قبل «75» يومًا من دخول شهر رمضان المعظم ظهرت إلى السطح مجدَّدًا أزمة في سلعة السكر التي باتت تتكرَّر سنويًا، وهي إحدى المشكلات التي ترهق المواطن، خاصة أن السكر من السلع الضرورية جدًا، في وقتٍ ظلت فيه الجهات المعنية تنفي بشدة تكرار الأزمة وحملت المشكلة للمواطن جرّاء تناقل الشائعات عن وجود شح في السلعة باقتراب شهر رمضان ومحاولة الكثيرين جمع كميات كبيرة من السكر بغرض الاحتكار، وساهمت أحداث مثل تأخر افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض في الأزمة باعتبار مساهمته المتوقعة في زيادة الإنتاج، بجانب إيقاف قيام محلية الخرطوم بفرض عقوبات صارمة في مواجهة بعض معامل تعبئة السكر المتجاوزة في العمل، وانتقدت جشع التجار الممارس من قبَل بعضهم لاحتكار السلعة وسحبها من الأسواق بطرق ملتوية.. حيث كشف معتمد المحلية عمر نمر عن طرح السلعة يوميًا عبر المنافذ المعتمدة ومراكز التوزيع الجائلة، وقال: إن المحلية خصصت «5» مواقع في كل حي سكني لتوزيع السكر وفق اشتراطات تضمن انسياب السلعة ومنع تسريبها للسوق الموازي والمحليات الأخرى والأثر واضح، حيث شهدت أسعار السكر ارتفاعًا كبيرًا وشحًا في الأسواق، الأمر الذي دفع الدولة لوضع العديد من الحلول التي رأت إمكانية مساهمتها في حل الأزمة وذلك عبر الرجوع إلى البطاقة التموينية بتوزيع حصص للمواطنين حسب حاجة الأسرة بجانب التوزيع على المحليات.. إلا أن المشكلة ما زالت قائمة في ظل ضعف المعالجات.. (الإنتباهة) وقفت مع العديد من الجهات المختصة لمعرفة أوجه الخلل والحلول الممكنة.. فكانت البداية بمحلية الخرطوم التي صنفت الأزمة على أنها مجرد شائعات.. حيث أكد مصدر فضّل حجب اسمه أن جميع المحليات تأخذ حصتها كاملة كمحلية الشهداء تحصل على «3000» جوال يوميًا ويوزّع «50» جوالاً يوميًا على «42» مربعًا، ويحصل كل حي على «10» جوالات، لافتًا إلى أن المحلية أوقفت السوق المحلي قبل شهرين وأدخلت الأحياء، وحمل مسؤولية الأزمة إلى أصحاب الكافتيريات التي تلجأ لشراء السكر من الأحياء والمصانع التي يتوجب عليها الحصول على كود من الولاية، أما عن قرار إيقاف بعض مصانع التعبئة فقال: إنه صادر عن معتمد المحلية بقرار إيقاف كل مصنع لا يلتزم بمواصفاته، وقال: تلك المصانع لا تقوم بتسليم الكمية المحددة لها في مواعيدها أي في وقتٍ متأخر من اليوم، بجانب عدم التزامها بالكمية المحدَّدة لها، معللاً ذلك بأن بعض العبوات غير مطابقة للمواصفات، وأضاف: هنالك مشكلة كبيرة تواجِهنا مع بعض المحليات المتاخمة لمحلية الخرطوم التي قال إنها غير منضبطة في توزيع السلعة كمحلية الأزهري ومايو مما يدفعهم لللجوء لمحلية الخرطوم، وأبان أن قرار التسليم بالبطاقات التموينية جاء كضبط للمواطنين بالأحياء الذين يلجأون لشراء أكبر كمية من السلعة مع اقتراب شهر رمضان، مؤكدًا توفر سلعة السكر، وقال: إن الشائعة أكثر من الواقع الحقيقي. فيما خالفه الرأي الأمين العام للجمعية السودانية لحماية المستهلك د. ياسر ميرغني الذي أكد وجود مشكلة حقيقية في سعر السكر الذي وصفه بأنه محتكر من قبَل الدولة، وأضاف: أن الشركات المحتكرة مارست أسوأ أنواع الاحتكار بجلبها سلعة غير مطابقة للمواصفات وتوزيعها رغم أنف قرارات اللجان الفنية