محمد نصر الدين أحمد محمد من أبناء كوستي بولاية النيل الأبيض يعمل الآن في المملكة العربية السعودية في مدينة الملك عبد العزيز الطبية بالرياض نائب اختصاصي جراحة تخرَّج في جامعة جوبا في العام «2005» التقته نافذة مهاجر عبر زاويتها «حصاد الغربة» على هامش المؤتمر الصحفي لتدشين القافلة الطبية الأخيرة التي سيَّرها أبناء الجالية السودانية بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.. { متى فكرت في الاغتراب؟ عندما أكملت الامتياز في العام «2008» وبعدها عملت في مستشفى أمدرمان وقضيت بها عامًا وبعدها انتقلت إلى المملكة العربية السعودية، عملت بمشتشفى بمنطقة الخبر لمدة «3» سنوات ومنها انتقلت إلى مستشفى تخصصي بمدينة الملك عبد العزيز بالرياض. { ماذا تعني لك الهجرة؟ الغربة شيء كبير وحار وصعب فهي حرمان وبُعد عن الأوطان ولكنها بالنسبة لي إضافة على المستوى الأكاديمي والعملي والمهني وكسب خبرات كبيرة ولكنك تعيش في بلد تكون فيه غريب الوجه واليدين فالهجرة ينطبق عليها القول لا بد مما ليس منه بد، وأنا هاجرت لظروف الأوضاع الصحية في السودان والتي لا تتماشى وطموحات الطبيب الخريج وكله أمل في بناء نفسه وبناء أسرته وتحقيق أهدافه المستقبيلة على المستويين الأكاديمي والمهني، وهذا الأمر لا يتحقق على الإطلاق في ظل هذه الظروف الضاغطة في السودان لذلك يسعى جميع الأطباء في السودان إلى الهجرة إلى الخارج حتى يتمكنوا من تحقيق الأهداف والطموحات التي لطالما يبتغونها لذلك فإن الهجرة أمر لابد منه لبناء المستقبل الأكاديمي والوضع الاجتماعي والمهني وترقية المستوى المعيشي، وللحقيقة كنا نتمنى أن نكون داخل بلدنا حتى نستطيع تحقيق أمانينا وطموحاتنا التي منها إكمال البرامج الخاصة في مجال الجراحة والتخصص ولكن يحدونا الأمل أن هذا بلدنا ومهما بعدنا عنه حتمًا سنعود لنعمل به وسنكون مزودين بكل الخبرات والتجارب التي نرتقي بها في مجالاتنا ونحن نعلم أن المغترب يخرج من بلده مكرهًا ومجبرًا على الغربة وأتمنى أن تكون مدة اغترابي قصيرة وأرجع لبلدي وأنا في الغربة أشعر بأن لمة الأهل والأحباب والأصدقاء إحساس لا يعوض نحن ندفع ثمنه في الغربة ولكننا مضطرون. { متى تشعر بالغربة؟ أنا من الذين واجهتهم صعوبة في تقبل الغربة أو الاندماج في بلد غير بلدي وبالرغم من المشغوليات إلا أنني أشعر بالغربة على الرغم من الوجود الكثير والتواصل الاجتماعي المستمر بين الأطباء السودانيين لكننا في الواقع لا نزال نشعر بالغربة خصوصًا أني أفتقد أسرتي الصغيرة، وكذلك هنالك شعور متواصل بالغربة، والغربة تظل غربة وإن كانت محاطة بكل زخم العلاقات الاجتماعية وبعلاقات العمل وبكل أشكال الحراك الاجتماعي والإنساني بالمهجر { هل لديك خطة زمنية للعودة؟ الإنسان لابد أن يمضي على هدي وخطة ولكني لست من الذين يخططون للهجرة وخطتي لا تتجاوز «7» إلى «10» سنوات أبني فيها نفسي لمواجهة احتياجات الحياة مستقبلاً وأحقق قدرً من تطوير النفس وتأهيلها وليس هناك من يرضى أن يكون بعيدًا وأتمنى أن يتحسن الوضع الصحي في السودان. { وكيف تقييم الوضع الطبي والصحي في السودان الآن؟ الوضع الصحي في السودان قياسًا على ما شاهدناه في المملكة العربية السعودية به مفارقات كبيرة خصوصًا إذا وضعنا في الاعتبار أن الطب في السودان بدأ من عهود بعيدة الأمر الذي يجعلنا نسخط على الإمكانيات المادية لأن كل الكفاءات المتميزة في كل أنحاء العالم لا تخلو من سودانيين ولذلك الوضع الصحي في السودان لا يتناسب مع إمكانات الخارج وهو غير محفز ولا مشجع لأي طبيب حتى يفكر في العودة، لذلك نحن نحتاج إلى تنظيم العمل الصحي لأننا نفتقد الإدارة ونحتاج لمعالجة مشكلة الإدارة ولا بد لنا أن نعد الخطط المستقبلة بعيدة المدى سواء أكانت عشرية أو ربع قرنية حتى يشعر الطبيب المهاجر بعدم الفرق ويعجل بالعودة والانخراط في سلك العمل الطبي في السودان. { كيف تقيم تجاوب وزارة الصحة مع قافلتكم الطبية للنيل الأبيض؟ وزارتا الصحة بالنيل الأبيض والجزيرة شجعتا القوافل ورحبتا وقدمتا كل التسهيلات.. ومثل هذه القوافل تعمل على تقوية أحاسيسنا بانتمائنا لوطننا لأنها تعمل على خدمة إنسان الولاية وإنسان الوطن، وأود هنا أن أسجل إعجابي بالإخوة بصحيفة «الإنتباهة» الغراء التي كانت لنا السلوى وساعدتنا على الاتصال والتواصل بدرجة أقوى وأكبر مع وطننا وتحياتي لكل أفراد الجالية السودانية بالمنطقة الشرقية.