.. هي من موريتانيا البلد العربي المسلم، الذي تمثل الثقافة العربية الإسلامية الجزء الأكبر من تكوينه الوجداني.. وهي واحدة من أبرز شاعرات موريتانيا.. موريتانيا التي اشتهرت في الوطن العربي ببلد المليون شاعر.... وهي دكتورة في الأدب الحديث تدرس حاليًا في جامعة الملك سعود بالرياض ولديها بعض الأعمال المنشورة؛ نشرت ثلاثة دواوين ودراسة نقدية وكتبت قصص للأطفال «حكايات الجدة» ثلاثة أجزاء نشرت في تونس.. قالت لنا عن بدايات التجربة وحتى الوصول إلى مستوى المشاركات الشعرية.. «منذ المرحلة الابتدائية عندما يعطينا المدرس محفوظات أو أناشيد أحاول أن أحاكيها.. وبأشياء مبتدئة وبسيطة ولكن دائمًا يتملكني الميل إلى النغم «الإيقاع» وفي الجامعة بدأت كتابات أول نصوصي ولكن كنت أكتبها وأخفيها لم أتجرأ على تقديمها للناس وفي سنة 1987م كتبت نصًا شعريًا وعندما قرأته رضيت عنه إلى حد ما فقدمته إلى صحيفة الشعب وهي يومية للزاوية الثقافية وباسم مستعار«ب ب» وعندما نشر أدار قراءات نقدية جميلة جدًا فشجعني ذلك وبدأت بعد ذلك المشاركة بالملتقيات والمهرجانات» واليوم هي أحد المشاركين في فعاليات ملتقى النيلين للشعر العربي في نسخته الثانية والتي نظمها المجلس الأعلى للثقافة والإعلام والسياحة برعاية من شركة زين للاتصالات.. وكانت ضمن شعراء من مختلف الدول العربية حلو ضيوفًا ومشاركين في الملتقى الذي ختم أعماله أواخر الأسبوع الماضي بقاعة الصداقة. ٭ انطباعك ورأيك في الملتقى؟ يشرفني هذا اللقاء وهذه هي الزيارة الأولى لي في هذا البلد الحبيب ولكني عرفت السودان من خلال بعض الأصدقاء والصديقات ووجدته فوق التوقع وقد اتاحت لي هذه الزيارة التعرف على النخبة المثقفة السودانية وشعرائها وكتابها ونقادها وأعتقد أن مثل هذه الملتقيات أهم ما فيها هو أنها تتيح لنا مثل هذا التلاقي والتعاطي الفكري والثقافي. ٭ نحن كثيرًا ما نشكو عدم وصولنا للآخر بذات مستوى وصول الآخر إلينا! إلى أية درجة تعالج وتتدارك الملتقيات هذه الإشكالية إذا صح التعبير؟! هذا الشيء لدينا أيضًا في موريتانيا نحن نعرف عن الأخر أكثر مما يعرف عنا وهذه قضية ترجع إلى عدم عقد مثل هذه اللقاءات التي تتيح الفرصة للشعراء أن يتعرفوا على تجارب الشعراء الآخرين في البلاد العربية وترجع إلى محدودية النشر لأن إذا لم يتطور النشر في بلد معين فإن ربما ذلك يحد من إطلاع الآخر عليه وهذه اللقاءات كما أسلفت هي تتيح التعرف على الآخرين وسماع الأصوات الأخرى وتطوير التجربة الشعرية وهذا شيء جميل جدًا. ٭ إلى أي مدى «وصل» إليكم الأدب والإبداع السوداني والادباء والمبدعون السودانيون؟ الأدب السوداني شخصيًا تعرفت عليه من خلال بعض المهرجانات الشعرية التي حضرتها التقيت فيها مثلاً د. معز بخيت ومحيي الدين فارس ومجموعة من الشعراء الكبار وتعرفت على الدكتور الطيب صالح في مهرجان الجنادرية هذه ناحية والناحية الأخرى أنه مع اتساع شبكة القنوات التلفزيونية بدأنا نتعرف على الآخر من خلال هذه القنوات والمقابلات إضافة إلى المهرجانات التي عقدت في الشعر مثل أمير الشعراء الذي ظهرت فيه روضة الحاج ومثل مهرجان عكاظ الذي كان يظهر فيه بعض الأدباء والشعراء السودانيين.. ٭ حدثينا عن إبداع الموريتانية في مجال الأدب والشعر؟ المرأة الموريتانية بدأت تظهر بعض إنتاجها ابتداءً من الثمانينيات من القرن الماضي ولم يكن يعرف لها قبل ذلك كتابة إبداعية الآن عندنا بعض الأصوات الشابة الشاعرة وعندنا كذلك قَصَاصات يكتبن الرواية ويكتبن القصيرة وعندنا مخرجات مسرحيات بدأ هناك حراك ثقافي لا يستهان به والمرأة تشترك فيه. ٭ ما هو السبب وراء تأخر ظهور المرأة؟ تأخر ظهور المرأة يرجع إلى تعليم المرأة النظامي جاء متأخرًا هذه ناحية.. طبيعة المجتمع المحافظ كانت إلى حد ما تتحفظ على دخول بناتها المدارس النظامية أيضًا الحركة الأدبية في موريتانيا كانت موجودة شعرًا وكتابة ولكن بشكل معاصر مع بدايات لاستقلال البلد «1961م» إضافة إلى أن التجارب الأدبية بدأت تظهر في أواخر الستينيات والسبعينيات والتحقت المرأة بالركب في بداية الثمانينيات وأعتقد أن هذا يعني أنه كان زمنًا معقولاً لتشترك في الحراك الثقافي.. ٭ أي المواضيع تتناولها الأديبة الموريتانية؟ هل كما متعارف عليه اتجاه المرأة للوجدان والعاطفة والتجربة الذاتية؟ ما اطلعت عليه حتى الساعة من الكتابات النسائية هي في أغلب الأحيان تعالج قضايا اجتماعية وطبعًا هناك الجانب الوجداني الذي نجده في بعض الكتابات القصصية وبعض الأشعار. ٭ والآن هل زاحمت الرجل؟ لا أقول إنها زاحمته لأن مساهمتها جاءت محدودة هناك أصوات، ولكن ليست بالكم الذي نقول إنها زاحمت الرجل الرجل بدأ مسيرته مبكراً وبأعداد من الشعراء والكتاب والنقاد لكن المرأة بدأت وأعتقد أننا بين الحين والآخر تظهر لنا أصوات نسائية جديدة شاعرات وكاتبات.. ٭ هذه الأيام أنتم والملتقى وتجمع الشعراء والأدباء هل أسفرت عن أي تعاون أو مشروعات مستقبلية مع الشعراء؟ سجلت عندي بعض الأسماء الشابة السودانية التي أرجو أن تشارك معنا في بعض المهرجانات التي نقيمها في بلدنا فهناك بعض الأصوات الشابة تستحق أن يطّلع الموريتانيون على تجربتها مثل الواثق مكي إبتهال هناك أصوات جميلة تستحق أن يتعرف عليها الشعراء الموريتانيين وأن تشارك معه في التظاهرات الثقافية في موريتانيا لأن هناك ملتقيات شعر تقام سنويًا في البلد ويدعو لها مشاركين من خارج البلاد فأرجو أن يشتركوا معنا فيها.. ٭ هل تلاقي ازدحام مهام يأتي على حساب الشاعرة؟ أكيد.. العمل الأكاديمي يسرق من جذوة الشعر شيئًا فشيئا عندما نعد المحاضرات والتدريس وتصحيح البحوث تقريبًا كل هذا يحد من الخيال. ٭ أتراقبين الطالبات بحثًا عن بذرة شاعرة؟ نعم.. البنات دائمًا أحاول أن أكشف الطاقات الإبداعية وأشركها في المهرجان الإبداعي السنوي الذي تقيمه الجامعة «جامعة الملك سعود» والأصوات المتميزة دائمًا أجعلها تشترك وكذلك في المسابقات التي يقيمها المركز الثقافي في الجامعة. ٭ هل نستطيع أن نصنع الأديب؟ أنا أرى أن الأدب في البدء موهبة أن تكتبي شعرًا أو تكتبي رواية تحتاجين إلى الفطرة وأن تكون لديك مسبقاً موهبة ولكن لاتكفي وحدها ولا بد أن نتعهد هذه الموهبة بقراءة النصوص الجيدة وبممارسة الكتابة والمتابعة من قبل متخصصين في المجال.. ٭ مقولة إن «موريتانيا بلد المليون شاعر» إلى أي مدى حقيقة هذه المقولة في الواقع الأدبي الموريتاني؟ أنا أرى الكثير من المبالغة.. موريتانيا مثلها مثل أي بلد فيها الشعراء وفيها من لا يقرأ الشعر ولا يتعاطاه ولكن هذه المقولة ربما ترجع إلى خبر نشرته مجلة العربي الكويتية المعروفة ومن زمان في بدايات استقلال البلد نها زارت أماكن فيها ما يشبه المسيد المكان الذي فيه الشيخ يدرس العلوم الإسلامية لتلامذته وعادة يدرسون الشعر ويستطيعون أن يقرضونه بسهولة ووجدوا بعض هؤلاء.. وأن التلاميذ يتعاطون الشعر ويقرضونه وفي أوقات فراغهم وسألوا عن عدد السكان في البلدة فقيل لهم مليون ومن هذا خرجت التسمية.. وهي من التسميات التي تروجها الصحافة. ٭ من لفت نظرك من الشاعرات السودانيات في الملتقى؟ روضة الحاج وهي شاعرة متميزة وسمعت صوتاً جميلاً هي إبتهال وسمعت شاعرة شعبية وهي جميلة جدًا ألقت في الأمسية الثانية ... ٭ كلمة في الملتقى؟ الملتقى وفر لنا التعارف الجميل في بلد نحبه ويحبنا السودان وفي العاصمة الخرطوم وتعرفنا على تجربة متميزة وهي التجربة السودانية في الشعر وأننا كذلك تعرفنا على تجارب شابة من بلدان أخرى كانت غائبة عنا ولانعرفها وأيضًا مثل هذه التجارب تغني تجربتنا وتوسع مداركنا عند الحديث عن الشعر العربي المعاصر.. هذا الملتقى يرقى إلى مستوى ملتقيات الشعر؛ الجنادرية والمربد قديمًا هذا الملتقى جمع لنا من مختلف الأقطار العربية أصواتًا متميزة إضافة إلى الأصوات السودانية كذلك التي هي أصوات لها مكانتها في عالم الشعر ونشكر لملتقى النيلين هذه الدعوة الكريمة ونرجو دائمًا أن نظل على تواصل في عالم الحب وعالم الشعر والأدب. ٭ وأخيرًا ملاحظات تفيد الملتقيات القادمة؟ أقول إنه يجب أن نستكثر من مثل هذا النوع من الملتقيات حتى نطور تجربتنا الشعرية وحتى نكون اطلعنا على ما يجري في عالمنا وحتى يكون نوعًا من الترابط الثقافي والوجداني وهذ ليس لقاءً ثقافيًا بقدر ما هو لقاء وجداني وتعرف على أجزاء مترامية من هذا الوطن الكبير.