الانتقادات التي يواجهها الأمين العام لحزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل من قِبل التيارات المختلفة داخل الحزب تجعل الكثير من التساؤلات تفرض نفسها حول مدى تغلغل هذه الخلافات داخل هيكل الحزب وتأثيرها عليه.. «الإنتباهة» لمعرفة آخر التطورات جلست إليه وتناولت معه آخر مراحل الحوار مع المؤتمر الوطني وتطرقت إلى الخلافات داخل الحزب والرؤية لحلها وما يشوب الخطاب الإعلامي للحزب من تضارب حول القضايا الراهنة؛ كما ولجنا إلى أحداث جنوب كردفان وأطروحات حلها إضافة للعديد من القضايا التي تدور في الساحة السياسية.. فإلى مضابط الحوار: حوار: رباب علي تصوير: متوكل البجاوي خلافاتكم مع التيار العام إلى أين وصلت؟ الإخوة في تيار «الاحتجاج» يطالبون بقيام مؤتمر استثنائي منذ مارس من العام 2009م ونحن نقول لهم إن هذا الطلب لم يرد في دستورنا وإذا اُضطر رئيس الحزب للدعوة له فستكون هنالك مبررات غير التي تسوقونها خاصة فيما يتعلق بقيام الانتخابات وانتخاب الامين العام والمكتب السياسي وتشكيل الهيئة المركزية، وهذه مسائل قُتلت بحثاً ووُضحت لهم واصبحت امراً جلياً وان مخرجات المؤتمر السابع صحيحة ودستورية وستستمر وفقاً لما ورد في الدستور، والإخوة المحتجون مطلبهم الاساسي حل الاجهزة وهو امرٌ حسمه الدستور بأن لا تُحل الاجهزة نهائيًا الا اذا تعسرت وصعُب عليها القيام بمهامها بسبب خارج عن ارادتها، هنا على رئيس الحزب تشكيل آليات لادارة الامر، ولكن عند زوال المؤثر تعود الاجهزة الى ممارسة نشاطها، لذلك نحن نقول لهؤلاء الإخوة انه قد تطاول عليهم الأمد والحزب الآن يسير بإيقاع قوي وبخطوات ثابتة ويحقق الإنجازات واعتقد اننا قد تفوقنا على الوطني مع فارق الامكانات والآليات الموجودة لديه بالدعم الجماهيري، ولذلك انا اتطلع الى من اخذ موقفاً من هذه الأجهزة سواء كان الآن او الامس ادعوهم للحاق بالركب واؤكد لهم ان المواعين تستوعب الجميع وان الحزب بحاجة الى مساندتهم ودفعهم وان هنالك عملاً وطنيًا يجب الّا يفوتهم شرف المشاركة فيه. الصراع مع المؤتمر الشعبي هل يعني قطع الصلة بتحالف المعارضة؟ ليس هناك صراع بيننا وبين الشعبي او غيره من الاحزاب، فنحن نحاور وتركنا الصراع لمن يريده، فالشعبي حزب موجود في الساحة السياسية ولعب دوراً ومن المتوقع ان يكون له دور في المستقبل اذا رجع الى الديمقراطية والوسائل السلمية لتداول السلطة، واعتقد ان من الاخطاء التي لن تغفرها الاجيال القادمة له تضييعه لفرصة تاريخية عبر الجبهة الإسلامية للوصول الى السلطة عبر الانتخابات التي كان متوقعًا ان تقوم في العام 1990م ولو انهم صبروا لنالوا قراءة الشعب السوداني لمنصب السلطة، واذا لم يفوزوا بتلك الانتخابات لتقدموا خطوة الى الامام بدلاً من الحزب الثالث لأصبحوا الثاني وهكذا، ولكنهم استبطأوا خطى الديمقراطية وانقضُّوا عليها وادخلوا انفسهم في هذا المطب، وحينما اختلفوا فيما بينهم وخرجوا عن مواعين الجبهة الاسلامية رحبنا بهم ولم نعترض «رغم قدرتنا على ذلك» على وجوده باي مؤسسة من المؤسسات بسبب تآمره على حزب الأمة القومي وتقويضه للديمقراطية واعتدائه على