من نعم الله تعالى على عباده، أن جعل لهم في الإسلام عيدين: »عيد الفطر« و»عيد الأضحى« لكي ينعم فيهما المؤمنون بصفاء القلوب والنفوس في نزهة روحية علوية مفعمة بالمودة.. والهناء.. والسلام.. والأديب العلامة الراحل عبد الله الطيب نظم قصيدة عصماء بعنوان: »تهنئة بالعيد« أرسلها إلى صديقه الكاتب المسرحي الراحل الدكتور أحمد الطيب، قائلاً: إيه يا أحمد الحميد أأبصرت وجوه الأطفال يوم العيد والسرور البرئ يطمر بالأنفس في عالم طروب سعيد أنا لم أبصر الملائك حتى اتقرى منهم كمال الشهود رسل تحمل الجمال إلى قلب حريص على الجمال صعود حيثما تسبح المعاني وتُجنى من رياض المعاني أزكى الورود ثم ألفيت من تحب لدى الباب، تلقاك بالشهي البرود وكذا صرت كلما خفق الطيف على قلبي الشجي العميد صرت أهتز كلما لاح كالنسمة تهتز من مرور النشيد آية حية من السحر تشدو في فؤادي شجية التغريد آه يا أحمد الحميد هو الحب يثير المزيد بعد المزيد لا تلمني إذا شدوت، وخذها لحن ورقاء بين نار قيود تجتلي في حنادس البأس أشباح سهول نضيرة ونجود! وفي قصيدة الأديب الكبير الشاعر عبد الله الطيب »تهنئة بالعيد« التي بعث بها الى صديقه الحميم الدكتور أحمد الطيب، نلاحظ بعض الكلمات التي عبّر بها الشاعر عبد الله الطيب عن ابتهاجه وسعادته بالعيد، وهذه الكلمات أذكرها فيما يلي: - أبصرت وجوه الأطفال في يوم العيد - رسل تحمل الجمال - ورياض المعاني - وأزكى الورود - وصرت أهتز كلما لاح كالنسمة تهتز - وآية حية من السحر تشدو - وشجية التغريد - والحب والطيف في قلب الشاعر. والعيد السعيد في وجدان الشاعر الكبير علي الجارم كربيع الحياة تبسمت روضاته عن ضاحكات الورود، وهو يقول في قصيدة بعنوان: »عيد الشباب«: أسمعتَ شدو الطائر الغرِّيد فرحاً يناغي فجر يوم العيد؟ وبدا عمود الفجر أبيض ناصعاً كالسلسل الصحصاح فوق جليد أو كاقتبال الحسن بعد تحجب أو كابتسمام الدل بعد صدود! وبشاشة الدنيا إذا ما أقبلت ونجاة وعد من أكف وعيد! وربيع أيام الحياة تبسمت روضاته من ضاحكات ورود وسرى النسيم بها يغازل أعيناً من نرجس ويشم ورد خدود إن الشباب، وما أحيلى عهده كالواحة الخضراء في الصيهود تلقى بها ماء.. وظلاً.. حوله جدب الجفاف وقوة الجلمود إني طرحت من الشباب رداءه وثنيت عن لهو الصبابة جيدي أحنو إلى قلمي كأن صريره في مسمعي المكدود رنة عود! كم ليلة سامرت شعري لاهياً والنجم يلحظنا بعين حسود حيناً يراوغني، فانظر ضارعاً فيلين بعد تنكر.. وجحود! وفي قصيدة وصفية بديعة عنوانها: »صباح الورد« استطاع شاعرها الدكتور مصطفى عبد القادر طلاس أن يعبر عن عواطفه نحو المحبوبة وعن فرحته بالعيد السعيد بأسلوب شعري رقيق قائلاً: كل عيد لك يا فاتنتي يشهد الحب به لي مولدا انه.. اليوم الذي كنت به لتكوني.. لفؤادي موردا ولكي ينشدني قلبك في نغم يعشق فيك المنشدا ولكي ترسمني عيناك في لوحة شاء الهوى أن تخلدا يا طيور الروض قولي للندى عمرنا ما زال لحناً.. غردا أي يوم.. مرّ لم نسعد به ليكون العيد.. يوماً.. أسعدا أنت يا حلم الهوى يا وردة يزحف الفجر اليها والندى أي عطر فيك أشهى نفحة أي لون فيك أبهى مشهدا! ومباهج العيد السعيد عابقة بأريج الزهر، ونفحات الربيع في رياض الجمال التي يبوح لنا بمكامن ازدهارها ومنابعها، الشاعر محمود عارف في قصيدة »العيد« التي قال فيها: الكون يفرح والقلوب تهش للعيد السعيد والزهر في مرح الربيع يرف عطراً.. للوجود والفاتنات من العذارى في المعاطف والبرود فرحين في دنيا السعادة كالصبي أو الوليد هنّ الفراشات اللواتي طفن من حول الورود للعيد منطلقاً تدفق بالمحبة.. والهناء للوحي منسرحاً لأحلام المشاعر في السماء للأرض.. منتجعاً لأرواح ترف مع الضياء للنور.. يضحك للسماء على الطهارة والنقاء عيد يضيء على بلادي كالصباح المستنير يزهو به ولدي، وينعم كل ذي أمل كبير