ربما جاء مصطلح «الحساسية تجاه الصراعات» ضمن قاموس تدريب الصحفيين على تناول قضايا الصراعات في مناطق النزاعات ربما جاء متأخراً جداً، لكن مع أهمية لفت النظر إليه فإن العزاء في هذا التأخير هو أنه قد جاء، وهو خير من ألا يأتي، ومن أن تظل الصراعات بين المجموعات والقبائل في مختلف المناطق تنعكس أخبارها والتقارير حولها وكذلك التعليقات عليها بلا هدى أو كتاب مهني منير في التناول، بسبب عدم توخي الحساسية المطلوبة حيال هذه الصراعات.. والحساسية تجاه الصراعات تجعل الصحافة تتجنب أن تكون بطريقة غير مباشرة واحدة من العوامل التي تزيد من تعميق التفلتات الأمنية، فتكون بذلك قد قامت دون أن تشعر بدور ليس هو الدور المنوط بها تجاه الإسهام في معالجة المشكلات الأمنية، و«الحساسية تجاه الصراعات» في التناول الصحفي بالطبع لا تعني التعتيم على الحقائق فوق الأرض من ناحية نشرها في قوالب الأخبار والتقارير، وإنما تعني أن يكون تناولها في سياق التعليق وإبداء الرأي ووجهات النظر بأسلوب لا يستبطن قيمة تحريضية أو فتنوية كما هو الحال في تصريحات بعض المسؤولين الغربيين والإسرائيليين في الإعلام حول النزاعات في مناطق مثل السودان في إفريقيا ومثل العراق في آسيا.. لكن ما مناسبة هذه المقدمة؟! لأن هذا الأمر «تدريب الصحفيين على تناول القضايا بحساسية تجاه الصراعات» جدير بالاهتمام المهني، استشعر الاتحاد العام للصحفيين السودانيين مسؤوليته تجاه أعضائه كنقابة تضع تأهيل العضو في قائمة أولوياتها، إذ لا معنى لكل شيء آخر مستحق للعضو في غياب التأهيل، والعضو إما أن يكون مدرّباًَ أو متدرباً.. واتحاد الصحفيين ليس معزولاً عن نقابات الصحفيين الإقليمية التي تلتقي في جسم نقابة الصحفيين الأفارقة أو العرب ولا عن نقابات الصحفيين على مستوى العالم التي تلتقي في الاتحاد العالمي أو الدولي للصحفيين، فقد قام الاتحاد الدولي للصحفيين بالاشتراك والتعاون والتضامن مع اتحاد الصحفيين السودانيين بإقامة دورة تدريبية صحفية لتدريب المدرِّبين على تناول قضايا حقوق الإنسان والحساسية تجاه الصراعات، وتبقى هذه الدورة هي الأولى من نوعها في إفريقيا، وهي بذلك شرف يناله اتحاد الصحفيين السودانيين ويناله السودان باعتبار أن الاتحاد منسوب إليه.. والسودان لعله في حاجة شديدة لتدريب صحفييه على مثل هذا الأمر.. بحسبان أن في بعض أراضيه تنشب صراعات لأسباب تحديات الطبيعة ليستغلها بعد ذلك أصحاب الأجندة المنصهرة مع دوافع القوى الأجنبية لتآمرها على البلاد.. ونتمنى أن ينتقل نموذج هذه الورشة لكل الدول الإفريقية الأخرى.. وما يجدر ذكره هنا هو أن المدرِّب الأوّل في دورة تدريب المدربين هذي باتحاد الصحفيين السودانيين هو عضو هذا الاتحاد، وعضو الاتحاد الدولي للصحفيين أيضاً الأستاذ مكي المغربي الذي حظي بشهادة تاريخية محفوظة في «الأرشيف» ودار الوثائق من الكاتب الصحفي الكبير الراحل محمد طه محمد أحمد حينما كان قد دعم ترشيحه في انتخابات سابقة لاتحاد الصحفيين وكان قد وصفه بالرجل الأمين الجدير بالائتمان. ومدرّب المدرّبين الأستاذ مكي المغربي يجيد إلى جانب التدريب الترجمة أيضاً «لغة إنجليزية» إذن أهم ما يقدمه اتحاد الصحفيين السودانيين للعضو هو التدريب والتأهيل ليكون صحفياً متميزاً على المستويين الإقليمي والدولي، ويقدم عملاً صحفياً ثماره توعية المجتمع ورفع مستواه الأدبي والثقافي، فيتأهل بعد ذلك وبوعي وحذر من المخططات الأجنبية التآمرية لبناء وطن ذو اقتصاد منتعش وأمن مستتب دائماً وتنمية مستدامة، فكل هذا يمكن أن يكون ثماراً للعملية الصحفية الجيدة جداً والمعافاة من كل ما هو سالب وضد مصلحة الوطن العليا والمواطن.