تخضع الكثير من الأحاديث في المجتمعات إلى التحريف والتشوهات رغم ارتباطها بالشرع والدين ومنها قضية عرض الأب ابنته للزواج ممن يشهد له بحسن الخلق والدين ويقول المثل المصري «اخطب لبنتك قبل أن تخطب لابنك» لأن زواج البنت له تبعات كثيرة ويقع دومًا على مسؤولية الأب، ودعا لذلك العضو البرلماني الشهير دفع الله حسب الرسول فهل تصبح عادة في المجتمعات السودانية؟! مربوط بالشرع الأستاذ محمد الهادي محامي.. ابتدر الحديث قائلاً: اتفق كثيرًا مع المثل القائل اخطب لبنتك ولا تخطب لولدك وفي اعتقادي أن الأمر به شجاعة لا يقدم عليها أولياء الأمور اليوم فقد ينظر إليها المجتمع نظرة بها انتقاص من كرامة الفتاة وهذا مفهوم خاطئ.. فقد فعلها شعيب مع موسى عليهما السلام من قبل حينما قال له: «إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هتين» وكذلك عندما ساق سيدنا عمر بن الخطاب ابنته حفصة من يدها بعد ما أكملت عدتها بعد استشهاد زوجها عبد الله وعرضها لسيدنا أبو بكر وعثمان فالقضية ليست بالجديدة وهي مربوطة بالشرع ونجد أن المفاهيم الخاطئة والعادات والتقاليد التي سادت المجتمع صارت أهم من الدين للأسف. شيء من الحرج وتؤكد سهير عثمان طالبة.. أن الأمر به شيء من الحرج للفتاة برغم أن اختيار الأب قد يكون صائبًا وبه نوع من الحكمة لأن اختياره مبني على أساس الدين والأخلاق، ولكن المؤسف أن الأب الذي يتصرف هكذا يسخر منه المجتمع فكم من فتاة عرضت نفسها للزواج من شخص يخاف الله في المساجد، وكان رد الفعل تخوف الرجال منها فكيف إذا عرض أب ابنته للزواج، عن نفسي برغم أن الفكرة جيدة لكنني أتخوف أن يهزاء بي هذا الشخص لذلك لا أحبذ أن أوضع في هذا الموقف. أوافق بشدة ترى «م.ح» والتي فضّلت حجب اسمها أن الأمر ليس به حرج خاصة اليوم نسبة لارتفاع معدل العنوسة في البلاد العربية بصورة عامة ولأن الوالد دائمًا يبحث عن مصلحة أبنائه ومن المستحيلات أن يفعل شيئًا ليس في مصلحته وهذه غريزة وفطرة أبوية وعن نفسي إذا خطأ والدي ذات الخطوة فأنا لا أمانع بل سوف أرحب بها لقناعتي بأنه سوف يختار الشخص الأمين القوي وصاحب الخلق حتى ولو لم يكن يملك مالاً وهو ما ترغب فيه كل فتاة. تغير مفاهيم يوسف الحاج موظف قال: إن مفاهيم المجتمع تغيرت كثيرًا رغم أن الموضوع طبيعي، ولكن نظرة المجتمع له تجعلها كأنها سلعة تباع وتشترى ولو فرضنا أن شخص عرض بنته أو أخته والشخص الثاني رفض سيشعر الوالد بالحرج، ولو حصل ووافق الشخص المعروض عليه الزواج أعتقد أن أهل البنت لا يستطيعون طلب مهر أو أي متطلبات أخرى على أساس أنهم يشترون رجال وهم من عرضوا بنتهم عليه وفي اعتقادي أن هذا الطلب لو كان لشخص من الأهل والأقارب كان أفضل لأن كل الطرفين يكون على دراية بالآخر حتى لو من بعيد. رأي الدين مولانا محمد أحمد كباشي تناول القضية قائلاً: إن الإسلام بيَّن للمرأة وأهلها شروط اختيار الزوج فقال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير».. وقد ذكر الرسول «صلى الله عليه وسلم» في هذا الحديث أمرين هما الدين والخلق، فالخلق من الدين وقد خصه رسول الله من دون الصفات وبيّن مولانا محمد أن من هدي السلف أن يخطب الرجل لابنته وليس شرطًا أن يخطب الرجل زوجته، بل أحيانًا الوالي هو الذي يخطب لابنته إذا رأى رجلاً صالحًا ذا خلق ودين كما فعل الرجل الصالح مع سيدنا موسى عليه السلام وكما فعل سيدنا عمر بن الخطاب عندما توفي زوج ابنته حفصة عرضها على عثمان فأبى فعرضها على أبي بكر فلم يرد عليه لأنه سمع النبي «صلى الله عليه وسلم» قد ذكرها.