مكتسبات الشعب السوداني واستهدافه لحزب الامة وقياداته خلال السنوات العشر الاولى وما لحق بالشعب السوداني كله خلال هذه السنوات واتخاذهم صدق معرفتهم بهذه القوى السياسية وغدروا بها، وبالرغم من ذلك اقول ان حزب الامة القومي كان من الممكن ان يحول بين المؤتمر الشعبي ووجوده داخل هذه المواعين وقد ظنوا انهم القادرون على إحداث هذا التغيير والاولى به وانهم لديهم وصاية على اللعب بالشعب السوداني كما كانوا يعتقدون في العام 1989م، وارادوا قيادة المعارضة في اتجاه الانتصار لذاتهم والانتقام لقناعاتهم وتصفية حساباتهم الشخصية مع الوطني على حساب الشعب السوداني والقوى السياسية الأخرى، ونحن نبذنا هذه المعاني والتزمنا بجانب العمل الوطني والسلمي لقراءاتنا للمخاطر التي تحدق بهذا الوطن والتي تسبب فيها الشعبي ومساهمته في صناعتها، نحن ندعوه لتناسي مرارة الماضي وان يعلموا ان محاسبة الوطني على اساس الماضي لن يتم تجاوزها ابداً وسيطولهم العقاب والمسئولية قبله لأن الترابي وكل القيادات التي معه وقادة الانقلاب هي التي تآمرت على الديمقراطية التي افسحت له بعد ذلك موقعاً وجعلته وزيراً للعدل ونائباً عاماً لصناعة القانون في السودان ولكن لم يُقص على الرغم من ان الجماهير قد قالت قولتها فيه، ايضاً الدكتور علي الحاج كُلف بوزارة التجارة والتي خلّفت الشرخ بين حزب الامة وحليفه التاريخي الاتحادي الديمقراطي، كل هذه المعاني تجاوزها هؤلاء الاخوة وذهبوا في اتجاه الاساءة والتآمر، ولذلك نحن الآن نقول لهم دعوا الماضي وانبذوا الانتقام وانتقلوا لمربع الوفاق والتراضي من اجل السودان، ويجب ان ينسى الدكتور الترابي خروج ابنائه وتلاميذه عليه كالبشير وعلي عثمان محمد طه وقيادات المؤتمر الوطني وان يكون كبيراً على كل هذه المعاني ويصطف مع كل القوى السياسية وسيجد احترامه وتقديره. ماهي قراءتك لأحداث جنوب كردفان نتائجها ومآلاتها؟ اعتقد ان كل القوى السياسية بكل اسف تعاملت مع قضية ج كردفان وما حدث فيها باستحياء خوفاً من اتهامها هنا او هنالك، ولكن مشكلة ج كردفان تسبب فيها الشريكان باقرارهما لمبدأ اجراء الانتخابات في ظل احتقان المنطقة سياسياً الذي لم يعالج، واصرارهما على تحديد قيد زمني للمشورة الشعبية ولم تتوفر مقوماتها ايضاً اصرارهما على تصعيد ازمة ابيي دون ان تُحسم جماهيرياً، وأعتقد ان الحركة الشعبية تتحمل المسؤولية الكاملة الآن عما حدث بجنوب كردفان وانها اخطأت حينما رفضت الاستماع لاطروحات القوى السياسية التي دعت لتأجيل الانتخابات بينما رحب بها الوطني، ايضاً حينما دعت القوى السياسية لتوقيع ميثاق شرف يؤسس على قبول نتيجة الانتخابات والتراضي عليها والعمل على اقامة حكم قومي يدير الولاية لتحقيق الاستقرار والسلام، ورفض الشعبية لها كان خطأ منها ولذلك وبصورة شخصية احمّلها نتيجة ماحدث بجنوب كردفان ولكن بنفس القدر اعتقد ان الوطني زاد الازمة اشتعالاً بالتصعيد والبيانات العسكرية والخطابات السياسية الهوجاء، والآن هنالك فرصة ذهبية لابناء ج كردفان جميعاً لمعالجة الازمة ووقف الحرب والجلوس لوضع خارطة طريق لادارة الولاية ادارة قومية تشارك فيها كل