المتتبع للأغاني السودانية منذ العهد المروي وحتي يومنا هذا يجدها تنحصر في محورين، إما الغزل أو التحريض على خوض الوغى وخوض المنايا الكالحات وهذا الأخير اكتسح الساحة الفنية بصورة جعلتنا نتساءل ما الذي تريده المغنية؟ هل مرادها بث روح الشر والدواس في نفوس الرجال كي تضمن حمايتها من الناحية الأمنية والاقتصادية وأي «أيّة» أخرى ما لم يقتض السياق معنى آخر؟؟ام انها تريد ان يفنى جنس الرجال من الوجود فتنفرد هي بالسلطة والثروة؟ ولا أظن أن الاحتمال الأخير هذا صحيح!! انظر بت مسيمس شاعرة الزبير ود رحمة وهي تقول: سموك الزبير فارساً تشد الحيل سموك الزبير راجلاً تصد الخيل سموك الزبير راجلاً تقيم الليل هذا من باب الاطناب فقط، لأننا عرفنا عبر التاريخ أن حياة السوداني تكون مقصورة على تخصص واحد فقط، إما شيخ ورع معتكف أو فارس لا يهمه على أي جنب كان في الله مصرعه، أو رعديد خامل الذكر.. ومن المستحيل الجمع بين وظيفتين.. معاي!! وفي شمال كردفان قالت إحدى الحكامات: البندق أب رزا أنا بيهو بتهزا كان الوليد فزا ندي القرن جزا واضح أنها سوف تحلق رأسها صلعة فيصير مثل صفوان عليه ترتب فاصابه وابل فجعله أملس مثل «الكلوة»، إن هرب صديقها من ساحة الحرب!! قال أحد الهدايين من أنصار الفكي السحيمي الذي ناكف الانجليز بل تجرأ وهاجم إحدى نقاط المآمير بنيالا في القرن العشرين، فقتل فريقاً منهم وهرب الباقون، فوصفهم الهداي بقوله: خواجه فقر ٭ مكار مكر عيونو خضر ٭ طردنا فجر سحيني ضرب ٭ خواجه هرب ويلا بنا الى الكاملين حيث نجد شقيقة ود حبوبة الذي كان أنصارياً مخلصاً وقام بإبادة نفر من الانجليز ومعهم شيخ المسلمية في «حلة مصطفى» فحكموا عليه بالإعدام، وتم التنفيذ في يوم الأحد 17/5/1908م أمام الناس وفي السوق.. فقالت شقيقته: بتريد اللطام أسد الكداد الحام هزيت البلد من اليمن للشام سيييييييفك للفقر قلام ولا أدري لماذا أربط دائماً بين ود حبوبة والشيخ أسامة بن لادن عليهما الرحمة؟! وأنا شخصياً أشعر بسعادة واشتعال النار في ما تبقى لي من أوصال عندما تغني المطربة فهيمة عبد الله بصوتها الذي يشتمل على لسعة طرب تجعلك ترقص جزلاً في أي طريق ولائي: والخواف ده مو حر منو نتبرا والحارة بنخودا عارفانا المكارم نحن بنقودا ثم تقول في بيت آخر: والخاين ندوسو نقطعه الطنّة أي نقف بثقلنا على رقبته فيقف عمل الرئتين تماماً. والعرب في صحارينا لم يتخلفوا عن الركب في إذكاء روح الحرب في شبابهم والتغني بالبطولات والتنكيل بالعدو: نحن الما بسمونا العريب وين جيتو نحن بنركب الدرشي البجابد خيتو نحن عشيرنا ما بنخونو نخرب بيتو نحن عدونا بندوسو ونطلّع زيتو أبعد كل ذلك يا أحباب تتساءلون عن أسباب العنف في الجامعات والشارع العام؟ أمال ده شنو؟!