على مدى عامين وبعيداً عن أضواء الإعلام الكاشفة، كانت الترتيبات لإعلان موقف جديد من منصة الاتحادي الديمقراطي بأحزابه المختلفة والمتصارعة في آن واحد، تسير على نحو جيد، ولكنها ليست بحجم التصريحات التي تصدرها قيادات اتحادية تهفو بقلوبها إلى تحقيق الوحدة التي تواجهها الكثير من المطبات السياسية طالما لم يتفق بعضها على أدنى ما يمكن الاتفاق عليه، وهو الاسم العريض للعمل الذي يتم من خلاله تجميع شتات الحزب الذي يبدو في نظر الكثيرين مرتعاً للصراع السياسي المحتدم منذ تأسيسه، لجهة غياب المؤسسية الحقيقية في إدارة أكثر شؤونه حساسيةً، فكان الخلاف حول اعتماد أحد المصطلحين «الوحدة» و «لم الشمل» مؤشراً جيداً لتوضيح الخلاف حول الوحدة التي ينظر اليها رئيس الاتحادي الأصل الميرغني، من زاوية لم شمل الاتحاديين، بمعنى أن تلك الفصائل خرجت من تحت عباءة حزبه وعليها العودة إليه إن هي أرادت، ولكن الميثاق الذي تم إقراره ووقعت عليه قيادات من الفصائل الاتحادية الستة يبدو في نظر الهيئة التنسيقية العليا للوحدة الاتحادية التي تكونت حديثاً لتخوض مرحلة جديدة ومشواراً يبدو طويلاً في نظر الكثرين من إعضائها، بغرض إعادة قراءة ملف الوحدة من زاوية مؤتمر «الحزب» الذي اكتملت كل الترتيبات لقيامه، وتبدو الجولات الماكوكية التي يقوم بها أعضاء الهيئة في عدد من الولايات تسير في اتجاه تنوير القواعد، وفضلت الهيئة التي تضم إلى جانب صديق الهندي، أبو الحسن فرح، عبد الرحيم عبد الله، ميرغني بن عوف، معتصم العطا وآخرين، فضلاً عن قيادات اتحادية شبابية وطلابية بارزة، فضلت عدم تسمية قائد أو أمين عام لإدارة الملف في هذه المرحلة التي تسعى خلالها إلى تحقيق بما يشبه الإجماع حول الخطوة، وقال رئيس الهيئة القيادية المؤقتة للحزب الاتحادي صديق خلال لقاءين حاشدين بمدينتي كوستي والدويم أمس الأول جمعاه بعدد من الاتحاديين بولايتي النيل الأبيض والجزيرة، إن الخطوة تهدف إلى تجميع الاتحاديين تحت مظلة الحركة الاتحادية خارج نطاق المؤسسات القائمة حالياً وتحت أي مسمى، وأضاف قائلاً: «لا بد من وضع قانوني لتفعيل وجودها بعد موافقة القواعد»، وفي الوقت الذي قال فيه إن بعض الأحزاب الاتحادية أصبح الانتماء إليها «سُبة»، استنكر صديق تمسك البعض بأحزابهم أكثر من تمسكهم بوحدة الاتحاديين، فيما أشار إلى محاولات عديدة لم تكلل بالنجاح لتحقيق الوحدة قبل أربع أو خمس سنوات، موضحاً أن الأمر فرضته مطالبات واسعة صحبها لوم من جهات عدة. وأضاف في لقائه بمنزل القيادي الاتحادي الراحل أحمد سعيد قائلاً: «رأينا أن تكون الوحدة من داخل الفصائل الاتحادية»، وألمح إلى أن الانتخابات القادمة تتطلب تنظيم الصفوف، ويبدو أن الهندي أراد أن يقطع الطريق أمام دخول قيادات بالأحزاب التي وصفها بالموسمية حينما شنَّ هجموماًَ شديداً عليهم وقال إنهم «جعلوا الحزب سُبة» بمشاركتهم في الحكم مع المؤتمر الوطني، ودعا إلى ضرورة التبرؤ منها لمواصلة وحدة الحركة الاتحادية، ورأى أن الهم الأول يجب أن يكون الوحدة تحت أي مسمى، في حين أن الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للوحدة د. عبد الرحيم عبد الله قال إن الهيمنة التي فرضتها القيادات التاريخية على الفصائل الحالية دفعت إلى هذا الاتجاه للاختلاف حول الخط السياسي. وقدم شرحاً طويلاً لخريطة الطريق للحزب الذي أوضح أنه سيعمل تحت مظلة الوحدة الاتحادية. ومن خلال الأجواء التي تعيشها تلك القيادات الاتحادية الساعية لتوحيد صفوفها بقوة، فإن حالة التفاؤل التي تعيشها هذه الأيام لتحقيق نجاح في هذه القضية تكمن في التحليلات الدائرة حول تمايز الصف الاتحادي عقب المشاركة في الحكومة.