بحضارة وتقدم في نهضة تهب الكثير فإلى العلا.. وإلى الأمام.. وكل عام في سرور وفي العيد يلتئم الشمل في الأسرة بعودة الأبناء وذوي القربى بعد طول فرقة واغتراب، فتكتمل الفرحة وتزداد بهجة، وألقاً وسعادة في العيد بلقاء الأهل والأحباب، وهذه اللقاءات الطيبة السعيدة في العيد، قال عنها الشاعر الدكتور السر النقر أحمد البشير في قصيدته »العيد«: يا عيد إن طلع الصباح وعانقت شمس النهار عوالم الأفراح وتعانق الأحباب فيك وقد سرت خمر الهناء تدب في الأرواح وتساءلت أمي وأختي عن فتىً رام الحياة مشوبة بكفاح أو.. لم يؤب نحو الديار ولم يعد يرتاد معقل أنسه الممراح؟ أو.. هل ما زال على النجوم مسافراً يمضي.. على.. الأضواء كالملاح؟ بالله لا تمشي وأنزل كالمنى يا عيد.. كالصبح المنير الضاحي! وفي قصيدة بعنوان »العيد... في العاصمة« فيض زاخر من الأشواق والحنين لزيارة العاصمة »الخرطوم«، بأحيائها ومعالمها الزاهية الجميلة في العيد، وهي قصيدة تدل على حب الشاعر سري محمد عثمان للوطن العزيز وهو يقول في هذه القصيدة: فارقت دار أحبتي.. ورفاقي يا لهف نفسي بالنوى بفراق يا »عبده« لي شوق إليكم جامح وأنا ضعيف القلب.. بالأشواق كم عشت أيامي سعيداً بينكم بشوارع »العزوزاب« في الأسواق لا أنسي »توتي« يوم كنت رفيقكم هي جنة.. في.. الأزرق الدفاق لا أنسى مزرعة وقفت بسوحها أرنو وأكتب في الجميل الراقي حيث النسيم الطلق في أرجائها يستقبل الزوار حيث تلاقي جئنا معاً ساحاتها وورودها فوّاحة.. في الجدول الرقراق في كل ذلك ما سئمت دقيقة والله.. ما عانيت.. من إرهاق! وفي العهود التي عانت الشعوب الأمرين من طغيان الحكم الاستعماري البغيض فإن الشعراء برهافة مشاعرهم أدركوا مدى معاناة الشعوب من ظروف القهر والاضطهاد مما أثر سلباً على حواس الشعراء عند تذوق جماليات الحياة!. ولذا نلاحظ غلالة من الحزن والكآبة تطغى على أبيات قصيدة »العيد« التي نظمها الشاعر الكبير الراحل عبد النبي عبد القادر مرسال في عهد الحكم الاستعماري البغيض حيث يقول: قيل إن العيد قد جا وراح فلماذا - قلت - لم أدر به! ولماذا جد بالقلب النواح يا لهذا القلب من أوصابه لسنى العيد وفي العيد الزمر نرشف البهجة من أكوابه حين تهفو مثل أرواح الصباح للقاء.. وحديث.. وسمر! أنت يا مسكين لا تدري الخبر أين وكر »النسر« من أودى به؟ هو مثلي أنا مقصوص الجناح و»بغاث« الطير في هام الشجر! وعندما بارحت الهموم والأشجان وجدان الشاعر الكبير عبد النبي عبد القادر مرسال بعد أن نالت البلاد استقلالها وحريتها في أول يناير 1956م استقبل الشاعر العيد بالابتهاج.. والأمل.. والمسرة.. ويقول عن أيام العيد: عودي لنا بالمنى عودي لنا عودي بالسعد واليسر والإقبال والجود العيد أقبل يا سمراء فانهضي واستقبلي بسمة الأيام في العيد فالحسن في موكب الأزهار قد صدحت أعواده بالأغاني.. والأناشيد عيد به روضة الآمال قد بسمت أزهارها بسمة الولهان للغيد عيد التباشير عيد اليمن في بلد ما نال في الناس إلا.. كل تمجيد قومي انظري الحي يا سمراء وابتسمي وامشي بنا مشية الرئبال في البيد والشيخ في ثوبه الفضفاض أبصره يمشي بوجدانه في ثوب مولود والطفل في خفة العصفور تنقله عيناه في الروض من عود إلى عود كل بوجدانه للناس يدفعه حب لهم قد تجلى دون توكيد سرنا على مصعد الآمال مركباً يمشي بنا فوق مقصود لمقصود سمراء يا بنت أهل الفضل قد زخرت دنياك بالسعد والإقبال والجود فلتحمدي الله قد أعطاك ما ملكت يمناك، ولتسعدي - سمراء - بالعيد! وبإحساس العطف والشفقة والتجاوب الإنساني الحميم مع الفقراء والبؤساء في المجتمع، نظم الشاعر عبد العزيز عتيق الأبيات التالية عن عيد البائس: اهنأوا بالعيد والهوا.. واطربوا يا بني العيد، وصيحوا واصخبوا فإذا نحن به.. لم نبتسم وقعدنا عنكمو.. لا تغضبوا شقوة العمر.. فأين المهرب؟ مصطفى عوض الله بشارة