أخطات قيادات الحركة الشعبية وهي توجه قواتها نحو مدينة هجيلج السودانية التي تمتلك حقل نفط كبيرًا ينتج نحو نصف إنتاج السودان من النفط الخام البالغ «115» ألف برميل يوميًا، وقد حصل السودان على حكم بسودانية هجليج بموجب حكم لمحكمة التحكيم الدائمة في هجليج عام «2009»م غير أن قيادات الحركة الشعبية بدلاً من أن توجه قواتها نحو برامج التنمية للدولة الوليدة التي لم تكمل عامها الأول من النمو إلا أنها فضلت أن تغامر مع قوات شعبنا المسلحة التي عُرف عنها أنها الأقدر على إدارة مثل هذه الحروب وهي التي اكتسبت خبرة متراكمة على مدى العصور وما الحرب العالمية الأولى والثانية وحرب أكتوبر و«67» وغيرها إلا شاهد على بسالة وشجاعة الجندي السوداني.. فبمثل ما كان العالم الذي ساند بشكل أو بآخر قيام دولة جنوب السودان أصبح الآن ينظر لهذه الدولة التي لم تبلغ من العمر عامًا بشيء من الريبة لكون أن هذا التصرف منها يشير بجلاء إلى أن دولة جنوب السودان تتطلع لأن تكون إسرائيل إفريقيا بكل ما تنطوى عليه من آمال وطموحات بني صهيون من خطط وتآمر وعدوان وغدر أو هكذا زين لهم سوء أعمالهم بأنها طوق النجاة من الغرق والسلامة من الطوفان حينما لم يجدوا جبلاً يعصمهم من سيل الجوع الذي يحاصر كل الجنوب والمرض الذي يفتك بكل صحيح والجهل الذي يتجسد أولاً بكل تفاصيله في من يسمون أنفسهم أو يصفونها بأنهم قيادات الجنوب، ناهيك عن ذلك الجهل الذي يدفع ثمنه أطفال أبرياء أغلقت مدارسهم والسبب أن كل موارد الجنوب التي كانت تعود من البترول أو تلك التي تبقت بعد إيقافهم لإنتاجه كانت ولا تزال تذهب إلى جيوب أولئك القادة وإلى تسليح الحركة الشعبية وإلى إشعال الحرب مع الشمال الحرب التي يخوضونها بالوكالة مع آخرين ولكنهم مادروا أنها حرب خاسرة سترسم ملامحها ملامح جديدة لجنوب جديد يدين بالفضل لشماله ويعترف سرًا وجهرًا بقوته وهو الدرس المنتظر بعد حرب هجليج. وقد أثبت احتلال هجليج أن السودان والعالم كله في كفة ودولة جنوب السودان في كفة، إن المزاعم والدعاوى الكاذبة التي لا تزال ترددها وتصر عليها دولة جنوب السودان بتبعية منطقة هجليج لها، الأمر الذي دفعها لاحتلال المنطقة هي دعاوى لا ترتكز على منطق ولا يسندها قانون لذا ظل العالم خلال الأيام الماضية كلها يردد ذلك وهو يدين الهجوم والعدوان الغاشم على هجليج، فهجليج لم تكن في يوم من الأيام محل نزاع بين الشمال والجنوب ولم يجرِ حولها تفاوض في كل جولات التفاوض السابقة بحسبان أنها تابعة لدولة السودان كما أن اتفاق ترسيم الحدود بين الدولتين المذكور بقرار محكمة لاهاي التي أرجعت الحدود إلى ما كان عليه الوضع بين الشمال والجنوب في العام 1956 هو الآخر يعضد من تأكيدات الحكومة على أن هجليج منطقة تابعة لها ويدحض دعاوى وأكاذيب دولة جنوب السودان في هذا الموضوع. إلى ذلك وفور سماع كل أبناء الشعب السودان للبيان الذي تلاه وزير الدفاع والذي بشر فيه بعودة هجليج حرة أبية إلى حضن الوطن والقوات المسلحة السودانية تدافعت الجماهير وتقاطرت بالآلاف نحو الشوارع مهللين ومكبرين ابتهاجًا بالنصر الذي تحقق وتأكيدًا لوقفة كل قطاعات الشعب السوداني مع القوات المسلحة.. وبالولاية الشمالية فقد تدافع جميع المواطنين نحو ساحة الدفاع الشعبي وهي تهتف «شعب واحد جيش واحد» وتردف: «الحشرة تطير يا البشير» كما تردد عبارات تهديد ووعيد من شاكلة «اكسح وامسح» في دلالة واضحة لمسح قوات «الحشرة الشعبية من كل الأراضي السودانية» وقد خاطب الجماهير المحتشدة عددٌ من المسؤولين بحكومة الولاية على رأسهم والي الشمالية بالإنابة المهندس عمر محمد نور الذي أشاد بتماسك القوات المسلحة وبالوقفة القوية لفئات الشعب السوداني باعثًا برسالة لرئيس الجمهورية أن الولاية الشمالية جاهزة للدفاع عن حياض الوطن كما ركز والي الشمالية بالإنابة في خطابه على أهمية الإنتاج الذي يمثل الدعامة الاقتصادية للوطن وللقوات المسلحة مناشدًا المزارعين عدم ترك المساحات الزراعية وتنويع التركيبة المحصولية وعدم الاعتماد على محاصيل محددة، من جانبه أعلن رئيس اللجنة العليا للاستنفار والتعبئة بالشمالية أحمد محمد عثمان أن مسيرة الجهاد ماضية ولن تتوقف مهنئًا فئات الشعبي بالانتصار الذي تحقق مطالبًا بالعمل سويًا نحو ثلاثة محاور هي «الجهاد، الدعوة، والتنمية» شارحًا أهمية كل واحد من هذه المحاور في رفعة البلاد.. إلى ذلك فقد حيّا منسق الدفاع الشعبي بالولاية مدثر حمد الفيل مجاهدات أهل الشمالية من حلفا حتى مروي في دعم المجاهدين بالزاد والنفس مشيرًا إلى أن المسيرة القاصدة لله لن تتوقف، ويرى ممثل الأحزاب بالولاية الشمالية جمال ميرغني أنه لا توجد أحزاب بعد اليوم ولا طوائف بل هو شعب مسلم واحد باعثًا برسالة إلى المسلمين في جوبا مفادها «أن قواتنا المسلحة ستخلصهم من الحشرة الشعبية » مشيرًا إلى أن جميع السودانيين تشتاق نفوسهم إلى الشهادة وإلى لقاء الله بعكس أولئك المارقين الذين يحرصون على الحياة والركون إلى الملذات، كما تحدث في اللقاء كل من وزير التربية الدكتور طه محمد أحمد ومعتمد دنقلا الدكتور الفاتح حسين وممثلة المرأة هويدا حسن ياسن حيث أشاد المتحدثون بما تحقق من نصر للقوات المسلحة باستعادة مدينة هجليج شاكرين جميع فئات الشعب السوداني على وقفتهم الصلبة حتى تحقق النصر. هكذا كان رد فعل جميع فئات الشعب السوداني لاعتداء قادة «الحشرة الشعبية» على هجليج وإن كان التخريب قد أصاب المدينة فإن الحركة الشعبية ستدفع الثمن غاليًا.