أولاً نسأل أنفسنا لماذا وقف شارعنا وقفة رجل واحد في مشهد لم نرَ له مثيلاً من قبل ابتهاجاً بما حقَّقه الجيش من انتصار ساحق في هجليج. الإجابة جد سهلة؛ ذلك لأن ما كانت تقوم به دويلة الجنوب التي لم تبلغ بعد مرحلة الفطام من اعتداءات على مدن شمالية وحبر الاتفاقات التي توقعها حكومتنا معها لم يجف بعد هذا كان يستفز مشاعر كل سوداني «رجلاً كان أم امرأة» بما عرف عن هذا الشعب من كرامة لا يقبل أن تمس خاصة من أولئك الذين أحسن إليهم بما لا ينكر. والمؤسف أن السلطة ظلت تمدّ لهم حبال الصبر لعلهم يعودون إلى صوابهم إلا أنهم ظنوا أن ذلك ضعفًا؛ لأنهم تقف إلى جانبهم أمريكا وإسرائيل، ونسوا أن الله يقف مع المؤمنين ونسوا أو جهلوا أن المسلمين لم ينتصروا على الإمبراطوريتين الرومانية والفارسية إلا بقوة إيمانهم.. وفي الوقت نفسه لم يحذروا غضبة الحليم. لقد كان مشهد السودانيين رجالاً ونساءً شيباً وأطفالاً بل ومقعدين خرجوا إلى الشارع على «عجلات متحركة» في العاصمة وهم يهتفون وهم يهللون فرحين بالنصر في هلجيج ومستبشرين بأن تتوالى الانتصارات على الشقيق الذي تحول إلى عدو لدود ينضح حقداً لم ندرك كنهه. وما جعل الفرحة شاملة أن ولايات السودان كافة خرجت في مسيرات هادرة معبِّرة عن فرحتها بهذا النصر المؤزر وهذا كله يمثل ملحمة وطنية تاريخية تؤكد أن الشعب السوداني عاد إلى سيرته البطولية الأولى. وإن ما جعل هذا الشعب يزداد حماسة للدفاع عن أرضه وعرضه وقفة السلطة الصلبة لأول مرة بأن لا مفاوضات مع هذا العدو الغاشم قبل تحرير كل شبر من أرض الوطن وإننا نرى هذه الأيام تكوين كتائب المجاهدين على مستوى السودان وعودة الدفاع الشعبي إلى الميدان للوقوف مع قواتنا المسلحة الباسلة لوضع نهاية لهذا العدو القزم الذي يسعى لتدنيس أرضنا الطاهرة. ولا ننسى أن فئات شعبنا كافة خاصة المقتدرين منهم أصبحوا أكثر سخاء في ملحمة استرداد الأرض وصون العرض فها هي التبرعات تنهال بآلاف الملايين بصورة تدعو للإعزاز والفخر. أقول ماذا تعني المفاوضات سوى الضحك على «الدقون».. ماذا تعني سوى الاستخفاف وإضمار وتنفيذ المؤامرات وراء ستار الرغبة في السلام. وبعد هجليج وبعد ما كشف عنه في منزل مشار نقول لهذه الدويلة التي تحركها أصابع خارجية استعمارية: إن اللعبة قد انكشفت وإن خيوط المؤامرة أصبحت أوهن من بيت العنكبوت. وإن ما يزيد من استفزازنا أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدةالأمريكية يطلبان من الخرطوموجوبا ضبط النفس وهما يعلمان أن جيش جوبا هو المعتدي وأن جيش الخرطوم معتدى عليه فكيف يضبط نفسه هل يستسلم.. أظن أن هذا ما كانا يعنيانه وإلا كيف يساويان بين المعتدي والمعتدى عليه والقاتل والضحية فإن كانا حماة سلام لماذا لم يطلبا من سلفا كير أن يسحب جيشه الشعبي ومرتزقته من الأراضي السودانية. بقي أن نقول إن المؤامرة تزداد وضوحاً في كل يوم مستهدفة تنفيذ «منفستو» الحركة الشعبية «السودان الجديد» وهو يعني إسقاط النظام وتفتيت السودان إلى دويلات ومحو هويته العربية والإسلامية ومسار عجب أنهم أضافوا إلى السودان الجديد «الجنوب الجديد» بحيث يضمون إلى دويلتهم التي ما زالت في طور الرضاعة جنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي ودارفور. هامش: نتساءل جميعاً: أين كان أمبيكي طوال الأيام العشرة التي كان يحتل فيها جيش سلفا كير وعصابته هجليج ولماذا سكت حسه؟!.