مشاورات مكثفة تجرى على طاولة حزب الأمة القومي هذا الأيام لحسم الجدل حول الهيكلة الجديدة للأمانة بعد أن رفضها المكتب السياسي للحزب في اجتماعه الأخير، وفي ظل التحفُّظ الذي يبديه عدد من القيادات البارزة بالحزب للإفصاح عن آخر التطورات اللاحقة والخطوات التي يمكن أن يقوم بها الأمين العام للحزب د. إبر اهيم الأمين تجاه الرفض الواضح الذي يواجه القائمة التي قدمها للمكتب السياسي، وشهدت جدلاً محتدماً داخل أروقة اجتماع المكتب الذي حضره رئيس الحزب الصادق المهدي، يبدو أن التوقعات بالإعلان عن قائمة توافقية بات واقعاً نظرًا لجملة من الأسباب التي دافعت بها مجموعات مناوئة للأمين العام عن رفضها للقائمة الحالية باعتبارها تمثل استجابة للضغوط التي يواجهها «الأمين» من المجموعة التي ساندته لتولي منصب الأمين العام، إلا أن كثيرين يرون خلافاً لما تطرحه تلك المجموعة التي يرونها صدى لصوت الأمانة السابقة، حيث يرى المرشح لمنصب مساعد الأمين العام لمنظمات المجتمع المدني، مصطفى آدم، في حديثه ل«الإنتباهة» إن الأمين العام يسعى للإتيان بقائمة متجانسة تتوافق مع الجهاز التنفيذي الذي تمثله الأمانة العامة للحزب التي لا تحتمل المجاملة على حد تعبيره موضحاً أن حزبه أصبح جسماً واحدًا بعد قبولهم دخول مؤسسات الحزب والعمل فيها عقب اجتماع الهيئة المركزية منذ أبريل الماضي، واعتبر أن الحزب انصهرت داخله أغلب المجموعات المختلفة، موضحاً أن القائمة المقدمة تضم إلى جانب شخصه من وصفهم بالمضحين عن الحزب في مواجهة النظام القائم والأنظمة التي سبقته، وأشار إلى الدور الذي لعبه إسماعيل آدم علي المرشح لتولي منصب نائب الأمين العام في القائمة التي تم رفضها مؤخرًا، موضحاً أن الرجل ساهم بدور ملحوظ في قيام الانتفاضة الشعبية ضد الحكم العسكري في أبريل 1985م، ودور كل من عضو المكتب السياسي، فتحي مادبو الذي قال إنه عرف وسط قواعد الحزب بارتياده المعتقلات أكثر من مرة إبان دراسته في جامعة الخرطوم، في إشارة إلى معارضته القوية لسياسات الحكومة، إلى جانب القياديين تاج الدين بشير وآدم سليمان جرجير وغيرهم، ولم يخف آدم نشاطه المكثف بالحزب خارج السودان «أمريكا» وداخله لا سيما وسط منظمات المجتمع المدني، إلى جانب دراسته الاقتصاد وحصوله على درجة الماجستير في إحدى الجامعات الهندية، وبعد حديث الأمين العام للحزب في آخر مؤتمر صحفي له الأسبوع الماضي حول سعيه قطع الطريق أمام من اعتبرهم بالساعين إلى توجيه الحزب إلى دائرة الخلافات التي لم يخرج منها بعد برأي الكثيرين، حاول آدم التأكيد على حديث الأمين بسعيهم الحثيث من أجل تماسك الحزب خلال الفترة الماضية، مؤكدًا على وجود مثل هذه المجموعات التي وصفها بالساعية إلى تعطيل أي عمل يقوم به الحزب خلال المرحلة الحالية، وبدا متفائلاً بالمشاورات المكثفة التي يجريها الحزب للوصول إلى القائمة المبتغاة، وتوقع الإعلان عنها الأسبوع القادم، إلا أن السؤال الذي يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة ويظل دائرًا بشدة حول إمكانية تقديم الأمين العام للحزب استقالته عن منصبه الذي لم يمضِ على توليه سوى «4» أشهر نظرًا للحصار المضروب على خطواته بعد هزيمته للمعسكر المحسوب على جهات نافذة بالحزب خلال معركة الهيئة المركزية، ولكن التوقعات باستقالة إبراهيم الأمين بحسب مصطفى آدم تبدو ضئيلة بعض الشيء نظرًا لدورته التكميلية القصيرة قبل انعقاد المؤتمر العام المقبل المحدد له العام القادم، وما يتطلب ذلك من دعوة الهيئة المركزية لاجتماع طارئ للنظر في أمر الاستقالة. وإزاء الجدل المحتدم بين عدد من القيادات بالحزب حول القائمة الجديدة للأمانة العامة تبدو الحلول التوافقية لحسم الكثير من موافق الأمين العام في عدد من القضايا الشائكة بأماناته نهجاً جديدًا يلج إلى الحزب من باب الأمانة العامة لفض الكثير من المنازعات حول المناصب والأدوار المرتقبة للحزب خلال المرحلة التي تسبق المؤتمر العام القادم.