إذا علمنا أن الطغمة التي تسيطر على دولة الجنوب وتهيمن على مقاليد الأمور هي فئة تركع وتطيع الجهات الطامعة في السودان كله.. موارده وموقعه من إفريقيا وثرواته النفطية والمعدنية والحيوانية كاحتياط إستراتيجي لاقتصاده وقوته وهيمنته على العالم.. فيم نصف الذين يقاتلون شعب السودان كله على حدود دولة الجنوب بم نصف الذين اختلفوا عن إجماع شعب السودان بكل أحزابه وطوائفه وفئاته الشبابية والطلابية بالداخل والخارج كيف نصفهم وكيف نسميهم سوى أنهم مرتزقة مجندون لتحقيق أجندة الصهيونية العالمية المتربصة بالسودان شعباً وأرضًا وعقيدة.. إن هؤلاء الذين يقاتلون ويعتدون على المدنيين في تلودي وخور يابوس وكل المدن والقرى الحدودية في كردفان والنيل الأزرق إنما يرتكبون في المقام الأول جرائم حرب لا محالة بقصفهم المدنيين هناك.. وحرقهم للممتلكات ونهبهم للأموال.. هؤلاء وأولئك في نظر القانون وفي نظر الشعب السوداني محض مجرمين وخونة.. كانوا يجلسون بين ظهرانينا.. يمتلكون العقارات والسيارات.. يتولون المناصب والمسؤوليات ولكنهم خانوا«العيش والملح» لما جاءتهم التعليمات انقلبوا علينا.. أما حركات دارفور فإنها باعت نفسها للشيطان فرفضت بتعليمات من الأسياد والمانحين وأصحاب المصلحة في تفتيت وحدة السودان وتعطيل عجلة التنمية وجميع العروض للتوصل إلى معالجات لقضايا التنمية والعدالة لدارفور.. وهم بذلك يرتمون في أحضان القوى المناوئة لوجود الشعب السوداني وإبادته واستئصال هويته الحضارية وهو مخطط إستراتيجي تماماً مثل ذلك الذي نفذ في تنجانيقا في شرق إفريقيا.. وليس هناك أي تفسير آخر لاحتفاظ ما يسمى بالحركة الشعبية باسمها الكامل حتى بعد انفصال الجنوب وقيام دولة «الحركة الشعبية لتحرير السودان» تحريره من ماذا ومن مَن ..اعتقد أن الصغير والكبير يدرك المقصود من ذلك وهو إبادة أي عنصر عربي وإزالة الدين الإسلامي وهو هدف بعيد المنال. ونحن الجيل الذي عايش زمان استقلال السودان وقرأنا أسباب إقامة الإنجليز لمناطق مقفولة في دارفور وجبال النوبة وإغلاق الجنوب كله من بقية أنحاء السودان.. بهدف جعل هذه المناطق بؤرًا للصراع والفتنة وتقود في النهاية إلى تفتيت دولة السودان ثم بعد ذلك تكون الهجمة الكاملة عليه.. ولعل الكتابات التي تعرضت لمسألة المخطط الرامي لتفتيت السودان كانت معبرة تماماً عن المخطط إن كنا نقرأ او نستحضر كل ما نقرأ ونعقله ونربط الأحداث بعضها ببعض.. أيضًا ما سطره وتنبأ به أحد المفكرين السودانيين أو سار على ذات المخطط الموضوع أصلاً من أن السودان لابد أن سيأتي زمان يحكم فيه العنصر غير العربي وغير المسلم.. كان ذلك بالنسبة لنا نبوءة ولكن في الحقيقة كان إنذارًا مبكراً وترجمة للمخطط الصهيوني الامبريالي الكنسي الذي يعلمه الذين يدفعون الأمور نحو تحقيق الغايات.. إذن فإن ما تقوم به دويلة الجنوب هذه بعد نيل استقلالها ما هو ألا سعي لتحقيق تلك الأهداف.. استعانة بالمرتزقة من كل مكان.. ولذا فإن شعب السودان كله وبوعيه السياسي وذكائه وقف وقفة رجل واحد في قضية هجليج ونريد ذات الوقفة وذات الدفع والإسناد لقواتنا المجاهدة على ثغور البلاد ومؤازرة إخواننا في تخوم البلاد حماية للأرض والعرض.. وصوناً للعزة والكرامة وبذات القوة والدفع، فتلودي والمقينص وأم دورين وخور يابوس وغيرها أراضٍ سودانية معتدى عليها.. وهي محاولات للفتّ من عضدنا أو إضعاف قدرتنا ولكنهم نسوا التاريخ الذي يحدثنا عن مواقف الأبطال من أبناء كل هذه المناطق في مواجهة الاستعمار.. ونحن أحفادهم وأبناءهم نسير على دربهم.. وبوعينا وقراراتنا وإرادتنا الحُرة سنلقِّن المعتدين الدروس والعبر.