الكيانات التي ساهمت وشاركت في الانتخابات الماضية وان يقدم المؤتمر الوطني التنازلات والتي اعتقد انه قادر على ذلك في اطار وفاقي واشراك الحركة الشعبية قطاع الشمال في ادارة الولاية واعطائها وضعًا مميزًا خاصة وانها حصلت على مالا يقل عن 6 آلاف صوت بينها وبين الوطني، لذلك نسبة الشراكة اقرب، واعتقد ان هناك مساحة، والآن هناك حراك جماهيري ينبع من ارادة الشعب بالولاية اتوا للخرطوم وقابلوا كل المستويات السياسية وطرحوا اطروحة نتفق معهم تماماً فيها وندعو لدعمها وتعزيزها هل ترى ان اتفاق أديس أبابا كرّس لسلطان الجنوب في الشمال بعد الانفصال؟ انا لا ارى ذلك، بل اعتقد ان اتفاق اديس ابابا حُمّل اكثر مما يجب، والبعض قد استغله بصورة وبوسائل مشروعة وغير مشروعة، واعتقد ان الاتفاق كان مبنيًا على عقلانية عالية جداً واحاطة تامة بالمخاطر التي تهدد الوطن وضمد الكثير من الجراح وأخرس بعض الأصوات والاعتمالات داخل الحركة الشعبية قطاع الشمال مثل الأخ عقار وبعض الذين يضربون طبول الفتنة داخل الحركة الشعبية، واستطاع ان يمتص هذه الأزمة بعلاقة بها نوع من المقبولية العالية، ولذلك هناك خطأ كبير في تحميله وتوصيفه، ونحن قد قبلنا نيفاشا التي فصلت الجنوب فلماذا لا نقبل اتفاقية فقط اعترفت بوجود الحركة الشعبية كمكوِّن سياسي؟! وارى ان هذه الوثيقة بحاجة الى مراجعة وتعامل بهدوء وعقلانية، وحزنت عندما اعلن دكتور نافع تراجعه عن هذه الوثيقة التي وقعها ومعه الحق في توقيعها من منظور وطني ودرء الفتنة، وربما هناك ثغور ولكن من الممكن ان تعالج بطريقة غير نقض المواثيق و«لحس» مداد الاتفاقيات قبل ان يجف، واتطلع الى ان يعيد المؤتمر الوطني النظر في هذا الامر لانه يؤكد نقضنا للعهود والمواثيق التي كانت من قبل. هناك مخاوف من وجود القوات الاثيوبية ونشوب صدام بينها وبين المسيرية..هل من المتوقع حدوث ذلك؟ حسب ماعلمت من الخبير في الشان الاثيوبي اللواء عثمان السيد السفير السابق في اثيوبيا والذي بما يدلي به من معلومات بقامته لا يمكن تجاوزها فقد اكد ان القوات الاثيوبية تركيبتها قائمة على «اضرب لتقتل» وليس لترعب، واهلنا في ابيي بطبيعتهم يحترمون السلطة، ولكن حقيقة ان القوة الافريقية على وجه الخصوص اعطت انطباعًا لكل اهل السودان بأنها تُحقر وتُستحقر سواء التي كانت في دارفور او ج كردفان او اي مكان، وكثيرًا مايصفها الإعلام بأنها غير قادرة على حماية نفسها وهي عقيدة موجودة لدى اهلنا في هذه المناطق، ولذلك اذا اردنا خيراً بالمنطقة ان نؤسس لطريقة تعامل بين الطرفين وازالة الاعتقاد السائد بين الناس ان القوى الافريقية مهزومة ومكسورة، وبنفس القدر يجب ان ندفع بثقافة الإخوة الاثيوبيين واعتقادهم بأن مواطني المنطقة ينزعون الى بعض الملامسات والاحتكاكات والتي في اطار معاني الفروسية والشجاعة يمكن ان تكون صمام امان، ولكن اذا لم يحدث ذلك ولم تستجب اي مجموعة سكانية في ابيي لمطالب تحقيق الامن والاستقرار المنشود المكلفة به القوات الاثيوبية المسنودة بالفصل السابع من الأممالمتحدة فذلك دون شك يدعم المخاطر، ومثلما ان هناك مخاطر هناك مساحة لتجنب حدوث اي مشكلات.