم التام على تذليل كل معوقات الاستثمار الذي بدأ فعلاً بالولاية والسعي لتوطين المشروعات الاستثمارية بمحليات الولاية «مواقع الإنتاج» لافتًا إلى التأمين على إنشاء مقر دائم لمعرض نيالا التجاري الذي تم تحديد قيامه في كل عام. من جانبه قال رئيس المركز الدولي لتطوير الأعمال التجاري بدارفور عبد اللطيف علي آدم أن المركز مؤسسة خاصة تعمل على الاستفادة من العلاقات الدولية واستقطاب الشركات الاستثمارية وتوجيهها لدارفور فضلاً عن العمل على تطوير القطاع الخاص، وقال إن المعرض خلق أرضية ثابتة للاقتصاد بالولاية بجانب انحسار معدلات الجريمة طوال أيامه الخمسة وفقًا لتقارير الشرطة على حد قوله، عمومًا نيالا أعلنت عن فتح الأبواب للاستثمار وها هي توقع العديد من مذكرات التفاهم فهل تصبح هذه المرة استثمارًا حقيقيًا أم استثمارًا على ورق بعد تأكيدات الحكومة أن الأوضاع الأمنية عادت لطبيعتها بفضل سلام الدوحة.