كثرت في الآونة الأخيرة لافتات تحمل اسم (مكتب..... للاستخدام الخارجي) وهي مكاتب تعنى بتقديم الخدمات للراغبين في السفر خارج البلاد وذلك عبر تعاقد تلك المكاتب مع شركات كبرى ووزارات بالدول المعنية، ورغم أن هناك عددًا من المنتفعين من تلك الخدمات إلا أنه وبالمقابل هناك فئات أخرى كانت ضحية لمكاتب وهمية.. (الإنتباهة) قامت بجولة وسط أصحاب تلك المكاتب وعدد من روادها للوقوف على طبيعة عملهم، والتقت عددًا من الشباب الذين كانوا ضحية لنصابين يعملون تحت مسمى مكاتب استخدام، وكان لا بد لنا من الوقوف على ماهية تلك المكاتب ومدى قانونيتها فكان حريّ بنا الذهاب إلى وزارة العمل وتحديدًا للإدارة العامة للاستخدام الخارجي لمزيد من التوضيح.. «م. ع» شاب في مقتبل العمر حاله حال الكثيرين من الشباب من حملة الشهادة الجامعية، لم يترك بابًا إلا وطرقه في رحلة بحثه عن وظيفة، وعندما باءت كل محاولاته بالفشل قرَّر أن يطرق بابًا آخر وهو التحليق خارج سرب الوطن، وكان قد التقى بشخص ما أكد له أنه يتبع لمكتب استخدام أثناء جولاته الماكوكية بحثًا عن وظيفة فزيَّن له ذلك الشخص حلم الاغتراب وصنع له (من البحر طحينة) ووعده بوظيفة (معتبرة) بإحدى دول الخليج العربي فما كان من (م) إلا أن انقاد له طوعًا وقام بتسليمه «صور» من شهاداته وأوراقه الثبوتية مع مبلغ من المال (500) جنيه كعربون لعقد العمل والتأشيرة الذي منه وفي الموعد المضروب بينهما ليكمل (م) بقية المبلغ نظير استلام العقد بدأت المماطلة والتسويف من ذلك الشخص (الليلة وبكرة) مصحوبة بأعذار واهية وفي نهاية المطاف قام بإغلاق هاتفه الجوال واختفى عن الأنظار.. تقول والدة (م): «ذهب ابني إلى المكتب الذي كان يلتقي فيه ذلك الشخص فتبيَّن له أنه كان مكتبًا وهميًا». ولمصطفى رواية أخرى فمصطفى ذهب عن طريق فيزا حرة ولكن بمجرد وصوله البلد المعنى لم يجد شخصًا بانتظاره وتوالت بعدها الأحداث ليعرف أنه وقع ضحية نصب واحتيال بعد أن باع كل ما يملك للسفر. توجهت (الإنتباهة) إلى مكتب «الأسرع للاستخدام الخارجي» والتقت المدير العام للمكتب الأستاذ/ خليل عباس عووضة فتحدَّث عن فكرة إنشاء المكتب وطبيعة العمل ومدى الإقبال عليه، يقول عووضة: كنت أعمل ببنك الرياض بالمملكة العربية السعودية ونسبة لبلوغ أبنائي مرحلة من العمر تتطلب وجودي بينهم آثرت العودة للسودان وقمت بفتح وكالة «الأسرع» للسفر والسياحة في عام «2000م» ولم تكن لدي خبرة في هذا المجال فحاصرتني الديون واضطررت لبيع ممتلكاتي ومنها قمت بتحويل الوكالة لمكتب استخدام خارجي في عام «2004م» وكانت إجراءات فتح المكتب كالآتي: نأتي بترخيص من وزارة العدل مكتب السجل التجاري وفقًا لقانون تسجيل الأعمال «1931م» ليتم منحنا الاسم التجاري وعن طريق مكتب العمل تتم معاينة المكتب والسجل الشخصي (الفيش) وعدم وجود متأخرات ضريبية.. ونحن هنا في مكتبنا هذا غالبية تعاملنا مع المملكة السعودية بنسبة «90%» من جملة معاملاتنا ويكون التعامل كالآتي: هذا المكتب يكون لديه تفويض من الجهة