تداعيات القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن الدولي في الأيام الماضية والذي دعا إلى التفكير في عودة الحكومة السودانية ودولة جنوب السودان إلى المفاوضات مرة أخرى مما أثار جدلاً واسعاً وسط الساحة السياسية.. في هذا الحوار أشار البروفسير بدر الدين أحمد إبراهيم أمين الإعلام والتعبئة بالوطني إلى أن قرار مجلس الأمن يقع في إطار المسؤولية الدولية بصدد وقف العدائيات بين الدولتين، وقال: أهم ما في القرار المدخل الأمني ومن ثم الانتقال إلى الملفات الأخرى.. وتنبثق منه النقطة الجوهرية وهي خرق الحركة لاتفاق وقف إطلاق النار وضرورة التعايش السلمي مع الجيران.. «الإنتباهة» حملت أوراقها ولديها كثير من الاستفهامات وضعتها في طاولة أمين الإعلام بالوطني والذي أجاب عنها بكل أريحية متحدثاً عن حيثيات القرار فماذا قال عنه؟ بداية قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2046» مازال يثير جدلاً واسعاً في الساحة، ماذا أنت قائل عنه؟ هو قرار لبداية المباحثات في المقام الأول، والأصل لدى المؤتمر الوطني هو قضية السلام لأنها قضية راسخة وأساسية من أجل الإقليم والوضع الداخلي والعالمي، ونحن كدولة مسلمين وكحزب يجب أن نعيش في سلام مع كل الجيران، وقد سعينا لذلك، والدليل سعينا إلى توقيع جملة اتفاقيات مع المجموعات التي وافقت على ذلك منها الشرق وأخيراً الجنوب، وقد كانت نتائج اتفاقية السلام الشامل التي أدت إلى انفصال الجنوب ومن ثم كانت هناك خيارات مستمرة من أجل الوصول إلى محددات وحسم القضايا العالقة التي التزمنا بها.. وأخيراً استقبالنا للوفد الزائر قبل أن تنكص حكومة الجنوب عن وعدها ومواثيقها واحتلال منطقة هجليج بصورة أساسية وتفجر الأوضاع عسكرياً بعد ذلك مما اضطر مجلس الأمن في إطار مسؤوليته الدولية أن يصدر مثل هذه القرارات، بالتالي نحن كدولة رحبنا بالقرار من أجل وقف العدائيات والتزمنا بذلك، وانتقلنا إلى المرحلة الثانية من القرار وهي أهم ما في القرار، المدخل الأمني، وكل المفاوضات حول الترتيبات الأمنية. لأنه ما لم يستتب الأمن وتحسم القضايا الأمنية فلن نستطيع الانتقال إلى الملفات الأخرى.. والخطوة الثانية في القرار وقف العدائيات وتنفيذها وهي قضية الأمن الذي ركز عليه القرار وهي النقطة الجوهرية والأولية.. المفترض أن نتعايش مع دولة الجنوب، وفي تقديرنا بعد موافقتنا على ذلك دولة الجنوب خرقت وقف إطلاق النار في أكثر من نقطة بصورة معينة، وفي اعتقادي هذا القرار يجب أن يعزِّز مطالبتنا في أن تكون لدولة الجنوب إرادة سياسية والتزامًا بقدر ما يعطى من اتفاقيات لأن ذلك هو القضية الأساسية بين الدولتين. وأيضاً وافقنا أن تكون اللجنة العليا رفيعة المستوى برئاسة ثامبو أمبيكي باعتبار أنها اللجنة التي تدرك كثيرًا من ملفات التفاوض بيننا وبين الجنوب وهي الأقدر على مواصلة جهدها. يرى البعض ضرورة تغيير الوفد المفاوض والوساطة أيضاً بدليل فشلهم في جميع الجولات السابقة؟ القضية ليست النظر إلى الأفراد، لا بد أن ينظر الناس إلى الوفد الذي يذهب أياً كان هو، في النهاية هو وفد مفوَّض من الجهات المسؤولة سواء كان في الحزب أو الدولة حسب الترتيبات، لذلك هو مرتَّبٌ له بصورة معينة، وليس كما يعتقد الجميع أن الوفد له مطلق الحرية في التفاوض كيفما يشاء، قطعاً لا.. أي وفد تفاوض له دور.. رجوعاً للوفد في اعتقادي أن الوفد تحمل بالإنابة عن السودان كثيراً من الجهد.. والذي يدرك مستوى الجنوب ونقضه للعهود يدرك كم هو حجم المعاناة في التفاوض مع أناس بذلك المستوى ويدرك حجم الضغوط التي حدثت للوفد نفسه، لذلك قبل المطالبة بتغيير الوفد يجب الالتفات إلى القضية. عفواً لكن أكثر ما أثار حفيظة الرأي العام من الوفد عندما ذهب للتفاوض من أجل النفط وأتى بالحريات الأربع؟ أعتقد أن الحريات الأربع التي أتى بها الوفد لم تكن اتفاقًا نهائيًا، كان مجرد موافقة مبدئية على طرحها.. لكن الناس خلطت الأوراق.. وإذا أمسكنا بالملف نفسه نجد التفاوض لا يعني قرارات بل هو مساحات متاحة للتحرك، فإذا قفلت نقطة معينة لا تلتزم بالنقطة الثانية، هذا لا يعني أنك في إطار يحكمك إطار دولي وإقليمي، إضافة إلى النظرة الكلية.. وإذا كان التفاوض عبارة عن قرارات مسلم بها يتم تنفيذها يبقى لا داعي للتفاوض أصلاً، وبالتالي هناك مساحة للتحرك، هذه المساحة ليست نهائية.. فالحديث الذي طُرح هو مجرد القبول بالمبدأ.. التوقيع بالأحرف الأولى على قضية الحريات الأربع، وبعد ذلك يأتي التفاوض عليه داخلياً إذا تمت الموافقة عليه بصفته النهائية. وقدر الله تعالى أن هذا الملف لم يكتمل بالأحداث التي حدثت. كيف قرأت الأحداث التي دارت في هجليج؟ هجليج كان بها مغالطة كبيرة واحتلالها لم يكن له أي مبرر.. ولم تكن من مناطق الخلاف أو النزاع، فهي شمالية مية المية، والغرض من احتلال هجليج في تقديري معروف، وهو أمر لا تحكمه أعراف دولية، الجنوب كدولة لديها مواثيق وحدود متفق عليها يجب أن تحكمها.. ونصاً قالت الحركة «نحن احتللنا هجليج»، العبارة نفسها تعني أن هجليج ليست لهم، وإذا كانت هجليج تتبع لهم لما قالوا ذلك بل لقالوا أعدنا هجليج، لذلك تمت إدانتهم من كل المجتمع الدولي.. وفي تقديري المعادلة شبه اختلت وأصبحت حكومة الجنوب تتباكى الآن بالرغم من أنها المعتدية. مداخلة: بعد استرداد هجليج والدرس الذي لقنته القوات المسلحة للحركة الشعبية، عادت مرة أخرى وضمت هجليج إلى خارطتها ما هو تعليقك؟ واحدة من إشكالات دولة الجنوب في تقديري هي أن تكون لها الإرادة السياسية وأن يكون لها التزام دولي بالمواثيق والأعراف وأن يكون لها تعهد بالالتزام بما تم الاتفاق عليه، ضم هجليج ضمن الخارطة هذا يعني أنك لا تريد اتفاقاً ولا سلاماً وغير معترف بالأممالمتحدة كما قالها سلفا كير بأنه لا يأخذ الأوامر من الأخير.. هذه المغالطات لا تجدي في إطار التحاور بين دولة ودولة.. يجب على الجنوب أن يلتزم كما تلتزم الأخرى إذا كانت القضية الآن الحدود فهي ملزمة بهذا الموقف. البعض يرى أن القرار فيه الفخ الذي يُستدرج من خلاله السودان؟ في اعتقادي نحن في إطار المنظومة الدولية يجب أن لا نستبق التوقعات، صحيح يجب أن نتحسب لكل خطوة ونتخذ فيها القرار المناسب.. والأممالمتحدة لا يمكن أن تصدر قراراً، ونقول يجب أن لا نمتثل لهذا القرار.. بحيث أي قرار به إيجابيات وأيضاً به تحفظات. نحن نعمل على الإيجابيات واستثمارها.. أهم ما فيه هو إدانة حكومة الجنوب من إيجابيات القرار.. اللجنة المحايدة لتقدير الأضرار في هجليج.. أيضاً البدء في التفاوض حول الملف الأمني، وهي واحدة من المطالبات الأساسية، والقضية أخيراً يبقى توفر الإرادة السياسية للدولتين حتى يتعايشوا في سلام.. وإذا التزمت حكومة الجنوب بأنها تريد أن تعيش لمصالحها ومصالح شعبها يمكن أن نتفق. الإيجابية الثانية إذا وصل الجميع إلى اتفاق بناء على قرار مجلس الأمن سوف تكون هذه القرارات ملزمة وبصورة نهائية ودولية، الأممالمتحدة مسؤولة عن تنفيذها بأبعادها المحددة. قبول الخارجية بالقرار والدفاع عنه مازال يثير علامات الاستفهام؟ الخطوة التي اتخذتها وزارة الخارجية لا تعني أنها تعمل بمعزل عن المؤسسات الأخرى، الخارجية هي الممثل للدولة في الإطار الخارجي وعليها تحمل المسؤولية الكلية، وهي بتقديراتها لكل الاتصالات والمشاورات نجد أن الخارجية اتخذت القرار، والدليل على ذلك أن المجلس الوطني والمكتب القيادي في الحزب أمن على الخطوات التي اتخذتها الخارجية، وزارة الخارجية لأنها تتحمل القضية الأساسية في التفاوض والترتيب باسم الدولة اتخاذها لقرار بعد المشورة الداخلية للجهات المعنية ونظرتهم وتحليلهم لهذا القرار فعلاً به كثير من الإيجابيات.. والأخ علي كرتي في مؤتمر إذاعي لقناة الجزيرة قال: نحن كوزارة خارجية لا يمكن أن نغرد خارج السرب، نحن أعضاء في المنظمات وجزء منها ونلتزم بما جاء فيها، ونطالب بحقوقنا.. وأعتقد أن قرار وزارة الخارجية قرار حكيم الغرض الأساسي منه الاعتراف بأشياء لا يمكن أن نجدها في غيره، هناك إيجابيات لم يرها الناس، تكوين لجنة لحصر الخسائر والأمن هو القضية الأساسية، أيضاً التفاوض في الإفريقي ولجنة ثابو أمبيكي، الموافقة على القرار حسمت كثيرًا من الخلافات، ورغم ضيق الزمن استطاعت أن ترتب الخطوات المعينة وآخر اجتماع للمكتب القيادي بالأمس أمن على الخطوات التي اتخذتها الخارجية وأمن على القرار بحيثياته. أخطر ما في القرار هو الاعتراف بقطاع الشمال وعقار وعرمان والحلو والتوصل معهم إلى حلول.. ما هو تعليقك؟ أعتقد أن هذه القضية متروكة للتفاوض، والقرار وضع مجموعة من النقاط من ضمنها وضع قضية قطاع الشمال، إذا كان التفاوض بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية يمكن أن يكون قطاع الشمال جزءًا من الشعبية لكن التفاوض المقصود به في إطار الأممالمتحدة بين دولتين، بالتالي عرمان وعقار والحلو هم بحكم القرار سودانيون لا علاقة لهم بجنوب السودان.. القضية الآن قضية دولة مع دولة. أما إذا أرادوا أن يديروا حواراً مع الداخل مثلهم مثل جميع الحركات عليهم أن يضعوا السلاح أولاً ثم الدخول في اتفاقيات ثنائية للتفاوض مثل ما حدث لدارفور والشرق وكثير من الاتفاقيات التي تمت، لكن أنت كسوداني ولديك ارتباط مع دولة أجنبية هذا لا يستقيم مع قانون الأممالمتحدة والقانون الدولي، ومن المحاور الأساسية القبول بالقرار والذهاب إلى التفاوض وهذا ما أمّن عليه المكتب القيادي في الاجتماع وهو جملة الأشياء التي ليس لهم اعتراض عليها لكن لهم اعتراض أساسي على قطاع الشمال.. والحوار ليس مع الحركة الشعبية بل مع دولة الجنوب. وهؤلاء في قطاع الشمال هُم شماليون. وموجودون في أرض شمالية رغم دعم دولة الجنوب لهم وعليهم أن يحددوا إذا أرادوا أن يكونوا جنوبيين عليهم أن ينسلخوا من الجنسية الشمالية، بالمقابل إذا أرادوا أن يكونوا شماليين وفي الأرض السودانية مهما كان الخلاف وهم متمردون أن يضعوا السلاح ولا يكون لهم ارتباط خارجي لأن الارتباط الخارجي يعني التمرد على الدولة وشن حرب معلنة. د. غازي صلاح الدين دعا إلى ضرورة أن تتجه الحكومة لوحدة الصف الوطني من خلال التحاور مع الأحزاب لكن المؤتمر الوطني، لم يعطِ الأمر اهتماماً؟ حقيقة الأمر المؤتمر الوطني لم يولِ الأمر اهتماماً بشدة، لا أريد أن أقول حسنة هجليج لكن إن كانت هجليج من الحسنات يمكن أن تكون هجليج وحدت الصف السوداني وجعلته في موقف أصيل فكل الشعب السوداني وقفوا بقوة وتوحدوا جميعاً وكل الأحزاب دعموا القوات المسلحة بدمائهم بجهدهم ومشاركتهم الفعلية بزاد المجاهد والوقفة المعنوية.. وكل الأحزاب أدانت الاحتلال حتى الأحزاب التي لم تدن كالشعبي والشيوعي بعض الأفراد فيهم تجاوزوا أحزابهم وبرأيي هذه قيمة أساسية.. ما يمكننا قوله أن هجليج وحّدت الشعب السوداني.