٭ من منطلق المساواة بين الجاني إذا كان حليف الغرب وإسرائيل والهجين عليه إذا كان ضد التطبيع مع إسرائيل، من هذا المنطلق تبنّى مجلس الأمن الدولي أمس الأول وعلى خلفية احتلال مدينة هجليج السودانية وحرق المنشآت النفطية فيها ثم تحريرها تبنّى قراراً تحت الفصل السابع يطالب فيه دولة جنوب السودان «الجانية» وجمهورية السودان «المجني عليها» في هجليج بوقف الأعمال العدائية في «48» ساعة وحل خلافاتهما ضمن مهلة ثلاثة أشهر، ثم يدعو القرار «الأمريكي الفرنسي» إلى استئناف المفاوضات بين «الجاني» و«المجني عليه» بدون شروط.. وكأنما واشنطن وباريس اللتان تقدمتا بمشروع هذا القرار رقم «2046» أرادتا استعجال تدفق النفط في الأسواق العالمية حتى لا يترك توقفه المجال لرفع سعر النفط الآسيوي. أو ليكون منه التعويض عن الغاز المصري لإسرائيل بعد الثورة المصرية التي جعلت التطبيع بين القاهرة والعاصمة الإسرائيلية تل أبيب في كف عفريت. لكن السؤال المهم هو هل يعني هذا القرار البليد جداً عدم استخدام حق الدفاع للسودان إذا ما كررت دولة الجنوب ما فعلته من عدوان واحتلال لأرض سودانية مثل مدينة هجليج؟!. أم أن هذا القرار أصلاً صيغ ليوفر لحكومة جوبا الغطاء الدولي إذا ما طلبت منها بعض الجهات الأجنبية المتآمرة استئناف العدوان ضد السودان؟!. وما يجدر ذكره هنا هو أن رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير كان قد رد على مطالبة المعارضة الجنوبية داخل البرلمان حينما طالبته بالانسحاب من هجليج قبل تحريرها بيومين رد قائلاً: «إن الدول الغربية الكبرى أصدقاؤنا ولن يفرضوا علينا عقوبات».. انتهى. إذن يملك سلفا كير من هذه الدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية الضوء الأخضر للاعتداء على السودان وكأن الحرب في أصلها بين السودان والدول الكبرى، وليس هذا جديداً ولا مستغرباً، فقد سبق أن حاربت كل الدول الغربية العراق بشكل مباشر من أجل أمن واستقرار إسرائيل. والآن لماذا لم يتحرك مجلس الأمن بقوة بعد احتلال هجليج وحرق المنشآت النفطية فيها؟! هل كان هذا يسر واشنطن وباريس اللتين تقدمتا بمشروع هذا القرار؟!. لماذا لم يتحدث هذا القرار عن خسائر السودان في هجليج وعن ضرورة تقديم دولة جنوب السودان للتعويض لصالح السودان عما سببته من خسائر فادحة في حقل هجليج النفطي؟!. لا عدالة دولية في قرار مجلس الأمن، ولو لم تجتهد الحكومة السودانية في تحرير هجليج وكانت محتلة حتى الآن لما وسع مجلس الأمن أن يتبنى مشروع قرار يقضي بإلزام انسحاب قوات الجيش الشعبي المعتدية ومعها العناصر المرتزقة من هجليج ويفرض على حكومة جوبا دفع تعويض عن الخسائر الناجمة عن حرق حقل النفط، لكن أين العدالة الدولية؟!. إن الأعضاء الكبار في مجلس «انعدام» الأمن الدولي لا يسعهم أن يستغنوا عن دولة جنوب السودان التي توظف نفسها على المستوى الرسمي لخدمة المشروع الصهيوني الغربي التآمري في إفريقيا والوطن العربي، وحكومة جوبا عديمة الأخلاق والقيم الإنسانية في سياستها الداخلية والخارجية على السواء تتحرك بخطوات عدوانية، ضد شعبها وجيرانها ولذلك لا تبالي في أن تقدم نفسها خادمة للمشروعات الصهيونية. وإذا كان الملك عبد الله هو خادم الحرمين الشريفين وعمر البشير هو خادم القرآن الكريم كما لقبته جمعية القرآن الكريم فإن سلفا كير هو خادم الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك استحق التكريم من مجلس الأمن وهو الجاني بالقرار «2046» البليد. وفي هذا الوقت وبعد صدور هذا القرار يمكن أن تقوم حكومة جوبا بعدوان جديد ربما يكون احتلال أبيي هذه المرة، وإما أن تنحني لعاصفة التآمر الغربي، وإما أن تدافع عن الأرض ليقول مجلس الأمن إن السودان خالف القرار «2046» أما دولة جنوب السودان فلا تحاسب على مخالفة وقد قال سلفا كير: «هم أصدقاؤنا ولن يفرضوا علينا عقوبات». يقصد حتى ولو كان هو الجاني. أما إذا إحتل السودان أرض جنوبية فسينظر إليه مجلس الأمن كما نظر إلى إحتلال الكويت. إنه قرار بليد وظالم.