قال الفريق محمد نجيب عبد المجيد مدير مركز العلاقات الدولية قضية أولويات الأمن القومي السوداني معقدة في عناصرها الرئيسية، وأكد خلال نقاش بمركز التنوير المعرفي على أنها تعتمد بشكل رئيسي على الاستقرار الاقتصادي السياسي الاجتماعي، مشيراً إلى أن قضية الأمن القومي في السابق ما كان يسمح مناقشتها في الهواء الطلق، بينما الأمر اختلف بسبب الانفجار المعلوماتي وانهيار مفاهيم الحدود وتشابك المصالح في العالم. وقال إن على رأس الهيمنة الدولية على السودان هو التركيز على السودان كثروة طبيعية وتخصيص مراكز لدراسات أوضاعه والسيناريوهات المحتملة التي يمكن أن تحدث عقب الانفصال، بينما كان العكس للمراكز المماثلة في السودان ومراكز القرار كان الهم منصباً فقط حول الجزء الذي تم اقتطاعه من السودان والبكاء عليه. وأكد الخبير الأمني أن السودان مازال ضمن أولويات الأجندة الدولية، والأهداف تتمثل في تمزيقه إلى خمس دويلات، مشيراً إلى أن مهددات الأمن القومي بدأت أسبابها منذ الاستقلال وعدم الاستقرار السياسي منذ تلك الفترة، الأمر الذي قلل من قدرة الأمة على حماية كيانها الذاتي من الأخطار الخارجية المحدقة بها من أجل ضمان بقائها.. واعتبر أن أبرز مهددات الأمن القومي هي الفقر والبطالة ونقص الخدمات الأساسية والأبعاد السلبية الأخرى للإعلام. وأشار الخبير الأمني في حديثه لأزمة جنوب السودان، متطرقاً إلى تاريخ الصراع الثقافي السياسي خلال الأنظمة التي حكمت السودان، بينما استطاعت الإنقاذ أن تقضي على الأزمة تماماً بتضمين بند تقرير المصير ثم تبعه الاستفتاء والانفصال. كما نوه الفريق محمد نجيب إلى النتائج العكسية للتصريحات الإعلامية، وطالب بضرورة تماسك الجبهة الداخلية في مواجهة الاستهداف الخارجي. عدد من المداخلات تخللت حلقة النقاش منها اللواء أرباب الذي أبدى انزعاجه من خطورة إحلال قيادات عسكرية موقعة على السلام محل القوات المسلحة كمؤسسة قومية، مشيراً إلى أن العناصر المدمجة لا ولاء لها إلا إلى الجهة التي أتت بها فقط، وطالب بضرورة وجود الرجل المناسب في المكان المناسب حفاظاً على الاقتصاد الوطني من الانهيار، وأكد على أن الترضيات القبلية أسبق على الكفاءات والقدرات مما اعتبره مهدداً آخر من مهددات الأمن القومي السوداني، مما يؤدي بدوره الى التفكك الاجتماعي وأكد أن كل من يحمل السلاح من خارج الوطن ويحارب به وطنه يعتبر ضمن المرتزقة دون استثناء لما أسماه بمرتزقة عام 1976. المرشح السابق لرئاسة الجمهورية محمود جحا بدوره حذر من التمادي في الأخطاء السابقة، ودعا إلى الالتفات إلى مخاطر استهداف السودان، وقال إن مدينة الجنينة تقع في منتصف المسافة بين البحر الأحمر والمحيط الأطلنطي، ودارفور غنية باحتياط بترولي ضخم وضعت عليه أمريكا عينيها ليكون مخزوناً استراتيجياً لها عبر خطوط أنابيب يمكن نقلها مباشرة إلى أمريكا عبر مواني الكاميرون أو موانيء دول غرب أفريقيا، كما اعتبر محمود جحا أن ثالث أكبر احتياطي لليورانيوم يوجد في دارفور، وقال لهذه الأسباب تظل دارفور المحطة المقبلة في مسلسل الاستهداف الدولي. عدد من المداخلات طالبت بضرورة التعامل مع الاستعداء الخارجي بصورة دبلوماسية بعيداً عن ردود الأفعال لأن المواجهة العسكرية مع الجنوب ليست في صالح الاستقرار السوداني في ظل وجود بؤر في كل من دارفور جنوب كردفان والنيل الأزرق. ودعا آخرون إلى استصحاب علاقات السودان بدول الجوار والاحتمالات المتوقعة طالما أنها معرضة لضغوط خارجية.. بينما يرى بعض الأكاديميين أن قضية الأمن القومي بالسودان تنطلق من ضرورة توفير التعليم والصحة والغذاء.كما طالب أحد المداخلين بضرورة توخي العدل في كل مناحي الحياة السياسية الاقتصادية الاجتماعية واعتبرها سبباً مباشراً في بسط الأمن والحفاظ على المكتسبات الوطنية.