المعنية مثلاً هنالك شركات تطلب عمالة فتحضر لنا تلك الشركة كل الأوراق الثبوتية حتى نتأكد من واقعيتها وأنها غير وهمية فنذهب نحن بدورنا لمكتب العمل وبعد اطلاعه على ملف الوظائف يسمح لنا بالنشر في الصحف عبر إذن مصحوب برقم متسلسل بعدها تكون هنالك معاينة للمتقدمين للوظائف بحضور مندوب الشركة المعنية وصاحب مكتب الاستخدام ومندوب من مكتب العمل، عليه نقوم بإجراءات السفر نيابة عن الأفراد الذين وقع عليهم الاختيار بدءًا من جواز السفر والفيش ونطلب منه فحصًا طبيًا وخلو طرف من الخدمة المدنية وكذلك آداء الإلزامية، ونقوم بتقديم كل الأوراق المطلوبة للسفارة وفي تعامل بينها وبين مكتب العمل نُمنح الموافقة التي بموجبها (نعمل الخروجية).. ودائمًا نفضل العمل مع الأشخاص المطلوبين بعينهم لوظائف ولا بد للمخدم من عمل كل الإجراءات التي تتعلق بدولته حتى تتم موافقة الخارجية هناك بعدها يذهب لأي مكتب استقدام بدولته ويقوم بتفويض مكتبنا رسميًا (حتى لا يقع ضحية للاحتيال والنصب).. ونظام السفارة السعودية نظام جميل ومنظم فالشخص المطلوب للخدمة يوجه إليك بالاسم ولا يمكن لمكتب أن يأخذ تفويض مكتب آخر وهذا يتم عبر شبكة الإنترنت وأرقام سرية وكود لا بد أن يتطابق مع التفويض. وتنحصر مهمتنا في تسهيل الإجراءات نيابة عن الأفراد ونجنبهم شر الوقوف في الصفوف نظير عمولة متفق عليها وذلك عبر مناديبنا المعتمدين لدى السفارة ويتم التعامل عبر (صندوق ومفتاح) نودع أوراقًا ونستلم أوراقًا دون وسيط. أما عن قولكم إن بعض المكاتب تبيع الوهم للشباب فهي في الأصل تكون مكاتب غير مرخصة، فعلى الشخص أن يتأكد من قانونية المكاتب التي يتعامل معها (فالقانون لا يحمي المغفلين). وعبركم أرفع صوت تظلم للمحلية فنحن ندفع ضرائبنا بانتظام ولكن نعاني من كثرة الجبايات من عوائد ورسوم نفايات وهذه الأخيرة بلغت «100» جنيه في الشهر رغم تعاقدنا مع المحلية على مبلغ «30» جنيهًا شهريًا هذا غير الإيجار (مليون ونصف) فمن شروط التصديق أن يكون المكتب في موقع جيِّد ومهيأ للعمل. ولمكتب «الإيثار للاستخدام الخارجي» طريقة أخرى في مزاولة المهنة حيث يقول مديره العام بدر الدين عمر محمد نور: غالبية تعاملنا مع المملكة العربية السعودية ويتم ذلك عبر تعاقدنا مع وزارة الصحة بالسعودية وبعض الشركات الكبرى.. حيث تقوم الجهة الطالبة للوظائف بتفويضنا بناء عليه نذهب بالتفويض لمكتب العمل لموافقة الجهات المختصة وبعد الإجراءات المتبعة والإعلان عبر الصحف نتلقى الطلبات من الراغبين ويتم تحديد يوم للمعاينات، فمثلاً إذا كانت الجهة الطالبة وزارة الصحة يتم إرسال لجنة مكوَّنة من «15» فردًا يرأسها شخص بصلاحية وزير لإجراء المعاينات بإشراف مكتب العمل وحضور مكتب الاستخدام. وللمكاتب الكبيرة تخصصات معيَّنة وعندما يأتي إلينا شخص طالبًا وظيفة ليست من اختصاصنا نقوم بتحويله إلى مكتب مناسب.. والحق يقال إن المغتربين السابقين كان لهم الفضل في إقبال السعوديين على العمالة السودانية لما اتصفوا به من صفات وخصال حميدة.