وضع منتدى أولويات الأمن القومي السوداني الذي نظمه مركز التنوير المعرفي أمس الأول عدداً من الأولويات التي من شأنها المحافظة على أمن البلاد وسلامتها واستقرارها، وشدد المشاركون في المنتدى على ضرورة وضع استراتيجية بعيدة المدى تلتزم بها الحكومة والمواطنون. وتناول مقدم الورقة مساعد المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات السابق مدير مركز العلاقات الدولية الفريق محمد نجيب عبد المجيد، تناول في ورقته العديد من المهددات والتحديات التي واجهت وتواجه الأمن القومي على مدى تاريخ الحكومات الوطنية، والتي أدت إلى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وأشار إلى أن سيناريو الحرب الذي يجري الآن تنبأ به معهد السلم الأمريكي باعتباره أحد السيناريوهات المتوقعة عقب انفصال الجنوب، واعتبر المعهد المناطق الثلاث أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق قنابل موقوتة ومهدداً للسلام والأمن في السودان. وأكد الفريق نجيب أن عدم الاستقرار السياسي الذي مرت به البلاد طوال تاريخها، كان بسبب مشكلة الجنوب، وهي مازالت من التحديات الرئيسة، وأشار الى أن السودان يقع في قلب حسابات الأجندة الدولية التي تهدف في المقام الأول لتمزيقه لخمس دويلات، وقال: «نحن محل اهتمام كبير خارجياً بسبب الموارد، وبالتالي هذه الأجندة مهدد كبير للأمن القومي»، ولم ينس الإشارة إلى ما تعانيه البلاد من وضع اقتصادي عقب انفصال الجنوب، وقال «إن السودان وحتى عام 1998م «أي قبل ظهور البترول» كان يعتمد اعتماداً كبيراً على القطاع الزراعي في توفير الغذاء والعملات الأجنبية، حيث كانت الصادرات الزراعية تشكل 90% من إجمالي صادرات البلاد، ولكن بعد اكتشاف البترول بدأت الأهمية النسبية للصادرات غير البترولية «الزراعية أساساً» منذ عام 1998م في الانحسار لتصل إلى أقل من 5%». وخلص نجيب إلى أن سبيل السودان لمواجهة التحديات السابقة يعتمد على تدخلات سريعة التنفيذ وكبيرة الأثر، وانتهاج استراتيجية طويلة المدى لتنمية وتطوير القطاع الزراعي على منهج التنمية الريفية المتكاملة، على أن تبدأ ببرنامج إسعافي يشتمل على تدخلات ومكونات اقتصادية واجتماعية وبرامج للتنمية الزراعية وسياسات مساندة. ومن جانبه ركز اللواء «م» عبد الرحمن أرباب مرسال في ترتيب أولويات الأمن القومي من وجهة نظره، على أولوية المحافظة على قومية القوات المسلحة، واعتبر أسلوب الحكومة في استيعاب حاملي السلاح بالمهدد لقومية الجيش، بجانب الفساد المالي والإداري، مشيراً إلى أنهما دمرا الاقتصاد ودعا لمعالجة ما سماه التفكك الاجتماعي، بسبب الجهوية والقبلية. فيما دعا عبد الرحيم أحمد سالم من جامعة أم درمان الإسلامية للمحافظة على وحدة ما تبقى من السودان، وأكد أن الاهتمام بقضايا المواطنين من صحة وتعليم وغذاء هي الضمانة الأولى للأمن القومي، مشيراً إلى أهمية وضع استراتيجية محددة يعمل على أساسها القائمون على الأمر ويلتزمون بها. وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة إفريقيا العالمية د. الأمين عبد الرازق أن التعامل مع التهديدات من صميم مسؤوليات الأجهزة الأمنية بمكوناتها المختلفة، أما الأمن القومي فهو من مسؤوليات الدولة كلها، ورأى الأمين أن السلام أولوية قصوى الآن، وقال: «يجب أن توضع البندقية بأسرع ما يمكن»، ومن ثم تلبية احتياجات المواطن من مأكل وصحة وتعليم، بجانب حسم الجدل حول كيفية حكم السودان لإزالة الاحتقان السياسي. ولم ينس المشاركون في المنتدى إعطاء البعد الخارجي والاهتمام الدولي بقضايا السودان الأولوية، خاصة بعد أن صارت معظم الحلول تفرض عن طريق الخارج، ودعا الفريق نجيب إلى ضبط الخطاب السياسي والإعلامي في التعامل مع الخارج خاصة واشنطن. وأشار إلى أن أمريكا ليست دولة عدواً لنا بمثلما هي ليست صديقة».