لا أحد ينكر أن هنالك سخطًا وغضبًا أصاب المواطن جراء تلك الزيادات التي طبقت مؤخرًا والتي طالت السلع الضرورية وتعرفة المواصلات التي وجدت رفضًا وتذمرًا لا يخفيه إلا مكابر، تذمر وانزعاج المواطنين عبَّر عنه عددٌ من طلاب الجامعات بالخروج والتظاهر مندِّدين ومعبِّرين عن رفضهم لهذه الزيادات، ومع تطبيق خطة التقشف التي أعلنها وزير المالية، ومع الزيادات في الكثير من السلع بدأت عدد من التظاهرات من داخل الجامعات منها جامعة الخرطوم، بحسب الشرطة التي فرَّقت عددًا منها ووصفتها بالمحدودة.. كذلك توقع الكثيرون، بحسب دعوات من عدة جهات، أن تعقب صلاة الجمعة احتجاجات من المصلين والخروج إلى الشارع إلا أن ذلك لم يحدث. خروج الناس إلى الشوارع دعوة ظلت مرارًا تتردد على لسان قادة الأحزاب المعارضة التي راهنت على ذلك حال تنفيذ الحكومة قرار رفع الدعم عن المحروقات، وبتطبيق هذا القرار ومع ظهور عدة احتجاجات وصفتها الشرطة بالمحدودة.. إلا أن الحكومة كانت قد صرّحت أن المعارضة غير قادرة على ذلك، فقد قلّل المؤتمر الوطني من قدرة قوى وأحزاب المعارضة على تحريك الشارع للاحتجاج ضد سياسات الحزمة الاقتصادية التي قامت الحكومة بتنفيذها، إلا أن الخروج إلى الشارع والتظاهر ضد الحكومة والمطالبة بإسقاط النظام لا تراه الحكومة واقعًا سيحدث على أرض الواقع، بل وصفه مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب د. نافع علي نافع بأنه مجرد أحلام للمعارضة، ووصف من يتحدثون عن خروج الشعب السوداني والثورة ضد الحكومة بسبب غلاء المعيشة ب «الحالمين»، مضيفًا أن الشعب يعلم ما يريد وكيف يصل إليه، موضحاً أنهم تحرروا من القيود ولن يُستعبدوا بالقمح والإعلام والتهويل والتخويف، وقال: «جزى الله خيراً أهل السودان الذين تمردوا على طواغيت الدنيا ولقّنوا الطوابير الخامسة المنكسرين ومهيضي الجناح وعديمي الإرادة الخانعين للغرب درساً لن ينسوه» ومع تطبيق القرار وزيادة الأسعار الذي وجد رفضًا واستنكارًا من قبل المواطنين أعلن قادة المعارضة رفضهم التام لزيادة الأسعار وتطبيق قرار رفع الدعم عن المحروقات، كان آخرها حزب الأمة الذي جدد تنديده ورفضه لهذا القرار داعيًا الناس إلى الخروج إلى الشارع والمطالبة بإسقاط النظام، إلا أن مراقبين رأوا أن تحريك الشارع والخروج ضد الحكومة يتطلب مقدرة كبيرة على إقناع الشارع الذي لم يثق ولن يثق بالمعارضة التي ظلت تدعوه إلى الخروج مرارًا، واعتبر محللون أنه على الرغم من الرفض القاطع من المواطنين للأوضاع الاقتصادية الراهنة بعد تطبيق سياسة التقشف إلا أن فكرة الخروج والمطالبة بإسقاط النظام ارتبطت بمطالبات أحزاب المعارضة وذلك خلق نوعًا من عدم الثقة، وذلك يصب في مصلحة الحكومة.. إن تكرار مطالبة المعارضة للمواطن بإسقاط النظام أزالت الثقة بين الطرفين. وعلى الرغم من الاحتجاجات والتنديد بغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار فقد وجهت الحكومة للتعامل مع هذه الاحتجاجات بحكمة وذلك بحسب والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر خلال حديثه أمس الأول في مؤتمر صحافي موجهًا الأجهزة الأمنية للتعامل مع تلك الاحتجاجات بتفهم في مقابل التعامل بحزم وإعمال وتنفيذ القانون فى مواجهة الساعين إلى التخريب وإثارة الشغب. على كلٍّ، يبقى المواطن ما بين تحدي الحكومة وثقتها فيه ومابين دعوة المعارضة إلى الخروج للشارع وإسقاط النظام.. فمن سيربح: الحكومة التي راهنت أم المعارضة التي تطالب؟!