جاءت تصريحات جماعة أنصار السنة المحمدية أول أمس بالتنازل عن جميع المناصب الدستورية التي يشغلها أعضاء الجماعة سواء في حكومة المركز أو الولايات.. جاءت تلك التصريحات بعد أن ظلت الحكومة تعلن مرارًا عن سياسية التقشف للخروج من الأزمة الاقتصادية وتخفيض أعداد الدستوريين وتقليص نفقاتهم، ومع إعلان الحكومة هذا القرار برزت تساؤلات عدة حول من سيطالهم قرار التخفيض من دستوريين من مختلف الأحزاب المشاركة في الحكومة، الأمر الذي خلق نوعاً من الحرج تواجهه الحكومة وهي حتى الآن لم تصدر قرارات بشأن من سيتم الاستغناء عنهم، لذا فقد فتحت هذه التصريحات من قبل الجماعة الباب أمام الحكومة وأمام بقية الأحزاب علها تتبع هذه الخطوة التي وصفها مراقبون بالزاهدة، في وقت ظلت فيه الحكومة تؤكد أن التخفيض سيطول جميع الدستوريين من جميع الأحزاب وتقليص نسبة مشاركتها في الحكومة إلا أن رئيس لجنة العمل بالبرلمان د.الفاتح عز الدين خلال حديثٍ له لبرنامج «مؤتمر إذاعي» اعترف أنه من الصعوبة تقليص الأحزاب المشاركة في الحكومة ومن الصعوبة إبعادها خاصة الحركات التي لديها اتفاق مع الحكومة معللاً بقوله: «إنه لا يمكن أن نستغني عنها لتوفير مليون دولار لتصرف الحكومة عشرة ملايين على الحرب». وأضاف أن الحكومة يشارك فيها «15» حزباً جميعها تحظى بواجهات سياسية وجماهيرية. حديث رئيس لجنة العمل يضع الكثير من الصعوبات أمام تنفيذ قرارات الحكومة بشأن سياسة التقشف مما يؤكد أن الحكومة لا تزال تدرس المخرج من تنفيذ هذه القرارات، وفي ذات الإطار أكدت مصادر داخل الحزب الحاكم بضرورة تقديم وزراء المركز والولايات استقالاتهم طبقاً للخبر الذي انفردت «الإنتباهة» به أمس الأول وأكدت مصادر أن الحكومة بصدد تنفيذ مقترح استقالة الوزراء وذلك تأكيدًا لشعور الوزراء بأهمية المرحلة القادمة. تلك التصريحات كانت بمثابة رسالة واضحة للحكومة وللشعب من قبل جماعة أنصار السنة وذلك بحسب المحلل السياسي عباس شاقوق الذي قال ل«الإنتباهة» إنهم بذلك أكدوا زهدهم من المناصب في سبيل خدمة الشعب وليس حباً في السلطة وإبراز الحس والجانب الوطني لإيصال رسالة لجميع الأحزاب حتى تحذو حذوهم. تنازل الجماعة من جميع مناصبهم أكد أنهم على دراية بمعاناة الشعب ومتطلباته والحديث لشاشوق الذي يضيف أنهم بذلك أكدوا أنهم أصحاب مبادرة وقدوة حسنة أزاحت الكثير من العبء عن الحكومة التي ترجو أن تخطو بقية الأحزاب هذه الخطوة. وبالنظر إلى الدستوريين من أعضاء الجماعة يبرز الأستاذ محمد عبد الكريم الهد وزير الاتصالات إضافة إلى الخير النور المبارك وزير الدولة بوزارة الصحة والدكتور حسين عبد الرحمن وزير الصحة بالولاية الشمالية لدورتين ثم محمد كريم المعتمد برئاسة ولاية الجزيرة الذي يشغل مستشاراً للوالي الزبير بشير طه ومعتمد الرئاسة بحكومة الخرطوم بجانب ذات المنصب في حكومة كسلا. وكانت أول مشاركة دستورية لجماعة أنصار السنة في العام 1995م عقب المصالحة والوفاق الذي جرى بين الجماعة السلفية والحزب الحاكم بعد قطيعة وتوتر في العلاقة كان سببه وقوع الأحداث الدامية التي نفذها الخليفي ومساعديه في مسجد الشيخ أبوزيد محمد حمزه بالثورة الحارة الأولى في العام 1994م. وعلى مستوى التمثيل البرلماني شاركت الجماعة السلفية بقياديَين هما الدكتور محمد الحسن الحاج عبدالرحمن والبروفسير محمد عبد الغفار عثمان خلال دورة المجلس الوطني الانتقالي، تلاهما الدكتور يوسف الكودة كنائب برلماني لدورتين، كان رئيساً للجنة الإعلام والثقافة والسياحة بدرجة وزير قبل أن يتم إسقاط عضويته من المجلس الوطني. على كلٍّ تبقى خطوة جماعة أنصار السنة للخروج من الحكومة دعماً لجهود التقشف بالدولة ووقوفاً مع معاناة المواطن.. رافضة تطبيق قرار رفع الدعم عن المحروقات بحسب رئيس الجماعة، وهذه الخطوة بمثابة سنة انتهجتها الجماعة تأمل الحكومة من بقية الأحزاب أن تنتهجها.. فهل ستفعل بقية الأحزاب أم أن تلك السنة يصعب تنفيذها على الواقع؟.