ولم يتوفر للمستهلك في الأسواق، واتهم شركات التعبئة بالفشل في تطبيق تجربة العبوات الصغيرة، وكشف عن وجود بلاغات عن نقص في العبوة بجانب احتوائها على شوائب ونمل، إضافة لتحجر السكر مما يؤكد عدم وجود رقابة أو معايير للشركات، وشدَّد على ضرورة أن تتم التعبئة داخل الشركات المنتجة «كنانة، والشركة السودانية للسكر»، مطالبًا الدولة برفع يدها عن السلعة قبل حلول شهر رمضان، مطالبًا ولاة الولايات بأخذ حصصهم كاملة وتوزيعها ببطاقات خاصة للسكر. منسق اللجان الشعبية بمحلية الشهداء موسى بدوي أكد وجود تنسيق كامل مع اللجان الشعبية بالأحياء لتوزيع السكر في المواعيد المحددة، مستبعدًا وجود مشكلات في سلعة السكر، وكشف عن متابعة التهريب للسلعة ووضع الحلول في التوقيت المناسب، مبينًا وضع خطة لتوزيع السكر لشهر رمضان عبر التسليم بالبطاقات بالتعاون مع معتمد المحلية، وأضاف: هنالك لجان لحصر الأسر ومدى حاجتهم، مؤكدًا استقرار الأسعار بقيمة «35» جنيهًا للجوال زنة «10» كيلو، وقال: لدينا هيئة متابعة لمواجهة أية زيادة في السعر عبر مسؤول اجتماعي.. الأمين العام لغرفة صناعة ولاية الخرطوم عادل ميرغني أكد عدم تأثير المصانع التي تم إيقافها على الإنتاج، وقال: إن عددها ثلاثة مصانع تنتج «30» طنًا من جملة «1300» طن، وزاد: أن المصانع الحالية تعمل بأقل من طاقتها بنسبة «30%»، وطمأن أن كمية الإنتاج الموجودة متوفرة.. قال رئيس الغرفة التجارية بولاية الخرطوم حاج الطيب الطاهر إنهم بصفتهم تجارًا ومصنعين لسلعة السكر يقومون بتسلم حصصهم من مصانع التعبئة للمحلية كاملة عبر المندوب التابع لهم وفي المكان الذي تحدده المحلية وبسعر «34» جنيهًا للجوال زنة «10» كيلو، وأضاف: كان يباع في الأسواق بسعر يتراوح ما بين «40 43» جنيهًا، ونفى مسؤوليتهم تمامًا تجاه توفير وتوزيع سلعة السكر للمواطن، وقال: إنها مسؤولية المحلية وليس المصنعين، ومضى قائلاً: نحن نتساءل أين تذهب حصص السكر التي يسلمها المصنعون للمحلية، ولماذا تباع في السوق بأسعار مرتفعة مع العلم أنها تؤخذ من المصنعين بسعر ثابت، وأردف قائلاً: كما أن المحلية قامت بمنع توزيع سلعة السكر بالأسواق، وركزت على توزيعها بالأحياء، وزاد: عدم وجوده بالسوق له انعكاس سياسي فإذا المواطن ذهب لشرائه من السوق من الأفضل أن يجده حتى ولو بسعر غالٍ ولكن لا يجده نهائيًا فهذا ما يغضبه، ومضى قائلاً: الدولة حرمت التاجر من السكر وهو محتكر لديها والدليل على ذلك عدم توزيعه لهم، وأردف: فإذا تم ضبط تاجر يقوم ببيع السكر بأسعار مرتفعة يجب محاسبة الجهة التي تقوم بتمويله، وزاد: نقترح أن يكون كل مصنع مسؤول عن توفير سلعة السكر لمنطقة أو حي بحيث يتم التوزيع من المنتج للمستهلك مباشرة، وإذا حدث أي إخفاق من مصنع فسوف يعرف من اسمه وإنتاجه، وأضاف: وقد يكون هذا المقترح أفضل من المقترح الذي تنفذه المحلية حاليًا، ومن الواضح أنها لم تنجح في هذا المشروع إضافة لذلك فالدولة قامت بنقص «30%» من الكمية أي ما يعادل «60» ألف طن التي تصرف من السكر، فمثلاً ولاية الخرطوم في السابق حصتها «2» ألف طن وتم إنقاصها ل «ألف و400» طن، وهذا أثر على المستهلك، وأردف: الكمية الموجودة حاليًا يفترض أن ترشد وتوزّع بطرق سليمة تضمن للمواطن حقوقه.