واحدة من فوائد الأحلام هي أنها جعلت الإنسان منذ ضحى التاريخ يؤمن بحياة ما بعد الموت حيث كان يرى في نومه أهله وأصدقاءه الذين ماتوا فيتحدث إليهم ويسمع منهم، وضح لنا ذلك في تصاويرهم ونحوتهم التي تركوها على الكهوف حيث كانت سكناهم. قيل إنك لا يمكن أن ترى الأموات أو تخاطبهم وأنت يقظان إلا بعد أن تنام وتفارق نفسك الجسد فتحوم في مجاهيل عريضة فتجد الموتى من معارفك وتتخاطب معهم دون دهشة أو وجل، كأن تقول لهم »إنتوا مش متّوا؟ الجابكم شنو؟«.هذا يحدث لأن النفس لا تموت أبدًا بل تجد سانحة طيبة في التواصل في غياب الجسد..الرؤيا المنامية أنواع عديدة وليس هذا مجال توصيف كل واحدة وربما تسنح لي فرصة إلقاء الضوء على ذلك أن سمحت الأيام و قسيتو يا إنتو!!! حتى هذه الأحلام أفسدها الناس بالكذب الذي تفشى وتمدد و ذلك إما لنيل حاجة لا يستحقها الحالم الكاذب أو لدفع ضرر كان يجب أن يقع عليه أوع بالك.. رأى بعض الشحادين اللحوحين جماعة من ذوي اليسار فوقف عليهم وأنشد : رأيت في النوم أني راكب فرساً *ولي وصيف وفي كمي دنانير فقال قوم لهم فهم ومعرفة * خيرًا رأيت و للمال التياسير اقصص منامك في دار الأمير تجد * تفسير ذاك و للأحلام تفسير أي بالعربي كدا »الله يدينا ويديك أمشي للوالي نحن ما عندنا لك التكتح«!! ثم أردف أحد العالمين باللغة وكذب ذلك الرجل »هذه أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين يلا فرتق«... هناك قصة سودانية تحكي أن رجلاً تقيّاً ورعاً نذر نفسه وماله لله والفقراء ومظاليم القطاع الخاص، بدأ في تشييد مسجد ضخم يحتل مساحة فدان من الأرض واستورد له كل المواد من الخارج وشاور معظم بيوت الخبرة المعمارية ثم بدأ في البناء على أبدع ما يكون.. عندما وصل البنيان إلى العتب أي فوق الشبابيك بقليل توفي الرجل الصالح وذهب إلى ربه راضياً مرضياً. كان لهذا الرجل ابن عاق متفلِّت جانح مقبل على الدنيا فبدا أول ما بدا بعد وفاة والده بأخذ السيخ والأسمنت إلى مكان آخر على الكورنيش لبناء فيلا يقضي فيها وطره.. ذات صباح جاء جار كان صديقاً للمرحوم وجلس إلى ذلك الابن العاق وقال: اسمع يا ابني: أمس أبوك جاني في المنام وهو في زي أبيض وعلى بساط أخضر في أروع ما يكون وقال لي بالحرف الواحد »قول لولدي أكمل بناء المسجد بأسرع فرصة«.. أطرق الولد هنيهة ثم رفع رأسه وسأل الرجل: إنت يا عمو أبوي دا جاك في المنام زي الساعة كم؟؟ قال الرجل: حوالي الواحدة بعد منتصف الليل.. هنا ربت الابن العاق على كتف الرجل وقال له: أنا أبوي جاني في نفس الليلة حوالي »3« صباحاً و قال لي »انس الموضوع« فمعليش يا عمو!!! في الكوفة وقف شحّاد على رجل صاحب نخل كثير اشتهر بالبخل وأمامه كوم كبير من التمر فأنشد الشحّاد: رأيتك في النوم اعطيتني * قواصر من تمرك البارحة فقلت لصبياننا ابشروا * برؤيا رأيت لكم صالحة قواصر تأتيكم بكرة * وإلا فتأتيكم رائحة نظر صاحب النخل البخيل إلى الرجل في استخفاف وقال له: أرجو أن تعفيني من رؤياك هذه فإن رؤيا سيدنا يوسف عليه السلام تحققت بعد أربعين سنة وأنت عاوز تحقق رؤياك تاني يوم؟؟؟ كذلك طال التشاؤم الذي كان يؤثر في حياة العرب الرؤيا المنامية أيضا حيث قال أحدهم: وأحلم في المنام بكل خير* فأصبح لا أراه ولا يراني و لو أبصرت شرًا في منامي * لوافى الشر من قبل الأذان هناك الكثير من البدع عند العرب في نومهم ويقظتهم إلا أن المساحة لا تتسع لذلك.