رفع الدعم عن المحروقات التزام تجاه الفقراء وانحياز لهم، «فالأغنياء والمنظمات الأجنبية والطوعية هم الأكثر تمتعا بدعم الوقود». هذا ما قاله رئيس اللجنة الاقتصادية في برلمان الزبير أحمد حسن، ويقول به قادة المؤتمر الوطني في محاولاتهم تبرير تلك الخطوة. الخطوة التي يدركون أنها القشة التي ستقصم ظهر البعير، لذلك يقدمون رجلاً ويؤخرون الأخرى في سبيل تطبيقها. بالرجوع إلى مقولة الأغنياء والمنظمات الأجنبية والطوعية هم الأكثر تمتعاً بدعم الوقود، يبرز سؤال عن كم هو عدد الأغنياء والمنظمات والطوعية مقارنة ببقية الشعب السوداني؟ إن السودانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر (ولنعتمد الإحصاءات التي قال بها رسميون رغم الشك فيها) يقاربون ال50% من الشعب السوداني، أما الذين يعيشون مع خط الفقر فلا ريب –حسب تلك الإحصاءات وحسب الواقع- يفوقون ال40% وهناك 5% يراوحون بين الفقر والغنى، إذاً تبقى 5% هم الأغنياء. هذا الحساب يوضح ببساطة أن كل 95 من 100 فرد من المستفيدين من بقاء أسعار المحروقات على ما هي عليه، وهم من الفقراء، إذا ما أدركنا ماذا يعني زيادة أسعار المحروقات وما يترتب عليها. وهنا نتحدث عن زيادة اسعار المحروقات لا رفع الدعم المزعوم عنها، فقد كشف بعض المختصين أن سعر برميل البترول المنتج في السودان لا يتجاوز 10 دولارات أمريكية في حين تبيعه الدولة لمصفاة التكرير بما يعادل 49 دولاراً أمريكياً، فلا دعم ولا يحزنون. ما يترتب على زيادة أسعار المحروقات هو زيادة تعرفة المواصلات العامة، هذا هو الظاهر فقط، وهي الوسيلة التي يستخدمها جل الشعب السوداني رغم مظاهر المركبات الخاصة التي تكاد تغطي الأفق. وهو ما سيحسه المواطن مباشرة عقب الزيادة. لكن الزيادة على تعريفة المواصلات طبقت فعلاً قبل إعلان زيادة المحروقات، وقد جاء في تصريحات لمسؤول إنهم اتفقوا مع غرفة النقل على تطبيق الزيادة الآن على ألا تكون هناك زيادة في التعريفة عقب إعلان زيادة المحروقات، وهذا تحايل على الإعلان. لكن –والذي سيدركه الناس عقب إعلان زيادة أسعار المحروقات- وببطء هو أن تلك الزيادة ستنسحب على كل شيء بما فيها المواصلات العامة. فهي ستنسحب على أسعار السلع المنقولة، ستنسحب على أسعار الخضروات، ستنسحب على كل ما هو متعلق بحياة المواطن وصحته. إذا كان الأغنياء هم المستهدفون من زيادة أسعار المحروقات فهناك طرق أخرى وأسهل بكثير من ذلك، فالأغنياء هم أصلاً قادرون على مقابلة أسعار السلع وعلى مقابلة زيادة أسعار المحروقات لأنهم هم المتحكمون في تلك السوق. فلا فرق لديهم بأن تزيد الدولة أو لاتزيد من الأسعار فهم سيمتصون المواطن ويجبرونه على تحمل تلك الزيادات ولن يتحملونها هم. فأصحاب الشركات الكبرى وقطاع رجال المال والأعمال لن تضار مصالحهم ولن تنقص خزائنهم شيئاً بل ستزداد خيراً على خير طالما ستحمل العبء 95% من الشعب. بالتأكيد هناك وسائل أخرى غير زيادة أسعار المحروقات يا اقتصاديي المؤتمر الوطني «شوفو ليكم طريقة مخارجة»، ولا تحملوا الناس فوق ما هي محتملة، ف»القشة اقتربت من ظهر البعير يا هؤلاء».